قضايا المرأة

“- ليه في حاجة اسمها “برّ الوالدين” بس مفيش حاجة اسمها “برّ الأبناء” .. ولاّ علش…


“- ليه في حاجة اسمها “برّ الوالدين” بس مفيش حاجة اسمها “برّ الأبناء” .. ولاّ علشان الأهالي مش بيغلطوا؟” – سلمى (مسلسل الهرشة السابعة)
——————
علاقات الأبناء وعائلاتهم خط أحمر كبير، وحقل ممتلئ بألغام نظرًا لمجتمعاتنا التي تعشق مُمارسة الأبوية والفوقية، ولا ننسى تفسيرات المجتمع عن ضرورة إعلاء مكانة الأهل وخاصة الوالدين اللذيْن تقع تحت أرجلهم الجنات والرحمات وصلاح حياتك بلا عُكوسات.

تبجيل قد يصل لمنزلة الإله، لذا فكل ما يفعله الآباء والأمهات – مهما كان – مُبرَر، ويحمل صكوك غفرانه للأبد…

في رمضاننا 2023 يطرح مسلسل “الهرشة السابعة” معضلة الأب والأم اللذان قررا الإنجاب سريعًا وهم غير واعين بأهمية هكذا قرار، بل التخلّي عن ابنتهم الوحيدة مرتين، مرة بإجبارها على العيش في حياة زوجين منفصلين بمجرد ولادتها كأنها هي اللعنة التي أصابت البيت السعيد …

ومرة عندما قرّر أبوها وأمها التعامل كأنها غير موجودة، فهجروها ورحلوا .. لا يعرفون عنها أبسط المعلومات، وهي لا تعرف حتى ماذا يعملون لكسب عيشهم؟ وأين يعيش كل منهم؟

تعلّمت ابنتهم “سلمى” معنى اليُتم، أن تعتمد على نفسها في كل شيء، واضعة ابتسامة ثابتة عند كل نقاش وكل مشكلة مُخفيةً بها صراع مشاعر لا تعرف لها اسم، تعلّمت أن تختار طريقها وسط مخاوف الهجران واستغلالها في مجتمع سيأكلها حية لمجرد أنها “امرأة” وحيدة و”ملهاش ضهر” من وجهة نظرهم، منتظرين في تحفز أي غلطة تقع فيها بوعي أو بدون.

تحمل “سلمى” عبئها الثقيل محيطةً نفسها بعائلةٍ بديلة، في محاولة منها أن تُدفئ البرودة الأبدية في عظامها مكملةً طريقها في الحياة، قوية مستقلة تبحث عن حب حقيقي.

لتجد نفسها فجأة أمام والدتها التي انشقّت الأرض عنها بعد سنوات وسنوات، سيدة متأنقة جاءت بدون دعوة لتحتفي بابنةٍ لا تعرفها، جاءت لتقلب تفاصيل يومها الجميل وتُذكّرها بالأذى …

ولم تكتفِ بهذا، بل لاحقتها لبيت الزوجية تسألها في حيرة عن لماذا تتجاهلها ولا ترد على إتصالها ولا ترتسم على وجهها ابتسامة لرؤيتها أو ترتمي في حضنها …. أهذا كله بسبب “التوترات البسيطة” بينهما!!! يالها من فتاة عاقة حقًا!

——————
“- شايفة إن أنا تمام طول ما همّا بعيد عني، اول ما قرروا يدخلوا حياتي الدنيا اتقلبت ….
أنا مش عايزاهم في حياتي .. معنديش أي حاجة أقولهالهم .. ولا عايزة أعرف عنهم أي حاجة … مش عايزة أتكلم علشان كدا كدا مش هاتفِهم” – سلمى ”
——————

هذه الأم ببساطة استغلّت بصفاقة رصيدها من الأحقية التي يمنحها لها المجتمع بكل سلاسة، إنها الآن تُطالب بحقها كأم في ابنة لم ترعَها يومًا، لم تشهد مراحل نموها واحباطاتها ومصادر سعادتها، هذه السيدة -وأمثالها من الآباء والأمهات – ببساطة يُطالبون بحق وجود اسمهم “في شهادة ميلاد أبنائهم”

ضاربين في مقـــ.تل كل محاولات الأبناء في التأقلم، في إصلاح ما فسد من حياتهم ونفسياتهم، في البحث الجاد عن أنفسهم الحقيقية تحت تلّ الألم والخذلان، في سلاسل الزيارات للمعالجين النفسيين وأدوية العلاج النفسي فقط ليستطيعوا إيجاد وَصف لمشاعرهم وفك تشابكها بعدما صمتوا كثيرًا …

وكل هذا ببساطة لأن أحد الأبوين -أو كلاهما – قرروا الظهور الآن لذا سيفعلون! .. عن أي حقوق أخرى تتكلم إذًا يا هذا؟!
——————
“دايمًا بيقولوا تقدر تعرف الشخص من علاقته بأهله، طيّب افرض أهله دول ناس مش كويسين؟ .. أو ناس أنانيين؟ .. ” – سلمى
——————

منطقي أن يُخطئ الأباء والأمهات فلسنا ملائكة، ولكن مراجعة النفس باستمرار ومحاولة إصلاح العلاقة بينهم وبين أبنائهم واجب وليس تفضّل …

ولنُدرك أن ثقافة المسامحة – التي لم نتعلمها – هي في الحقيقة أن نطلب الغفران بصدق وننتظر .. ننتظر المسامحة التي قد لا تأتي .. فعدم المسامحة ليست “قلة أصل”.. بل من الوقاحة أن نطلب الغفران اللحظي عن كل أفعالنا سواء التي اعتذرنا عنها أم لم نعتذر.

كتابة: أمنية إبراهيم

#الهرشة_السابعة
#مرصد_دراما_رمضان
#رمضان_2023
#علاقات_آمنة
#قسم_السينما_والدراما
#سوبرومن


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫2 تعليقات

  1. أيْ! مقال في الجون وربّي!👍🏽
    المشاهد دي أصلاً فتحت جروح بنحاول نتعامل معاها من سنين والله!😖

    وبالفعل ثقافة الغفران أو المسامحة دي غايبة عن ناس كتير في مجتمعاتنا، وخصوصًا الوالدين، يا إما ما يعتذروش أصلاً ويرفضوا الاعتراف بالخطأ، أو يعتذروا على مضض ومتوقعين تتم مسامحتهم فوري ومهما كان الخطأ!🙄
    تمنياتي بالراحة والسَكينة لكل الأبناء الذين يعانون مع عائلاتهم 🙏🏽

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى