كتّاب

السويس: ملحمة صمود مدينة…


السويس: ملحمة صمود مدينة
فى صباح الخامس من يونيو 1967، شاهد أهل السويس الطائرات الإسرائيلية وهى تمرق فوق رؤوسهم لتدمر المواقع العسكرية المصرية حولهم، بينما الراديو يعلن أن الطائرات الإسرائيلية تتساقط، غير أن تلك البيانات الصارخة لم تبدد وحشة جو يونيو الخانق وفى المساء غرقت المدينة فى ظلام دامس فقد عرف الناس أن جحافل الصهاينة قد وصلت إلى الشاطئ الشرقى للقناة، وجاءت الأوامر بالتهجير فهاجر من خاف على أولاده الصغار ومن فقد باب رزقه، ومن أرسل أولاده لمكان آمن فى وادى النيل وعاد، وظل الكثير من أهل السويس الأبطال بالمدينة يشدون من أزر الجنود المصريين ويتصدون بصدورهم العارية لمدفع نقطة عيون موسى الحصينة الرهيب ” أبو جاموس” – أطلق عليه الناس أبو جاموس لأن دانته الرهيبة تصدر صوتا يشبه خوار الثور وهو يشق الفضاء – وذاب الجميع فى مدينة السويس التى أصبحت فى حاجة إلى ابنائها جميعا بلا تمييز ضباطا وجنودا وعمالا وصيادين وأرزقية وناس على باب الله، يشعرون أن وجودهم بالمدينة وبجوار الصامدين فى خنادقها ودشمها من الضباط والجنود هو واجب حربى لايقل فى أهميته عن القابضين على بنادقهم ومدافعهم، وشعور بالألفة ومواجهة خطر الدانات المنهمرة التى لا تفرق بين مدنى وعسكرى، ورغم الموت والدماء والقذائف المنهمرة فقد راح كابتن غزالى وأبطاله “السمسميون” – إن صحت التسمية – يحيلون ليل المدينة ومقاهيها ومخابزها القليلة وخنادق جنودها إلى صخب عامر بالحب والأمل والمستقبل وهم يغنون:”ياريس البحرى يا مصرى
يا أبو العرق مصرى
يا أبو الكفاح مصرى
هات الدراع
دا بحرنا وابن البلد صياد
قول للقمر لو فات هنعدى ونحارب
نفرش رمال الصحرا بالحنة”،
ويغنون:
” فاكرينك يا سينا ياقصتنا الحزينة
لنلون حصاكى
بدم أعادينا
وعضم إخواتنا نلمو نسنوا ونعمل منه مدافع وندافع
ونجيب النصر هديه لمصر وتحكى الدنيا علينا ”
“وفات الكتير يا بلدنا مابقاش إلا القليل”.
ويغنون: ”
يا حمام روح قوام لجمال
بوس خدودو وقوله جنوده اشتاقوا والله للقتال،
ومع هذا يغنون أيضا: ”
بتغنى لمين ولمين ياحمام
ياورد على فل وياسمين
ياعود ريحان ذان البستان
بغنى للناس الحلوين متجمعين أهل وخلان
/ياسلام يا سلام،”

وضربت السويس المثل فى التصدى والصمود والتلاحم الوطنى بين المدنيين والعسكريين/ ولذلك فكان من الطبيعى أن يرحل إليها العشرات من الفنانين والأدباء والشعراء يقيمون المعارض الفنية ويلقون المحاضرات ويستلهمون من أهلها أبلغ معانى الفداء والتضحية والثبات على المبدأ والتمسك بالأرض، ويعيشون مع الناس البسطاء فى بيوتهم ومقار عملهم ويقاسمونهم الزاد القليل والفراش الخشن، ويساعدونهم بالنهار فى بناء ماهدمه مدفع أبو جاموس بالليل ومن خلال تلك المعايشة خرجت تلك الأغنية الرائعة لمحمد حمام ومن تأليف عبد الرحمن الأبنودى وألحان إبراهيم رجب”:
يابيوت السويس يابيوت مدينتى/ استشهد تحتك وتعيشى انتى/
وإن عشنا وانا كنت شديد متعافى/
انا لاحمل طوبك على لحم كتافى
وأقضى يومى عرقان وحافى/
وأن قدمى اتعفر فى الرمل الاصفر
لأغطس قدمى فى البحر الصافى/
وتعودى أحسن من يوم ما كنتى/ يابيوت السويس.”
ويغنى سيد مكاوى من تلحينه وكلمات كمال عمار:
” يابلدنا الفجر مادنة ونار بنادق
طل م الدشمة ونور فى الخنادق
مهما كان الظلم طاغى انتى اكبر
والامانى بين ايديكى ياسويس ياسويس”

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى