مجتمع الميم

جندري وراء الجدار العتيق – ترانسات Transat


 

كتبـ/ـت: ناد سلام

شعرت بمزيج من القلق الاكتئاب والانزعاج الجندري عندما قررت أن علي أن أكتب عن الترانسفوبيا التي أواجهها من قبل الرجال المثليين حتى أنني أجّلت ذلك كثيرًا، لأنه كان علي استحضار كل تلك التجارب والمشاعر المزعجة التي تعمد عقلي نسيانها. خوض كل تلك الحروب الباردة التي تترك  ندوبًا فى الذاكرة، آملةٌ أن تكون لدي القدرة على الوصول إلى خيط ما أتمكن من خلاله تفكيك هذه العقدة المتشابكة فوق قلبي حتى أفهم أنماط هذا الاضطهاد الذي لم أطور لغة كافية بعد لكي أصفه.

عندما كنت فى عامي العشرين، وعندما كنت انتقل من كوني مراهقة إلى أن أصبح شابة كنت اشعر بحاجة قصوى لوجود حميمة مجتمع كويري حولي يشبهني وأشبهه.  

يقول الشاعر المصري أمل دنقل

 “إنّكِ لا تدرين

معنى أن يمشي الإنسانُ، ويمشي

بحثاً عن إنسانٍ آخر

يشبهه

حتّى تتآكل في قدميه الأرض!

‏ويذوي من شفتيه القول” 

لطالما شعرت بالاغتراب منذ الصغر فى المساحات المخصصة للرجال الغيريين (بتعبير آخر أغلب المساحات فى محيطي)، كوني لا ثنائية الجندر وكون الرجال فى محيطي الخليجي بشكل عام يتفننون فى أدائهم للذكورة المسمومة جعلا هذه المساحات غير مصممة لكي تشملني منذ البداية، حتى وإن شملتني فيما بعد فلست مهتمة بأن أكون جزءًا منها، هذا المشهد المزيف الذي يطغى عليه عنف كبرياء التنافسية بين الذكور والتعصب عرقيًا وجندريًا لست أرغب بأن أكون جزءًا منه بالمرة، فلم يكن لدى شيئًا كي أثبته ولكن كان لدى الكثير كي أشاركه وأحكيه. لطالما كان هناك حائط عتيق من المفاهيم المغلوطة، الصور النمطية، والاحكام المسبقة بيني وبين محيطي الأبوي الذي يرفض كلامي حتى قبل أن أقوله. احتجت لأن اتحدث لأحدهم بلا قناع اجتماعي ذكوري يطمس كل ما وراءه فأنطلقت بوجهي العاري باحثة عن وجوه أخرى أشاركها الحديث. 

كنت فى قمة الحماسة لمشاركة منظوري ولأن أقدمني كلي كما أنا بدون أي تعديلات فى إحدى المساحات الشبه خاصة بمجتمع الم.ع، تحت ادارة رجال مثليين، والتي كان من المفترض أنها مساحة آمنة، ولكن للأسف سرعان ما تحطمت أمالي اليافعة وكأني كبرت بضع أعوامًا، حين وجدت أن التنمر (غيرالمتوقع) شيء مسلم به وأسلوب تواصل يمارسه الجميع! اكتشفت فيما بعد أن هذا يعد أمرًا إعتياديًا للأشخاص الترانس فى المساحات التي يترأسها رجال مثليين، كل هذا البريق عن الأمان والشمولية كان مجرد هراء. يا لسذاجتي! قالت لي صديقة عابرة جندريًا ذات مرة أن “كل المساحات قابلة لأن تكون آمنة ولكن آمنة لمن؟” كم كانت محقة لأني لم اشعر بالأمان بالمرة حين سألوني عن أعضائي الحميمية، واستهتروا بحقي في التعبير الجندري الذي يلائمني! وشككوا فى حقيقة هويتي كعابرة جندريًا حتى أنني تعرضت لاعتداء جسدي وقتها، كل هذه المواقف تراودني كثيرًا فى هيئة كوابيس تؤرقني ليلًا، شعرت أنني عليّ أن اختبئ، وكأني وسط مجموعة من مناهضين العبور الجندري وليس مساحة كويرية، فأبقيت كل الفساتين والتنانير التي احضرتها معي مخبأة داخل حقيبة السفر ولم أخرجها أبدًا. قطعت كل هذه المسافة لأعود لنقطة البداية، كنت خائفة جدًا، لم أظن انني قد أشعر بهذه الوحدة وسط هذا العدد الكبير من الناس، يا لخيبة الأمل!

 

كعابرة جندريًا لا نمطية التعبير الجندري تحتم علي التعامل مع شتى أشكال الذكورية الهشة ومسايرتها، فالأشخاص الترانس يتعلمون الأدوار والنصوص غير المكتوبة باكرًا جدًا، كحصن متين يحجب الخطر عنهمن، ولكنك بشكلٍ ما مسجونين/ات وراءه، إنه حائط الدفاع الأول، فنحن نتعلم الخوف لذا نختبئ، نحن لا نولد مختبئين بل نتعلم الاختباء من أجل الأمان الشخصي. الطريقة التي أتحدث بها، الطريقة التي أمشي بها، ملابسي وتعابير وجهي، كل هذه التفاصيل -وأخرى كثيرة- اعتدت على إخفاءها لأنها كانت دائمًا منذ الطفولة مصدرًا لإثارة غضب من حولي. لم أكن أعلم أن لا نمطيتي الجندرية بهذا الوضوح وكأن الجميع علم بذلك قبل أن أعلم أنا ذلك عن نفسي! أنا متأكدة أنني لست الوحيدة التي أمر بهذا النوع من الصراع، كيف أرى نفسي وكيف يراني الآخرين، لطالما كانت مساحة مد وجزر كيف نبدو عندما ننظر إلى الداخل بينما أعين الجميع موجهة إلينا، حتى أنه فى أوقات كثيرة ستُشوش رؤيتنا وسنجد أنفسنا ننظر لذواتنا من خلال نظرة المجتمع لنا، نظرة مجردة من التسامح مع الذات ومن المحبة، إنها ردة الفعل التي تبدو لي كردة الفعل الأكثر بديهية لمن اعتاد أن يكون تحت مجهر المجتمع، فعندما تصبح علاقتنا مع أجسادنا كأشخاص لا معيارين جندريًا بهذه الهشاشة لتشرُّبِنا عنف الانظمة الأبوية ضدنا، والتي تجرم وجودنا قانونًيا وتنبذنا اجتماعيًا يصبح الخوف من الحرية اللا مشروطة لهذه الأجساد العائق الأكثر صلابة فى وجهي كعابرة جندريًا تسعى لحب ذاتها فى وسط هذا الحصار الكبير. 

  هذا المجتمع الذي من المفترض يمدنا بشعور الجماعة والألفة يتشارك اعضاءه صدمات نفسية عديدة متشابهة إلى حد ما. استطيع أن أقول أن عددًا كبير من الاشخاص من مجتمع الميم.عين قد واجهوا شكلًا من اشكال الاقصاء الجندري أو الوصاية الجندرية بدرجات متفاوتة داخل مساحات يفترض أنها مساحات “كويرية” خاصة وأخرى عامة. لكن فى ردة الفعل على هذا النبذ وعلى كيفية ظهوره على السطح تكمن نقطة فرق جوهرية، حيث أن عددًا لا بأس به اليوم من مجتمعنا يتعاملون مع ذلك العنف الأبوي كمعيار لهوياتهم حتى وان كان ذلك ليس بطريقة مباشرة 

تمثل الأنوثة للعديد من الرجال المثليين مصدرًا للقلق، فبعد سنين طويلة من الوصم والإقصاء الهوموفوبي من خانة الرجال، ولأن مفهوم “الرجولة” للأسف متأصل فى المعيارية الغيرية والثنائية الجندرية بشكل جوهري، يظهر نمط متكرر من الاضطهاد والعدوانية تجاه العابرات جندريًا بشكل خاص، بالرغم من أن الانوثة قد تكون مقبولة لديهم أحيانًا فى إطار الأداء المسرحي أو تبادل الإهانات فيما بينهم، ولكنها مرفوضة تمامًا خارج هذه الإطارات، فيميل عدد كبير من الرجال المثليين للتصرف بما قد يصف بالأنوثة فقط من خلال الكوميديا والسخرية، لأنهم غير قادرين على التعامل مع هذه الانوثة كشيءً قيم ومتعدد الأبعاد، على صعيد أنفسهم وصعيد الآخرين، فخلف هذا الجدار من الهزلية عداء لكل ماهو غير نمطي الجندر، وكأن اللا نمطية الجندرية اسوأ ما قد يكونه شخص ما، فيسقطون هذه المشاعر السلبية علينا كعابرات جندريًا وكأن الاشخاص الترانس مرآة لكل ما يخشونه فى أنفسهم، فنحن نمثل “الشذوذ” فى أبهى حلة. 

لطالما أحببت ذلك فى مجتمعي كعابرة. فمنذ تاريخ طويل تميز الأشخاص اللا نمطيين/ات جندريًا بقدرة فذة على تحطيم الأنماط المعيارية المبتذلة فأينما أذهب أجد أن للأشخاص الترانس مكانه اجتماعية وسياسية مهمة داخل مجتمع الميم.عين، وبالرغم من الإقصاء الممنهج الذي يمارس ضد كل من وما يناصر حقوق العابرين/ات إلا أننا نمتاز بحماسة حقيقية، نحن نجعل الأنماط تضطرب، ربما حبًا فى حياة لم ننلها أو أملًا في واقع أفضل وأكثر سكينة، نخلق المساحة لأن نكون أنفسنا الملونة فى أي مكان مهما كان رماديًا.

تحضرني مشاهد من خطاب المناضلة الحقوقية العابرة سيلڤيا ريڤيرا سنة 1973 أثناء مظاهرات “ستون وول” من أجل العدالة للأشخاص اللا معياريين/ات جنسيًا وجندريًا، والتي كان لها هي ورفيقتها الناشطة “مارشا بي جونسون” دورًا محورين فى هذا الحدث التاريخي، حيث أنهم رموا الحجارة الاولى ضد رجال الشرطة فى حانة “ستوون وول” التي بدأت منها مسيرات الفخر كما تقول الأسطورة،

يظهر فى بداية الفديو رجل أبيض مثلي على المنصة ويسأل الحاضرين والحاضرات اذا ما كانوا مستعدين لأن يستمعوا لما تحاول أن تقوله سيلڤيا “هل تريدون هؤلاء الاشخاص ان يتكلموا؟” مشيرًا للعابرات جندريًا، فهتف غالبية الحشد بالرفض مهمشين حقها في أن تتحدث فقال حينها “هذه هي نهاية النقاش”، وبينما هرول بعيدًا مغترًا بنفسه صعد الناشط الحقوقي “ڤيتو روسو” على المنصة قائلًا “استمعوا لها لقد استمعتوا للجميع” محاولًا تهدئة الجماهير المثلية الغاضبة من المرأة العابرة، فقط لتواجدها هناك، ولرغبتها في النضال من أجل حياة أفضل وسط الشتائم والصراخ تأخذ الميكروفون سيلڤيا ملوحةً بأصبعها الأوسط قائلة: “من الأفضل لكم ان تهدأوا” يصرخ أحدهم “أغلقي فمكِ اللعين” ومن ثم تتابع قائلة “أنا كنت أحاول طوال اليوم أن أصعد على هذه المنصة من أجل أخوتكم وأخواتكم المثليين والمثليات، إنهم يكتبون لي الرسائل كل أسبوع لعين سائلين مساعدتكم وأنتم لا تفعلون أي شيء من أجلهم هل ضُربتم من قبل وتم اغتصابكم من قبل الشرطة؟ الآن فكروا في ذلك، لقد ضربوا واغتصبوا” ومن ثم تكمل الحديث عن نفسها قائلةً ” لقد سجنت من قبل واغتصبت وتعرضت للضرب من قِبل رجال غيريين لا ينتمون لملجئ المثليين عدة مرات (كان وصف Gay يستخدم وقتها لوصف اللانمطية الجندرية أيضًا) ولكن أنتم لا تفعلون شيء من أجلي تخبروني أن أختبئ! لا لن اتحمل هذا الخراء بعد الآن لقد عنفت جسديًا وكِسر أنفي وألقي بي في زنزانة، خسرت عملي ومنزلي من أجل تحريركم، من أجل هذا الحراك، وهكذا تعاملونني؟!” 

 

 

استطيع أن أتخيل الوحدة التي شعرت بها سيلڤيا وقتها على منبرها، بدت نبرة العتب فى صوتها وهي تصرخ وتبكي “القوة للمثليين” الحرية للمثليين” مألوفة جدًا لي بالرغم من أنني لم أكن قد ولدت بعد حينها، ولكن ها أنا ذا، خمسون عامًا بعد ذلك اليوم أنصت للخطاب ذاته الذي ابتدأ بالشتائم والإهانات وانتهى بالذهول والتصفيق لشجاعة وصراحة ما قالته. تنتابني القشعريرة وتنسكب عيناي كينبوع، لا دخان بلا نيران تلتهم كل ما تلمسه، ولا دموع قهر بدون قاهرين ينتفعون من وراء هذا القهر، إنه منتجهم من انعدام العدالة، عالمنا اليوم مصمم بطريقة تقصى كل من لا يدرجون تحت الثنائية الجندرية، فإن لم تكن رجل او امراة معياري أو معيارية الجندر يصبح التحرك بين المساحات عامة كانت أو خاصة أيضًا تحديًا دائمًا لا مفر منه، للأشخاص الترانس عموماً واللانمطيات التعبير الجندري منهن خصوصًا 

إن الرجال المعياريين تربوا وترعرعوا على التحرك بين المساحات بل والتحكم بها وفرض سيطرتهم عليها وهذا ليس بالأمر الجديد، تعد هذه الديناميكية فى الواقع أمرًا اعتياديًا بين المساحات التي يسيطر عليها الرجال حتى لو إدعوا تنوعها وشموليتها، بطبيعة حال الأنظمة الأبوية الاقصائية. ولأن الرجال المثليين يمتازون بالوصول لكافة المساحات “الكويرية” يتم التضييق على مجتمع الترانس من قبلهم حتى تكاد أن تكون هيمنتهم الذكورية المثلية على هذه المساحات خانقة للذين لا يرغبون منا في أن تكون هوياتهم/ن وأجسادهم/ن مهدرة لإرضاء الثنائية الجندرية والمعيارية الجنسية، أو اقصاء فئة معينة فى سبيل وهم التقبل من الأشخاص المطابقين لهذه المعايير، التي تعتبر تعجيزية بالنسبة لي ولا تمثل واقع شريحة كبيرة من مجتمع ال م.ع، كل المواقف التي تعرضت بها للتمييز والمضايقات والتحرشات الجنسية فى الأشهر الماضية كانت وبشكل حصري من قبل رجال مثليين فى مساحات خاصة من المفترض أنها آمنة وكأننا نهرب من سجنٍ كبير يحكمه الرجال لقفص أصغر يحكمه الرجال ايضًا. في صورة مشابه لتلك التي يحكمها النظام الأبوي، وكأن النزاع هو نزاع على الامتيازات وليس على المساواة. 

هذه الرغبة الملحة للانسلاخ من كل ما هو أنثوي وغير نمطي كرد فعل لصدمات نفسية تتشكل بهيئة عنف مبني على أسس جندرية لدى عدد كبير من الرجال المثليين هو واقع مقلق جدًا. فهنالك استماتة لمحاكاة المعيارية الغيرية والثنائية الجندرية، ويتم اسقاطها علينا نحن كعابرات وكأنك إذا محوت نفسك بالكامل وأعدت تدوير شعورك بالعار ستتوصل بطريقة ما لأن تعيش حياة رجل أبيض غيري، وكأنها الوسيلة الوحيدة للشعور بالرضا عن أنفسنا. أنا آسفة لألمك، أعلم كم هو من القاسي أن يتم محو هويتك قصرًا، أن تنمو تحت عدسة المجهر وأعين الجميع تضغط على كتفيك كلما نموت، لكنني أرفض أن أكون كبش فداء. فمن الممكن بدلًا من ذلك أن نحاول أن نصل جميعًا إلى بر الأمان دون أن يستثنى أحدًا (في مشهد مشابه لسباق القوى). ففى الواقع ان “المثلية الجنسية” بحد ذاتها غير نمطية الجندر إلى حد ما “رهاب المثلية الجنسية” يبدو لي احيانًا كجرعات مخففة من الترانسفوبيا. 

تخيل معي لو ان جسدك أصبح ملكًا لك وحدك (وضع خطًا تحت لك وحدك) حقًا كيف سيبدو العالم بلا خوف أو شركاءًا يتقاسمونك إياه؟ أنا يا صديقي لم أعد أرغب فى تفكيك جسدي حتى أعيد تشكيله ليلائم الجميع، بل أرغب فى استرداده، حيث أنه سُرق مني عند الولادة. هل تساءلت يومًا كيف ستبدو الحياة لو لم تكن أجسادنا محاصرة بالافتراضات والتوقعات المبنية على الثنائية الجندرية؟ كيف سيبدو العالم لو كنا أحرارًا حقًا؟ أنا اسأل نفسي أسئلة كهذه كل يوم، فبين الواقع المحبط لي كعابرة لا ثنائية جندريًا وعربية، وبين تطلعي للمستقبل كحالمة، تصبح الأسئلة أكثر إلحاحًا، فالوقت يمضي وأنا فعلت كل ما استطيع بلا جدوى. 

هذه النشوة الجندرية الناتجة عن علاقة صحية مع جندرنا بعد استردادنا لأجسادنا لا تقدر بثمن، فهي مبنية على الحرية بمعنى الكلمة، على المحبة والتعبير وتقبل الذات،  ستشعر بذلك يومًا، اتمنى ذلك للجميع حقًا، فعندما تصبح أكثر لطفًا مع ذاتك ومع الجميع ستصبح رحلتك الجندرية أكثر تناغمًا مع نفسك بدون تطفل نشاز الآخرين.  

ليس بإمكاني ان اخوض بالنيابة عنك عملًا يتطلب الكثير من الجرأة ومواجهة الذات فكيف لي ان احطم جداًرا لم اعد قادرةً على رؤيته بعد الان ولكن بإمكاني ان اخبرك كم هو من الجميل ان تضرب بكل توقعاتهم الأبوية عرض الحائط ان ألوح لك من على الضفة الاخرى وعندما تلقي هذا الحمل الثقيل عن كتفيك اخبرني ماذا ستكون حينها؟

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ناد سلام: كاتبـ/ـة لا ثنائـيـ/ـة الجندر

العمل الفني: نور الجندي



Source link

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى