كتّاب

الكامل…


الكامل

نورٌ على نور القصيدة يهطلُ
والحبُّ فوقَ غصونها يَتَبَتَّلُ

نورٌ على نورٍ وكلُّ قصيدةٍ
إنْ لم يُبارَكْ نورُها لا تُقبَلُ

هذا مقامُ العارفينَ و ها أنا
من دهشةِ المعنى خجولاً أَدخلُ

في الحضرةِ العظمى وقفتُ بلا فمٍ
إنَّ السكوتَ هنا أجلُّ و أجملُ

يا سيّدي والحبُّ أوّلُ شاعرٍ
مِن أينَ للشعراءِ أنْ يَتجمَّلوا

هبْ لي لساناً من جلالكَ ريثما
ينمو بوديانِ الكلامِ قرنفلُ

ها دمعةً في القلبِ تَقرأُني على
حسّان والأَبُ في ابْنهِ يَتَمَثَّلُ

إنّي أحاولُ أنْ أراكَ كما يرا
كَ أبي ولكنّي أهَابُ وأخجلُ

هذا الزمانُ أقلُّ من أحلامِنا
و غَدُ الأماني والسّلامِ مُؤجَّلُ

خذ يا صباح الخير مني رشفةً
و دع الرياحَ الجاهليِّةَ تَسْعُلُ

عُدْ خُطوتين إلى الطُّفولةِ حيث لا
لهوٌ على خطواتِها يَتَطَفَّلُ

اللهُ كان هنا يُربّي أوّلَ ال
أسماءِ واسمُكَ يا محمدُ أوّلُ

طفلٌ غزيرُ الأبجدية وارفٌ
والغيمُ فوقَ خيالهِ يَتَنَقَّلُ

من نونِ آمنةٍ تَدلّى خاتما
للكونِ، إنّ النّون سِرٌّ مُوغِلُ

في النّورِ في النّاموسِ في الإنسانِ
في الرحمنِ في القرآنِ في ما نفعلُ

يا أخصَبَ الأطفالِ إنَّ حليمةً
عن ظلّ صُورتِها بعينِكَ تَسْأَلُ

مَنْ قالَ للصُّبحِ اليتيمِ بأنّني
في الغيبِ أُمٌّ للنّهارِ و مَنزِلُ

و كَبِرتَ يا ابنَ النّجمتينِ بلا أبٍ
لتكونَ أوّلَ والدٍ لا يَأفُلُ

أولادُك الأيتامُ حولَكَ أنجمٌ
لا قهرَ يَحجُبُها ولا تَتَمَلْمَلُ

في غُربتينِ رفيعتينِ تسيرُ يا
وطنَ الجميعِ كما تشاءُ و نأمَلُ

لمْ يلتفتْ حجرُ الخليلِ لواقفٍ
إلا إليكَ لأنَّ حكمَكَ أعدَلُ

يا فرحةً وَسِعتْ دموعَ زمانِها
وتَوَسَّعتْ فوقَ الذي نَتَخَيَّلُ

أطعمتَ كلَّ فراشةٍ ألوانَها
والطيرُ في شُبَّاكِ قلبِكَ يرفُلُ

يا أولَ الثوَّارِ إصراراً على
إسقاطِ كلّ خُرافةٍ لا تُعقَلُ

وبدأتَ بالأصنامِ من بشرٍ لكي
لا يَسْتَبِدَّ بنخلِ مكةَ مِعوَلُ

يا غافراً للقريتينِ وتاركاً
ليلَ القبيلةِ فيهما يَتَجَوَّلُ

من قلبِ هاجرَ قد خرجتَ مُهاجِراً
وسيوفُ أهلِك عندَ بابِك تَصهلُ

إنّ الطريقَ إلى المدينةِ جَنَّةٌ
و اللهُ يزرعُ قمحَها و يُسَنبِلُ

ومضى الرسولُ فكان أعظمَ طالعٍ
لتكونَ يثربُ خيرَ مَن يَستَقْبِلُ

الصّدقُ والصِّدِّيقُ يَختَصِرَانِ في
حُزْنَينِ ما لنْ يُدرِكَ المُسْتَعجِلُ

بالرّيحِ كان الرّملُ يَغسِلُ وجهَهُ
والرملُ بالنِّورِ الشَّريفِ مُبَلَّلُ

وحمامةٌ بيضاءُ باضَتْ قلبَها
والعنكبوتُ دَماً تَخِيْطُ و تَغزِلُ

كان الهُدى يطوي المسافةَ والندى
يروي المسافرَ والمدى يَستَبْسِلُ

والوقت خصبٌ بالأناشيد التي
في السطح تشرب زهوها وتُهَلِّلُ

نوَّرتَ نوَّرتَ المدينةَ و اْلتقى
النَّهرانِ و انْهَارَ الظّلامُ المُسْدَلُ

يا قهوةَ الجيرانِ إنّ مزاجَنا
هذا الصباح بمَنْ نُحِبُّ مُعَدَّلُ

مطرٌ إلهيُّ بفضلِ محمدٍ
و الطينُ مسكٌ و الهواءُ مُعَسَّلُ

بك يا رسول اللهِ أعشبَ وقتنا
و جرى على بالِ الأماكنِ جدولُ

كُنَّا وكان الموتُ يأكلُ تمرنا
واليومَ من خُبزِ السّلامةِ نَأكُلُ

لكَ ما تُريدُ من البلادِ وأهلِها
ولكَ الفضيلةُ غيرَ أنَّكَ أفضلُ

لكَ نُبْلُنا و نِبَالُنا و عقولُنا
وحقولُنا و الحالُ و المُتَحَوِّلُ

مِن قبلِ أنْ تَلدَ المدينةُ نفسَها
ورضاكَ يرسُمُ أهلَها ويُشَكِّلُ

مِن قبلِ أنْ يَجِدَ الوجودُ عيونَهُ
ومحمدٌ بيدِ الإلهِ مُكَحَّلُ

لم تعرفِ الألواحُ قبلَ حروفِهِ
لغةً ولا قرأَ المشيئةَ مُرسَلُ

يا سُكّرَ الدنيا وملحَ طعامِها
ما طابَ للفقراءِ قبلَكَ مَأكَلُ

وزرعتَ للأرواحِ كلّ حقوقِها
والحقُّ يشهدُ أنَّ زرعَكَ أكملُ

علَّمْتَنا أنَّ النساءَ شقائقٌ
كي لا يصادرَ حقهنَّ مُغَفَّلُ

ولقد تركت لكل مئذنةٍ فماً
وبكلّ وجدانٍ تألّقَ بُلبلُ

عقدينِ بالذَّهبِ الهدى أثَّثْتَها
و مضيتَ ظمآناً و روحُكَ تَهْطُلُ

غفرانَ نورِكَ إنَّني يا سيّدي
أَعمَى و مفتاحُ الكلامِ مُعَطَّلُ

ضاعَ الطريقُ إلى الكرامةِ وانْحَنَى
رأسُ الزمانِ وطأطأَ المُسْتَقبَلُ

و الأمةُ العُظمى أقلُّ من اسْمِها
وأذلُّ ما فوق التراب و أجهلُ

يا نهرنا الأبديّ إنّ ضفافنا
عطشى وماء الطائفية مُوحِلُ

عربٌ ولكنّا ندوسُ وجوهَنا
و نخونُ سُكّان الصلاةِ و نَقْتُلُ

تغتالُنا الكلماتُ أو نغتالُها
فَنَضُمُّ خلفَ دموعِها و نُسَربِلُ

كلٌّ يُفلسفُ للنصوصِ وضوحَها
و يُؤوِّلُ المعنى لها ويُؤصِّلُ

و أنا الشهيدُ أنا الشريدُ كما ترى
وأنا الأسى و الضَّائعُ المُتَجَوِّلُ

أشكو إليكَ من الحياة وأهلها
إنَّ التَّطرُّفَ فوقَ ما نَتَحَمَّلُ

يا كاسرَ الظلماتِ ما لسوادِنا
لا يمَّحي و شموسِنا لا تعملُ

صلى عليك الله ملء قلوبنا
والكون ما دخلَ الكتابَ مبسملُ

عامر السعيدي


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى