كتّاب

الحوثيون في المتاهة…..


الحوثيون في المتاهة..
لماذا يهرب عبد الملك الحوثي إلى الحروب؟
مروان الغفوري
——-

يمثل الحوثيون أقلية داخل الأقلية، وهي الحقيقة الديموغرافية التي تطاردهم دائماً. فبمجرد أن تسلم بن مبارك، مدير مكتب هادي السابق، مسودة الدستور اعتقله الحوثيون، ولم يمض سوى وقت قصير حتى أعلن قائد الحركة التعبئة العامة. أشعل الحوثيون الحرب الراهنة لكي يوقفوا السياسة، ويخربوا مجالها الحيوي. فالسياسة هي أكثر الأشياء التي يتحاشاها الحوثيون، إذ يدركون أن الديموقراطية ستحيلهم إلى جماعة صغيرة في البرلمان، عالية الصوت وقليلة التأثير. هذه الصورة لا معنى لها لدى عبد الملك الحوثي، فليس من عقائده أن يكون زعيماً لأقلية برلمانية. في الأسبوع قبل الماضي حشد الحوثيون وصالح كل ممكناتهم للسيطرة على انتخابات الجالية اليمنية في غرب ألمانيا، وكانت النتيجة تتساوق مع المنطق والزمن. فأعلى رقم حصل عليه مرشح من قائمة تحالف صالح -الحوثي بلغ أقل من نصف أصغر رقم في قائمة جماعة 11 فبراير. كانت انتخابات مشهودة تابعها اليمنيون في عموم ألمانيا.

يفرون إلى السلاح لأن السياسة ستصيبهم في مقتل وستحيلهم إلى أناس عاديين،ثم جماعة قليلة الوزن،وذلك هو ما يخيفهم أكثر وما يوجع عظامهم. فهم اليمنيون وهم الشعب اليمني وهم الحق وهم الإرادة التاريخية ولا داعي لاختبار هذا الزعم! لذا فقد أشعلوا الحرب قبل وقت قصير من الدعوة للاستفتاء على الدستور وتحديد موعد أول جولة انتخابات عامة ورئاسية!

لا يمكن التنبؤ بالصورة النهائية التي سينتهي بها حوار الكويت، بيد أن الإشارات الأولية تقول إن الحوثيين يخطئون من جديد في تقدير الموقف الدولي والإقليمي. قبل عاصفة الحزم أشعل الحوثيون وحليفهم صالح هذه الحرب، وتفاجأوا بها. فقد كانت تقديراتهم تذهب إلى أن الإقليم، والمجتمع الدولي، سيقبل في الأخير صيغة ما من التعايش والتواصل معهم على أن يقدم الحوثيون رشوة دولية تتعلق بخبرتهم في تحقيق ذلك النوع من الامتثال الإجباري الشامل، أو ما يقدمونه بوصفه نموذجاً ناجحاً للأمن. وهي حالة أمن، مثالها صعدة، لا تمنع وقوع الجريمة وحسب، بل تلغي السياسة والتنوع وتسوي الحريات بالأرض.

بالاتكاء على شبكة صالح، ذات الخبرة السياسية، اعتقدوا أن بمقدورهم أن يتنكروا ذهاباً وإياباً: تندس شبكة صالح داخل حشودهم العسكرية، ويندسون هم في الواجهة السياسية التي وفرها صالح ويخوض الطرفان الحرب والسياسة معاً. سرب مكتب الأمير محمد بن سلمان معلومات عن تحذير تلقاه صالح من السعوديين بعدم الاقتراب من عدن، لكنه وحليفه ضربا بذلك عرض الحائط. اعتقد الرجلان، الحوثي وصالح، أن ذلك التحذير يشبه نوع الرسائل التي وصلتهما في حرب 1994 وهما في المكان نفسه، صالح والإماميون: على مقربة من عدن. يدرك الحليفان الآن أنهما أساءا تقدير الموقف الدولي، وأن الكلفة كانت باهضة، ويتجهان إلى سوء تقدير جديد.

الإشارات التي أرسلها الحوثيون في طريقهم إلى الكويت، لاحظناها في تعليقات مدير مكتب الحوثي وعضو فريق الحوار كما في تعليقات آخرين، تقول إنهم يقتربون تدريجياً من قناعة مفادها أن السعودية ملت الحرب، وأنها ستقبل بنتيجة توفر لها الأمن على الحدود، وستدير الظهر لباقي المعركة، وبذلك سيعيدون الكرة أو سيخلقون نوعاً خاصاً من السلام مع اليمنيين وفقاً لشروطهم.

صار الحوثيون، حالياً، خارج مناطق الجنوب، وهي تمثل ما نسبته ٦٠٪ من مساحة اليمن. كما أصبحوا خارج أكثر من ٣٠٪ من جغرافيا الشمال، بالنظر إلى أن مساحة محافظة الجوف تشكل ٢٠٪ منها. ثمة أمر لا يقل أهمية، فهم يعانون عزلة ضاربة داخلياً وخارجياً. وبمقابل الإشارات التي يرسلونها جاءت إشارة صارمة من الخليج عبر الإعلان عن تشكيل دوريات بحرية خليجية ـ أميركية مشتركة ستكون مهمتها مراقبة الطرق البحرية إلى اليمن باستمرار. ثمة إنذار بعزلة طويلة المدى، وهي الرسالة التي يبدو أنها وصلتهم في الوقت المناسب.

يدرك الحوثيون أنهم محاصرون في الكويت، فهي أيضاً دولة تشارك مقاتلاتها العسكرية، حوالي ١٥ مقاتلة، في الإغارة على تجمعات الحوثيين منذ عام كامل. محاصرون بدول الإقليم وبحضور المجتمع الدولي إلى حوار الكويت، حيث ستعوزهم الحيلة لمزيد من المراوغات. إن انهيار حوار الكويت لن يكون له من معنى سوى أن الحوثيين غير جاهزين بعد لجنوح طريق السلم، النتيجة التي ستخفف الضغط على قوات التحالف العربية وستمنح الحكومة اليمنية وجيشها المزيد من الحق القانوني للعمل على استعادة الدولة وتحرير المجتمع المختطف. نجاح حوار الكويت لن يعني، في أسوأ التقديرات، سوى تحرير السياسة وإعادتها إلى الحياة. يحذر الحوثيون، كما ورد في تعليقات قياداتهم، من نتيجة كهذه زاعمين إنها محاولة من “العدوان” للحصول من خلال السياسة على ما عجز عن نيله عن طريق الحرب.

الحياة في اليمن بحاجة لتطبيع طويل المدى، وذلك يشترط قبلاً أن تعيش كل التشكيلات الاجتماعية بحجمها الطبيعي. يزعم الحوثيون وحليفهم صالح أنهم يمثلون المجتمع اليمني ويرفضون اختبار ذلك الزعم من خلال السياسة. فلا توجد طريقة قانونية لتأكيد الوزن السياسي سوى الانتخابات داخل حياة سياسية آمنة وعادلة. وتلك هي الفكرة الجوهرية التي ينبغي أن ينتهي إليها حوار الكويت بصرف النظر عن التفاصيل. الطريق الآخر، انهيار الحوار. ذلك سيدشن مرحلة جديدة من الحرب سيعيش فيها الحوثيون مدانين أكثر من أي وقت مضى، بينما سيتحرك التحالف العربي والجيش اليمني متخففين من الضغوط واللائمة. وبعد وقت قصير أو طويل سيطلب الحوثيون حواراً جديداً، وسيذهبون إليه محاصرين بمعضلتهم القدرية، فهم أقلية داخل أقلية، يعرفون جيداً أن كتائبهم التي سيطرت على شوارع المدن لا تكفي لتحقيق أكثر من ١٠٪ من مقاعد البرلمان، ولا لخوض حرب بلا أفق، بالنظر إلى الانهيار الاقتصادي المتسارع والعزلة الدولية الضاربة. وكالعادة، يعيشون معلقين بين الحرب والسياسة ويعلقون معهم أمة كبيرة من الناس.

الوطن القطرية
هافنغتون بوست

م. غ

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫45 تعليقات

  1. مشفلحوش أبدا مثلهم مثل حزب الإصلاح كلهم وجهين لعمله واحده اليمن بحاجه لنظام مثل الذي بالدولة التي انت عايش فيها هنا فقط ستحدث قفزات لليمن كشعب ودولة ………

  2. أعتقد أن آخر ما يعنيهم هو الإنهيار الاقتصادي والعزلة الدولية لأن هؤلاء لا يقرأون المستقبل ولا يفكرون بالنتائج الكارثية التي ستحل بهم عدى كيف يتقدمون في جبهة ما ويحققون تقدما في جبهة أخرى ….
    الساسة الذين يديرون اللعبة هم بعيدون عن الحرب وبعيدون عن الخسائر والبقية الباقية عبارة عن بيادق لا يملكون سوى التضحية بها على أمل الخروج ببعض المكاسب … محبتي .

  3. يا دكتور ، متظرين تعليقك على الحرب الجديدة على القاعدة في جنوب اليمن ، ما هي نظرتك و تحليلك لها وبهذا التوقيت وهذه الطريقة ؟

  4. هم تايهون ﻻيفهم معني السياسه وﻻيجيدون السياسه ثقتهم بانفسهم ضعيفه يحبون التﻻكو والمراوغه كي يستميتون في شئ يثبت لهم وجود ….والحقيقه. ياسيدي ﻻيقدرون يديرون حتي الاقلية هم اجندة شياطين استغلت جهلهم وعقولهم المتحجره وحقدهم البغيض علي الاسﻻم واليمنين بشكل عام …

  5. هذا إذا تركوا الديمقراطية تمشي طريقها دون إعتراض لأنها في نظرهم عدوهم الأول …
    أو يتخذوا من المؤتمر مطيه لتحقيق أهدافهم السياسيه التي عجزوا عن تحقيقها بقوة السلاح كما هو حاصل الآن .

  6. المعضلة الحقيقية التي واجهت إيران مع الحوثيين وجعلتها تعجز عن خلق نموذج مشابه لحزب الله وغيرها من التشكيلات الشيعية في المنطقة هي في كونهم أقلية داخل أقلية إضافة لكونهم لا يجيدون أبجدية السياسية المعروفة وليس لهم خبرة فيها
    لذلك سعت معهم لأن يكونوا في المسار العسكري قبل السياسي
    لم يقبلوا المبادرة الخليجية لكنهم وافقوا على تمثيلهم في مؤتمر الحوار ومع مشاركتهم في الحوار كانوا يخوضون الحروب خارج مناطق نفوذهم في صعده أي في الجوف وحجة وغيرها
    عندما أفضى الحوار ل مسودة الدستور ومشروع الأقاليم والتي كانت ستعيدهم الى حجمهم سياسيا وجغرافيا
    اقنعت إيران الحوثيين بضرورة التحالف مع المؤتمر لخوض حربهم الكبرى على اليمنيين والانقلاب على ما اتفق عليه سياسيا
    لذلك ستظل إيران تقنع الجماعة بالسياسة عندما يكون الموقف في صالحهم أي عندما تمثل السياسة ترجمة للقوة على الأرض وستقنعهم بالحرب عندما يشتد الخناق عليهم سياسيا وعسكرياً وهكذا لن نخرج من لعنة الحوثي إلى الأبد

  7. بالنسبة لنسبة انتخابات الجالية لو احصيت من شاركو في قائمة صالح هم المبتعثين الغيرمستحقين للابتعاث والذي صعدو على حساب غيرهم عن طريق راس الفساد

  8. يكفي من حوار الكويت وان لم ينجح
    برغم انهم حاولو يظهرون دولة الكويت بأنها مرحب بها وبسياستها
    وكأنها ليست دولة من ضمن الدول التي تبطحهم ليل نهار وتبطح وطن كامل معهم
    عراهم أمام حلفائهم
    انهم أقرب للتفريط بدماء أبنائهم
    الذين تشدق الحوثيون
    انهم سقطوا في جيزان ونجران وعسير
    وأنهم أقرب للانبطاح في سبيل السيطرة على البلد وبما يضمن عدم خروجهم من المشهد السياسي
    ولو طلب الحوار بالرياض
    لذهبو مهرولين
    ولقالو الكبسة السعودية
    اطيب مذاق وأقرب طعم لنا من الكبسة الكويتية
    وعلى أنغام مانبالي مانبالي
    اشبعو كبسة وفلتو للالي

  9. مافي اذكى من الحوثيين في السياسه ليس من صالحهم تسوية المشاكل ووقف الحرب
    وراء الوجوه المقرفة والذوق الرث عقل خبيث ومدبر لمكائد
    والا لما وقف الحوثي على قدمية طيل هذه المده

  10. بالمناسبة، الحوثيين، ليسوا أقليّة ولا أقلية الأقلية ^_^ انهم في نهاية المطاف يمنيون، وهم جزء من الأغلبية اليمنية، ومن المفترض أن تكون لهم حقوق موازية لتلك التي يتمتع بها السكان الأصليون، سواء اختلفنا ام اتفقنا معهم، الأمر واضح ولا يحتاج الى توضيح.

  11. ما فيش أقلية تسيطر على العاصمة وعلى 12 محافظة يعيشون فيها 21 مليون نسمة اي %80 من السكان ودون وجود اي حركة رافضة لسيطرتهم رغم شدة الظروف

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى