كتّاب

عبد الحليم وزمان الحب…


عبد الحليم وزمان الحب
ولد فى سنة 1929لأسرة فقيرة، وأصبح يتيم الأب والأم قبل أن يتم عامه الأول من عمره القصير، وبين كفالة الخال الفقير أيضا، وحياة الملجأ عرف معنى الألم الذى سكن روحه باعمق معانيه، ومع هذا شغفه حب النغم والموسيقي والصوت، فتبع أخوه الأكبر اسماعيل شبانة فى دخول معهد الموسيقى العربية 1943، وأمتلك ثقة هائلة فى موهبته، وتخرج منه سنة 1948، حينما كانت مصر تتهيأ لتطوى صفحة من تاريخها الطويل، وتفتح صفحة جديدة، فى السياسة والثقافة والمجتمع، والغناء والحب، وقيضت الظروف لمصر مبدعين أفذاذ للتعبير عن الأمل الجديد، كصلاح جاهين، وصلاح عبد الصبور، وبليغ حمدى وكمال الطويل وعبد الحليم حافظ، الذى علم الجيل الذى سبقنى الحب
فالحب موجود منذ بدء الخليقة، ولكن التعبيرعنه يختلف من زمن لآخر، وقبل قيام ثورة يوليو حيث لم يكن الاختلاط بين الجنسين قد شاع فى المجتمع، كان التعبير عن الحب ليس أكثر من شكاوى الهجر او الحب للحبيب الذى لا يعرف كنهه، مثلا: “مريت على بيت الحبيب، أناجى أهله” أو الوصف من بعيد، “عنابى ياخدود الحليوة”، ويحكى لى أخى الأكبر “الأستاذ صلاح” عن صديقه الذى كان يحب فتاة وبينما يذاكرون على السكة الحديد كانت تمر عليهم ذاهبة أو راجعة من الترعة تحمل بلاص المياة، فيبتسم لها ذلك الصديق وتبتسم له، ولا شئ غير ذلك الابتسام زجها لوجه، وفى إحدى المرات استبد الشوق بالصديق المحب، فاحتضن الفتاة بكل قوة فصرخت وسقطت على الأرض وسقط عبد الحبيب فوقها، فوراح الناس ينهالون على ظهره ورأسه بالطوب والعصى والركلات حتى رقد بجوار حبيبته مضرجا بدمائه،
وقامت الثورة وعرفنا معها عبد الحليم حافظ، ودعمت الثورة مجانية التعليم ومنحت فرصا أفضل فى الحياة لملايين الفلاحين والعمال والموظفين، قبل أن تدهمنا رياح الوهابية السامة، فانطلق أولادهم الفتيان والفتيات وكلهم أمل فى المستقبل يلتقون فى سيارات وقطارات الأرياف وهم ينتقلون من قراهم للمدارس الابتدائية والإعدادية فى المدينة أو من المدينة إلى المدرسة الثانوية فى عاصمة الإقليم، أو من الأقاليم للعواصم الكبرى حيث الجامعات والمعاهد العالية، ولم يكن من الممكن حين تلتلقى الأعين وتحمر الوجنات أن يقول الرفيق لرفيقته” فى الليل لماخلى .. إلا من الباكى.. والنوح على الدوح حلى للصارخ الشاكى” “.. أو “بلبل حيران .. على الغصون شجى معنى بالورد هايم” ولا أن يقول لها: “غلبت أصالح فى روحى علشان ماترضى عليك .. من كتر سهدى ونوحى ولوعنى بين ايديك ” ..
وهنا أدرك عبد الحليم هؤلاء المحبون الصغار بأبلغ التعابير البسيطة والصادقة عن الحب والمناسبة لحياة فتيات وفتيان من الطبقات الفقيرة والوسطى: ” أنا لك على طول خليك ليا .. خد عين منى وطل عليا .. وخد الاتنين واسأل فيا .. من أول يوم راح منى النوم” و ” إيه ذنبى إيه .. ماتقولى عليه .. تخاصمنى ليه لما انت حبيبى؟ ” و “بتلومونى ليه؟ لو شفتم عينيه حلوين قد إيه، حتقولوا انشغالى وسهد الليالى مش كتير عليه .. فى موجة عبير م الشعر الحرير ع الخدود يهفهف ويرجع يطير” وفى صافينى مرة ” صافينى مرة وجافينى مرة .. ولا تنسانيش كده بالمرة ..كنا سوا قلبين الحب جمع شملنا والعين تقول للعين إحنا اتخلقنا لبعضنا” ” حبك نار مش عايز اطفيها ولا اخليها دقيقة تفوتنى ما احسش بيها .. يا مدوبنى فى احلى عذاب بابعتلك بعنية جواب مش لوم يا حبيبي ولا عتاب مش اكتر من كلمه آه يا حبيبي بحبك” و ” الحلو حياتى وروحى واقوله ايه .. ان قلت باحبه الحب شوية عليه .. دا حياتى وروحى واقوله ايه؟” و ” ياللى هواك جانى وماكان على بالى ..مكتوب لي إيه وياك خايف يهون حاى..ويهون عليك قلبى والقى الدموع تهواك” و ” كان مالى ماكنت ف حالى .. متهنى بقلبى الخالى .. فات رمشه الجرئ وندهلى وف اجمل عيون توهنى”.. كلمات صادقة وبسيطة وجميلة ومعبرة.. كتبها الفتيان على أوراق معطرة ولونها بمبى وتركواز ودسوها خلسة فى كراسات وكشاكيل الفتيات، ليحملهم الشوق على أجنحته إلى المستقبل الواعد
رحمك الله أيها الفنان العظيم الذى علمنا الحب
….. يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى