مفكرون

Johnny B. Good | دروس في المنطق: نبذ العنف والكراهية وجدت هذا الموضوع في ارشيف الملفات في جهاز


دروس في المنطق:

نبذ العنف والكراهية

وجدت هذا الموضوع في ارشيف الملفات في جهاز الكومبيوتر وارتأيت بإعادة نشره كوناُ لما فيه من منفعه في فهم التعايش السلمي والتسامح ونبذ العنصرية والكرهاية والتخلص من الحروب والجوع والظلم والحرمان, فهذه الارض تكفي لمعيشة جميع البشر إذا استطاع وعي الإنسان التخلص من الإحتكار واستغلال الشعوب.

لا اتذكر اي يوم من الاسبوع كان ولا اي يوم من الشهر بالضبط وعلى الاكثر انه كان في بداية شهر تموز والسنة 1986 والمكان مقر الشبيبة الشيوعية الروسية مقابل مسرح البلاشفة العالمي في موسكو الاتحاد السوفيتي انذاك. المناسبة كانت عظيمة بالنسبة لي حين كنت مشارك في مهرجان الشبيبة العالمي في الاتحاد السوفيتي سابقا. نعم, كانت مناسبة عظيمة بالسنبة لي حين كنت في الهيجان الثوري اليساري من العمر الذي لم يكن يتعدى سن العشرين. هيجان ثوري مخلوط بفكر إسقاط الامبريالية والرأسمال العالمي ومن اجل حرية الشعوب وعدم استغلالها والخبز للجياع والعدالة الاجتماعية وحقوق الشعب الفلسطيني والحق في تقرير المصير.

كنا في قاعة الندوات وبدأ المتحدثين يتناوبون واحد تلو الاخر وكانت الوفود تشارك بالخطابات التي كانت بعض الاحيان مضجرة وطويلة مالا نهاية. كنت مشارك مع الوفد الشبيبة اليساري الامريكي وكنت اعيد قراءة الخطبة لإلقائها بأسم الشبيبة الأمريكية وكنت احذف شيئ واضيف شيئ اخر حتى يكتمل الخطاب قبل ان ياتي دوري. جاء دور الوفد الفيتنامي وظهرت على المنصة فتاة تبدوا في منتصف العشرينات من العمر او اكثر وإذا بهذه الشابة الفيتنامية المشاركة مع الوفد تتحدث اللغة الانكليزية بطلاقة من ما جذبت انتباهي. لم اكن اعلم من هية بالضبط ولكن كانت تتكلم عن ما عانته بدون اهل وبدون علاج من الحرق في الجلد وما عاناه الاطفال في القرية ايضا والكثير منهم لم يستطيعوا ان يقاوموا الموت. كان اسم المتحدثة كيم فونك Kim Phunc وحين كانت تتكلم انتبهت للقاعة وإذا بمشاعر حزن وبكاء لم انتبه ما هو السبب لان وفود اخرى من غير دول تحدثت عن المعاناة والاضطهاد ولم تسود القاعة بهذه المشاعر مثل ما حولتها كيم فونك الى قاعة عزاء.

التقينا في المساء في قاعة الضيافة في جناح خاص تابع للكريملين وقامت الوفود تلتقي بنا ليستفسروا عن معيشتنا في امريكا وعن حياتنا وعن الحرية التي نتمتع بها وهم يحاولون ان يقنعونا بانها ليست حرية بل اوهام (حسب تفكيرهم). واثناء النقاشات مع الوفود والمندوبين لفت انتباهي ان اثنتان من زميلاتي الامريكيات نحيبهن وهن يعانقان المتحدثة الفيتنامية كيم فونك التي كانت تتحدث في الصباح وهية تعانقهم وحين تقربت عليهن للأشبع فضولي وإصغائي لكلامهن وزميلاتي يتأسفن لكيم فونك ويعتذرن للشعب الفيتنامي نيابة عن الشبيبة الامريكية.

نظرت السيدة كيم فونك لي ومدت يدها لتصافحني وذكرت اسمها وانا رديت التحية وذكرت لها اسمي وموقعي الرسمي في الوفد الامريكي, وحين كنت اتحدث معها ذكرت لي احد الزميلات بانها بنت قنبلة النبالم Napalm Girl, انتصبت قامتي لما تفاجئت به لان هذا ما كنا نعلم عن اسم الفتاة العارية في الصور وها انا اقف امام هذه الشابة التي وقفت اماما الماكنة العسكرية الامريكية الوحشية لتصرخ بكل قوة بان الشعب يريد الحياة. نعم كانت إبنة قنبلة نابالم تتحدث بالانكليزية الطلقة لتشرح لنا ذكريات تروج الخيال عن هلاك قرية بكاملة مع اهلها واخوانها واقاربها وكيف عانت وفقدت كل شيئ وهية في طفولتها البريئة.

تعلمت كيم فونك Kim Phunc الانكليزية من اجل ان تشرح لنا والعالم معنى التسامح والحب والعيش المشترك, لتشرح لنا كيف من الممكن ان نعيش سوية بهذا العالم بدون كراهية وعنصرية وبدون حروب وإراقة دماء ومن اجل اطفال الغد والمستقبل الخالي عقولهم من وساخة الكراهية وحقد الاديان ومصلحة راسمال الإحتكاري او ايديلوجية سياسية للاحزاب سوى كانت يمينية او يسارية او دين يحاول ان يفرض نفسه على المجتمع والجميع. نعم تعلمت الان ما كانت تشرحه لنا بنت قنبلة النابالم بان الحياة قصيرة ولا وقت للحقد والكراهية وذكريات الماضي, ولتكن تلك الذكريات دروس نعلمها لاطفالنا بان لا يجب ان تتكرر ونحاول ان نعلمها لهم بطريقة بعيداً عن الكراهية والحقد والثأر.

يا ترى متى تتعلم الشعوب الغامسة بوحل الايديولوجيات والاديان بان قتل الإنسان بسبب الإختلاف لا يعتبر دفاعاً عن النفس ولا يعتبر دفاعاً عن دولة او إله او دين. لكل دولة سياسة معينة تدافع بها عن مصالحها محلياً إن كان او في العالم, واكثرية الاساليب السياسية التي تمارسها الدول والسياسين ليست نزيهة او بريئة من جرائم الحرب والاغتيالات ومحاولة اخضاع الشعوب من اجل الاحتكار والراسمال الجشع, وفي اكثرية الاحيان تكون الشعوب بالضد او مع سياسة الدولة وهيه قادرة على ان تسقط السياسيين وترفع سياسيين غيرهم إن كانو في نظام ديمقراطي او غير ديمقراطي, ولكن تكمن المشكلة إذا كانت الحروب والقتال بإسم الدين والإله حيث تكون الشعوب هي التي تخوضها عوضا عن الدولة وبإسم شيوخ الدجل والإرهاب.

مطالبة نظام علماني بعيداُ عن سيطرة الإحتكار الرأسمالي يكون الطريق الوحيد الذي يؤمن بإرتقاء حضاري وحياة كريمة, وهذا لا يعني مئة بالمئة معتمداً على ضروف وعوامل اجتماعية وبيئية ولكن على الاقل تعطى الفرصة للشعوب لاختيار عالم خالي من إراقة الدماء وغسيل عقول الاطفال واستغلال الفقراء وفقدان البرامج الاجتماعية للتغذية والصحة والتقاعد.

Mazzin Haddad 06/24/2020 Michigan, USA


Johnny B. Good

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى