كتّاب

على هامش حكاية طال عمره…


على هامش حكاية طال عمره
أموال الخليج ورموز الثقافة المصرية
عندما تكون الثروة والمال نتاج للجهد والثقافة والإبداع، فإنها تحتفى بتلك القيم باعتبارها المصدر الأساسى لها، ونظرة سريعة لدور كثير من أصحاب الثروات فى أمريكا وأوربا بل ومصر، تؤكد الدور الذى لعبه هؤلاء الأثرياء فى بناء بلدانهم وتحضرها،
أما عندما تكون الثروة بنت الصدفة أو نبت شيطانى أو ضربة من ضربات القدر ليس للإنسان دخل فى وجودها أصلا، فإنها لا تعرف للجهد ولا للثقافة ولا للإبداع معنى ولا قيمة، وربما راحت تناصب تلك القيم العداء لمجرد أن هناك مجال للمقارنة بين الثقافة والتحضر مع الفقر، والثروة والمال مع الغطرسة والجهل، وربما يتحول هذا العداء إلى كراهية وحرب مكتومة ومعلنة، فى حالتنا ودول الخليج، أنا لا أعرف سر كراهية كثير من أثرياء الخليج للثقافة المصرية، وسعيهم لإظهار احتقارهم لها، هل يعود ذلك لامتلاكنا لدولة منظمة وحضارة ودين، وكتابة وعلوم ومعابد وأهرامات ومجتمع مستقر وأخلاق، منذ مايزيد على خمسة آلاف عام، بينما ظلوا هم – فى الغالب الأعم – بدو رحل وصيادى اسماك حتى ستينات القرن الماضى وظهور البترول؟ هل هذا بسبب ما فعله القائد المظفر ابراهيم بن محمد على من قضاءه على دولة آل سعود الأولى 1818؟، هل بسبب أن عبد ناصر كان ينظر إلي حكامهم باعتبارهم شيوخ عرب وليسوا حكاما بالمعنى الحديث؟ هل هذا بسبب أن مدرسينا راحوا فى الستينيات يعلموا أمراؤهم كيف يفكوا الخط وينتعلوا الأحذية – كما يقول مظفر النواب-
أرجو ألا يعتبرنى بعض الأصدقاء عنصريا متعصبا فأنا أعرف أن التعميم خطيئة، كما أن لى شخصيا العديد من الأصدقاء والصديقات المثقفين المحترمين من هناك، وإنما أحاول هنا فهم وتفسير ماحدث من ذلك الشيخ السعودى بالأمس القريب، والذى بدأ مغامرته فى مصر بشراء الكابتن محمود الخطيب وإعلانه ذلك، ونحن نعرف أن الجماهير فى مصر كلها لم تجمع على حب كابتن كمحمود الخطيب
أقول هذا وفى ذهنى عشرات الحكايات التى يحكيها الشباب المصرى عن الكفيل والذى تتجاوز ممارساته مع هؤلاء الشباب حدود الاسنغلال إلى الإهانة والإذلال، وسعى عجائزهم للزواج من الصغيرات الفقيرات فى بعض قرى الجيزة، وفى بعض البلدان كان يطلق على المصريين مصطلح “الفوالة” أى آكلى الفول.. حتى ولو كانوا قد ذهبوا لتأسيس الجامعات ومراكز البحوث هناك
وقد سعت إحدى صحف الخليج منذ عقود للاتفاق معى لكى أكتب عن بعض الفعاليات فى مصر وكانت محظوراتهم أن آتى على ذكر الأهرام أو التاريخ القديم، أو أى اسم فرعونى، أو نهر النيل أو حتى الأزهر، ويعلم أصدقائى الفنانين الدور الذى لعبته “أفلام المقاولات” التى رعاها الخليجيين فى تدهور فن السينما فى مصر، كما سمعت من كثير من العليمين، كيف يسعى كثير من هؤلاء الأثرياء لكى يشتروا من مصر الصحف القديمة والمجلات والصور والكتب، والاسطوانات الحجرية، لا لامتلاكها أو أرشفتها أو استثمارها بأى شكل، وإنما لإلقاءها فى مياة البحر الأحمر .. والله العظيم سمعت ذلك
أما سعيهم لطمس ثقافتنا الشعبية التى تتجلى فى أفراحنا واحزاننا وفلكلورنا وأغانينا وملابسنا وعاداتنا عن طريق تمويلهم للجماعات السلفية والجهادية لإعلان الحرب على كل هذا، فتلك قصة أخرى

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى