قضايا المرأة

طيب أنا متابعة جريمة قتل الشاب محمود البنا، طالب ثانوي، على…


طيب أنا متابعة جريمة قتل الشاب محمود البنا، طالب ثانوي، على يد الشاب محمد راجح، بعد واقعة تحرش وتعدي على بنت من نفس دفعة محمود، من بدايتها.. الواقعة فيها ٣ أضلاع: البنت ومحمود ومحمد، حتى الآن تم تصفية البنت معنويا في محيطها الاجتماعي، وبالتبعية أسرتها، لأن باختصار مجتمعنا الريفي وصمها بعدم الاحترام وقلة الأدب بعد ما اتعرف ان كان في تواصل ما بينها وبين محمود ومحمد، طبيعة التواصل في نظري مش مهمة اطلاقا، لكن تم بناء قصص وروايات واشاعات عليها، ولما الأم طلعت في لقاء صحفي مصور، قالت ان بنتها ومحمود ومحمد أصحاب عادي وبتدافع عما تبقى من سمعة بنتها وأسرتها، تابعت تفاعل الناس مع كلامها وكنت متوقعة ردود أفعالهم، ومخرجتش عن إطار الأحكام.

بنتك سايبة وماشية على حل شعرها وبتكلم شباب وانت عارفة وسيباها ولازم تربيها وتعرفيها الأدب والأخلاق والدين يا ناقصي التربية والأخلاق والدين، ودا غير السب والشتم في الأم والبنت، وكأن كلام بنت مع زميل ليها جريمة رغم انه أبسط أشكال التواصل الإنساني، وحتى لو فرضنا ان كان في مشاعر متبادلة ما بين البنت وواحد منهم فإيه المشكلة؟ عيال مراهقة وليهم مشاعرهم ومن حقهم التعبير عنها بالشكل المناسب في نظرهم، والأهم مفيش جنس بيعيش بمعزل عن الآخر، ليه محدش سأل نفسه هل محمود كان بيحبها فعلا وعشان كدا قرر يدافع عنها بعد تعدي محمد عليها كفعل تعبيري عن حبه؟ أو البنت كانت بتحبه وتثق فيه وعشان كدا لجأت ليه يساعدها في مشكلتها؟ طيب بلاش ما سبق ونفترض السيناريو الأسوأ وان البنت كانت بتشاغل هذا وذاك، طيب ما هي لسه عيلة في فترة المراهقة يعني هوائية وشخصيتها لم تستقر بعد عشان تقدر تحدد هي عايزة ايه وتحدد منظومة قيمها، وطبعا كل الناس اللي نهشت فيها كانوا مراهقين وياما تصرفوا تصرفات معتوهة لكن عشان عدوا الفترة الحرجة دي بسلام ودون شوشرة نصبوا أنفسهم آلهة تحكم وتقيم أخلاق/ دوافع/ أفعال غيرهم وفقا لمعيارهم المجتمعية.

للأسف الحادثة دي نتج عنها موجة تطرف مضاد مخيفة وتمثلت في هاشتاج يدعو لإعدام القاتل محمد راجح، واللي اتضح أنه ما زال قاصر يعني تحت ١٨ سنة، وطبعا أول ما اتعرف دا بدأ المجتمع يشكك في المعلومة ويتهم أسرته بالتزوير لأن أخوه ضابط -شرطة أظن- يعني من منظور المجتمع ايديهم طايلة، وظهرت على السطح اتهامات بالاتجار في السلاح، وتم فتح ملف أسرة القاتل بشكل يعتمد على نشر الغسيل، لدرجة ان الحقيقة ممكن تتوه وسط الاتهامات، المهم استكمالا لموجة التطرف ظهرت مطالبات بتعديل قانون عقوبات الطفل بهدف تخفيض سن الإعدام، يعني المجتمع عايز قانون تفصيل عشان محمد يتعدم ويبقى عبرة لكل متحرش وبلطجي! طيب محمد اتعدم هل مشكلة التحرش والبلطجة هتنتهي؟ هل كل محمود هيبقى أمن على نفسه لو اتصرف بطريقة مشابهه؟ هل كل بنت هتبقى أمنه على نفسها في الشارع؟ هل ممكن يكون الإعدام علاج مشكلة مجتمعية؟! وللأسف محاكمة محمد هتم في أجواء مشحونة بحكم شعبي، شيطن طرف ووصم طرف وطهر طرف ورافض يشوف/ يسمع أي حاجه غير كدا، وضغط من الرأي العام يعني هيتحرم من حقه في محاكمة عادلة، ودي أبسط حقوقه ولا يمكن إنكارها حتى لو كان قاتل.

من باب أولى بدل ما الناس قاعدة تدعو لإعدام عيل ضحية سياقه التربوي والمجتمعي والقيمي والفكري والفني والثقافي يسألوا نفسهم الخلل فين؟ كل واحد يسأل نفسه يا ترى وأنا ماشي في الشارع بحترم شريكة الحيز العام ولا بعمل زي ما راجح عمل؟ يا ترى بعامل بنتي/ أختي/ زوجتي/ أمي أو أي امرأة في محيطي ككيان مستقل لا ينقصه شيء؟ ولا بتعامل معاهن على انهم تابعين ليا وجزء من ممتلكاتي؟ هل لما بدخل في مشكلة بحكم العقل والأخلاق ولا الدراع هو اللي بيحكم؟ يا ترى بربي ولادي بطريقة سليمة تطلعهم أسوياء للمجتمع؟ ولا بضيف فيهم كل يوم عقدة؟ يا ترى بغرس فيهم قيم إنسانية نبيلة ولا سايبهم عرضة لكل مصدر قادر يشوه تكوينهم؟ يا ترى لما ولادي يغلطوا بتناقش معاهم وأفهمهم بالراحة ولا بدخل أعنف فيهم بالكلام ولو اعترضوا بضربهم علقة موت؟ هل أنا عايز أغير في مجتمعي للأفضل فعلا؟ ليه بتعامل مع الحب على انه عار وببرر للكره؟ ليه آرائي خارجه من منطقة الانفعال العاطفي مش التفكير المنطقي؟

ياريت يظهر دعوة لدراسة تحليلية لحالة محمد راجح من كل الأبعاد الممكنة: نفسية/ اجتماعية/ تربوية إلخ إلخ للفهم وتحويلها لجرس إنذار للمجتمع يقولهم انتبهوا في أجيال طالعه ادمرت وعايزة تتلحق بإعادة التأهيل، والوضع في حال استمراره هيبقى أسوأ مع الأجيال التالية.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

آيات عبد الدايم (AyAt Hassan)

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى