قضايا المرأة

بمناسبة اقتراب امتحانات الثانوية العامة على نهايتها.. أتمنى…


بمناسبة اقتراب امتحانات الثانوية العامة على نهايتها.. أتمنى أن يراجع المدرسين الأفاضل نفسهم ألف مرة قبل نشر التهنئة الحصرية لحملة الألقاب الجدد فقط: الطبيب بأنواعه والمهندس بمشتقاته، وأن يفكروا جيدًا في قرار نشر قوائم الألقاب التي مرت تحت أيديهم كطلاب: الطبيب والمهندس والصيدلي والمستشار وضابط الجيش والشرطة فقط، لا أطلب سوى التمهل والتأمل قليلًا في معنى ودلالة التهنئة والحصر السنوي.

بشكل شخصي لم أرى إهانة للمعلم والعلم أكبر من إهانة قوائم التهنئة، وأرى انها أكبر من إهانات الدولة المادية والمعنوية والمهنية، مربي الأجيال بنفسه يهين مهنته وآلاف الطلاب الذين تتلمذوا على يديه، ويرسخ فكرة أن قيمة الإنسان ليست في ذاته ولكن اللقب اللي يسبق اسمه، وتأثيره في الحياة ليس في جودة فعله وآثره ولكن في اللقب الذي تحصل عليه، ويوجه رسالة إلى عقول قيد التشكل أن الطالب الذي دخل أي كلية أو اختار أي تخصص لا لقب له لم يحقق شيء ولا قيمة له وليس له مستقبل، ويا لها من رسالة تكسر أمل ما زال يستكشف خطواته الأولى مع الحياة، وأي ضغط نفسي ذلك الذي يوضع على عاتق مجموعة من المراهقين يحاولوا اكتشاف طريقة للتعامل مع بعبع الثانوية العامة.

البديهي أن كل التخصصات العلمية والمهنية والفنية مهمة، وعجلة الحياة لا تستمر إلا بتكامل الأدوار والتخصصات، ولا فرق ما بين من تخرج في كلية علمية أو أدبية، الفرق المجتمع صنعه بربطه قيمة العلم بالوظيفة وبما تدره على صاحبها من مال وسلطة، وعلى سبيل المثال تحولت نظرة المجتمع نحو كلية الحقوق حتى استقرت في المخيلة الآن على أنها “كلية الفشلة”، الذين لم يحصلوا مجموع عالي في وهم الثانوية العامة، ولا يلتفت أي مدرس لأي طالب دخلها أو تخرج منها، إلا إذا حاز مكان في أي جهة قضائية وفي التو واللحظة يتذكره الجميع، وبدلا من النظرة السابقة يصبح سيادة المستشار الذي درست له وكان متميزًا وسط أقرانه!

وبشكل شخصي إذا خيرت وطلب مني تحديد الأهم في دائرة التخصصات والمهن سوف أختار بلا لحظة تردد: مدرس التعليم الأساسي والثانوي أولًا ثم الأستاذ الجامعي ثانيًا، فهم في نظري أصحاب أهم وأخطر دور يقوم عليه المستقبل، فإن أجادوا في تأدية دورهم وساهموا في تشكيل عقول قادرة على النقد والتفكير والاستماع والتعبير عن آراءها دون خوف أو تردد، اختلف المستقبل بشكل أكيد، أما إذا قاموا بصب العقول في قوالب التلقين والحفظ والعجز عن تكوين رأي أو التعبير عن خاطر عابر فلا مستقبل يرجى اختلافه ويظل الماضي ممتدًا مهيمنًا على الزمن والأجيال.

وأخيرًا إذا أردت أن أضع قائمة شكر وعرفان يومًا ما ستكون قاصرة على من جعلني أفكر وشغل عقلي بأسئلة جعلت تطلعي مغايرًا لمحيطي وأقراني، ولكل من شجعني أن أعبر عما يدور في ذهني من آراء دون خوف أو تردد، وسيكون على رأس هذه القائمة بعض المدرسين الذين مررت عليهم في رحلة تشكيلي وخلال تأديتهم لدورهم المقدس، وأذكر منهم الآن بالاسم: أستاذ إبراهيم الجمل، مدرس مادة الدراسات الاجتماعية بمدرسة شهداء ٦ أكتوبر الإعدادية، الذي سألنا ذات يوم: “الصح نقول الفتح العثماني ولا الاحتلال العثماني؟”، وبعد مرور ١٨ سنة تقريبًا على تلك الحصة ما زالت أذكر أستاذ إبراهيم وسؤاله الذي جعلني أفكر.

نهايته قيمة المدرس لا ترتبط بعدد الأطباء والمهندسين والضباط الذين تتلمذوا على يديه، لكن قيمته في ذاته وفي دوره كمعلم ومربي، يظل في حالة تطور مستمر حتى يواكب ويشكل عقول أجيال مختلفة ربما تصنع الفارق ذات يوم.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

آيات عبد الدايم (AyAt Hassan)

مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى

‫3 تعليقات

  1. و الله ي بنتى كلامك جميل و كلنا لنا دور ف الحياه دى و كلنا محتاجين بعض بس لو كل واحد يركز ف دوره اهم حاجه بس الدين و التربيه السويه فعلا العيال مفتقده لقدوة حسنه

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى