كتّابمفكرون

“الدولة ونظام الحكم والإصلاح”…


“الدولة ونظام الحكم والإصلاح”
“مفاهيم تحتاج للتدقيق”

استدعاءا للحالة الراهنة في مصر, ومع اختلال المفاهيم, خاصة عند الخلط بين مفهوم الدولة, ومفهوم نظام الحكم, واعتبارهما شيئا واحدا, كفهم مغلوط, وهو أمر لا يحتاج الي عقود طويلة لإستيعابه وفهمه, فهو واقع نشأ مع نشأة المجتمعات وانتظامها, ولهذا, يجب أن نعي أن نظام الحكم (السلطة) هو أحد مقومات الدولة فقط, التي يكون مقومها الأساسي هو (الشعب) وهو الذي تبني عليه باقي المقومات, هم المواطنون الذين يعيشون في الدولة, وهم أصحاب جميع مؤسساتها وثرواتها, ويرتبطون فيما بينهم بروابط التاريخ والعرق والأصل والثقافات والعادات.

يعيش هذا الشعب علي (الحيز الجغرافي), وهو المقوم الثاني للدولة, شاملا الأرض والسماء والمياه الإقليمية والمواد والثروات الطبيعية المنتشرة في كل أنحاء هذا الحيز.

ثم تأتي (القوانين والأعراف السائدة) التي أقرها الشعب في هذه الدولة, كمقوم ثالث, لتعمل علي تنظيم شكل وإطار السلطات, والفصل والتنسيق بينها, لضمان إعطاء الحقوق لجميع أفراد الشعب, بالإضافة إلى الضمانات الأساسية لهم.

ثم يأتي أخيرا (نظام الحكم) بسلطاته الثلاث (تنفيذية – تشريعية – قضائية) الذي يختاره الشعب بحرية كاملة, مفوضا لإدارة شؤون البلاد ومواردها الطبيعية, في إطارها الشرعي المستمد من الدستور والقانون, وليكون واجبه الأساسي هو الدفاع عن الدولة. وترسيخ العدالة, وحفظ الحقوق والأمن العام, وتوفير الخدمات العامة لكل فئات الشعب, وتوفير الظروف الملائمة للعمل والإنتاج, بما يحقق لهم الحياة الكريمة ويرتقي بمستواهم الاقتصادي والإجتماعي والثقافي.

إذن فمن الخطأ الشديد أن تختصر الدولة في جوهرها, لتقتصر علي مفهوم (نظام الحكم) الذي تنعدم قيمته دون المقومات الأخري للدولة, فبلا شعب وأرض لا حاجة لهذا النظام, وعندما تقيّم الدولة يستند تقييمها علي ما يتحقق لهذا الشعب من حياة طبيعية كريمة آمنة, ومدي ما يتحقق له من تقدم ورقي.

وفي إطار ترسيخ العدالة, كمهمة رئيسية لنظام الحكم, يجب أن تتحقق لكافة فئات الشعب الفرص المتكافئة, للإستفادة بالحيز الجغرافي والموارد الطبيعية, ولا توجه خيراتها لصالح فئة معينة, فلا تعلو فئة علي أخري إلّا بمقدار ما يبذل من جهد حقيقي, وليس بسبب اقترابها من نظام الحكم, أو بسبب تفشي الفساد والسكوت عنه.

كما لا يجب أن توجه الإتهامات الي الشعب عند تدهور الأحوال, فهو ليس طرفا في مواجهة أطراف أخري, بل هو الأساس, وهو الكل الجامع, ومصدر كافة السلطات, وقد أسلم بإرادته أمور القيادة الي مجموعة (نظام الحكم) ولا يجوز اتهامه بالفساد أو الكسل, فنظام الحكم هو المسؤول عن السيطرة, وممارسة السيادة وتطبيق القانون علي الجميع دون إستثناء, وعليه أن يتخذ من الإجراءات ما يضمن انتظام العمل, ومحاسبة المخطئين, وتنظيم العلاقة بين أصحاب العمل والعاملين بشكل متوازن, وهكذا يكون الفساد أو الكسل أو ضعف الإنتاج هو خطأ النظام ومسؤوليته الكاملة.

أخيرا وهو الأهم فإن مهام إصلاح الإقتصاديات الضعيفة ورفعها, لا يجب أن يقع كاهلها علي أكتاف فئات دون أخري, ثم أن الإصلاح الإقتصادي يعتمد بشكل أساسي علي زيادة الإنتاج وابتكار مصادر جديدة للدخل, وهو يعتمد كاملا علي الفرد والآلة والموارد المتاحة ونظام العمل, وفي هذا يجب التركيز علي تطوير المنظومة (متكاملة), ويكون تأهيل ورفع قدرات الأفراد علي الإنتاج, وتحسين ظروف معيشتهم, هو العنصر الأساسي لبدء عملية الإصلاح, ولا يعقل أن يحمّل الأفراد في الطبقتين المتوسطة والفقيرة بأعباء إضافية تثقل كاهلهم بحجة الإصلاح وهم المنوطين بعملية الإنتاج, ثم يطلب منهم مزيد من العمل ومزيد من الانتاج في ظل ظروف معيشية صعبة.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى