كتّاب

• المسيحي الحق لا يهاب أو يخاف الموت أبدًا ؛ فالموت كما قال…


• المسيحي الحق لا يهاب أو يخاف الموت أبدًا ؛ فالموت كما قال عنه مُعلمنا بولس الرسول: هو شهوة قلوبنا جميعًا أن ننطلق و نتحرر من قيود الجسد و نكون مع المسيح إلهنا القدوس فذاك أفضل لنا جدًا ، و وصفه أيضًا بـ ” الربح ” أي المكسب ، فخيرًُ و مكسب لنا أن نموت على اسم من فدانا و أحبنا أولًا و ضمن لنا مصيرنا الأبدي بدمه الكفاري العظيم ، أفضل و أهون بكثير من أن نعيش أمواتًا تابعين شيطانًا أو إلهًا ليس حقيقيًا لا يضمن لتابعيه الحياة الأبدية و الخلاص.

• المسيحية ديانة قائمة على علاقة الحُب بين الله و الإنسان ، والله هو الذي بادر أولًا بهذا الحُب و الفداء الثمين لنا ، فكما قال مُعلمنا يوحنا: ” نحن نُحبه لأنه أحبنا أولًا ” ، فإذ هو قدّم و بذل نفسه عنا حتى يُعطينا الحياة ؛ هكذا نحن أيضًا دمنا يرخص أمامه ، و نُقدِم أنفسنا للموت و الشهادة بكُل فرح و سلام و هدوء قلب ، بإيمان ثابتٍ لا يتزعزع ، و مهما فعلنا أو قدمنا لإلهنا المُحِب سنظل مديونين له و غير مُستحقين شيء من الذي فعله هو لأجلنا أولًا ، حتى طهرنا و حررنا من قيود إبليس ، و فتح لنا الفردوس مرة أخرى.

• المسيحية عبر كل العصور و الأزمنة و مُنذ بدايتها لم تسلم من مُحاربة الشيطان لها ، الذي يُريد أن يُعرقل نشر كلمة الله و بشارة الخلاص بربنا يسوع المسيح للناس ، فالمسيحية أُضطُهِدت من جميع الأباطرة و الحُكّام حتى إلى وقتنا هذا ، و تحملوا المسيحيـين ما لم يحتمله بشر ، تحملوا أشد و أقصى و أصعب درجات العذاب التي لا يتخيلها إنسان ، و كثيرين ضحوا بأعلى المناصب و الرُتب و الأموال و الزواج ، و كل شيء مُغري يحلم به أي شخص في زمانهم ، كل هذا حتى لا ينكروا الرب يسوع المسيح ، لا جهرًا و لا سرًا ، فمن ينكِر المسيح السيد ؛ سينكره أيضًا المسيح و لا يعرفه و لا سيكون له نصيب معه في ملكوته السماوي ، سأذكر قصة حقيقية تُبرِز للجميع قوة و صلابة إيمان المسيحيـين العنيد الذي حير الملوك و الولاة و الأباطرة من تمسك أبنائنا الشهداء به، فـ في إحدى المرات تحديدًا في اسنا ، كانوا وقتها الجنود مأمورون بقتل و إبادة المسيحيـين جميعًا من تلك البلدة ، فرؤا ثلاثة أشخاص بُسطاء يعملون في الفلاحة لم يكُن معهم إلا فؤوسهم ، فلما علِموا الجنود أنهم مسيحيـين و لم يكن معهم سيفًا ليقتلوهم ، تطوعوا هؤلاءِ المزارعون بهذه المُهمة و أعطوهم فؤوسهم لكي يقتلوهم ، و ينالوا الشهادة على اسم الفادي القدوس في سلام و أطمئنان ، فما هذا السر و العجب!!

• التاريخ القبطي ذكر كل ما حدث للأقباط من ظلم و تعنت و اضطهاد و عذابات و آلامات بمُنتهى الدقة و الأمانة خلّد ذكراهم إلى اليوم في بيعة الله المُقدسة تُقرأ سيراتهم العطرة فنتشدد و نتعزى و نتمثل بإيمانهم ؛ و لكن رُبما لا يُصدق البعض هذا و يراه فيلمًا أو مسرحية من تأليفنا نحن ، أقول له: يا صديقي نحن لسنا بحاجة إلى نصرة إيماننا بالكذب و الخداع هذا الأسلوب الرخيص لا نعرفه أبدًا ، و لكن إن أردت التأكد و التيقن من صدق من نقصه الآن ، شاهد ڤيديو ذبح شهدائنا الرجال الأبطال الأقباط في ليبيا و هم في صمود و قوة و سلام عجيب مُحير مُثير دهشة الجميع ، لم يخافوا أو يرهبوا أي أحد من شياطين الدواعش ، و شهداء دير الأنبا صموئيل المعترف الحادثة التي تكررت مرتين و في كل مرة أتت بفشل القتلة الإرهابيين في تغيـير و ترك المسيحيـين البُسطاء لدينهم و إيمانهم ، لم يرضوا أن يتركوا المسيح المُخلِص و فضلوا ترك حياتهم و أولادهم و أزواجهم و كل شيء وراءهم و لم ينظروا إليه ، فمن يفصلنا عن محبة المسيح ؟! من يقدر أن يفصل هذا الرباط و التثبيت الذي آخذناه في سري العمودية و الميرون المقدس؟!
في الحقيقة لا شيء ، مهما كانت العواقب و النتائج ، مهما كانت المغريات ، مهما كانت الأسباب ، لم نترك و لم نبيع من أشترانا بأغلى الأثمانِ و هو دمه الطاهر المسفوك عنا.

• فأمامنا تَضعف كل قوة ، و يرخص و يهون كل غالٍ ، لا نخاف من سيف أو سكين أو رشاش ، فكُل هذه ليست إلا مُجرد طُرق و وسائل توصلنا إلى مجد لا نستحقه ، المسيحي قوي لا يخشى شيء سوى إلهُه فقط ، و ثابت و مطمئن و في سلام ، و هذا نابع من معرفة و عِشرة حقيقية لإله حقيقي ، فنحن عرفنا الله حقًا و أختبرناه و أعلن لنا عن ذاته مرارًا و تكرارًا ، فالله الذي في ذاته و طبعه الحُب ، تمثلنا و أقتدنا به و أحببناه أيضًا كما أحبنا ، فلا نرى في حياتنا إلا هو ، و ننتظر بفارغ الصبر اليوم الذي نلقاه فيه بمجده المُعلن للمؤمنين به.

• نحن نعلم جيدًا و نعرف من نعبد ، و من نموت من أجله ، فلا نموت هباءًا من أجل شيءً لا يستحق لذلك ؛ على العكس نحن نُضحي بأنفسنا و تُسفَك دماءنا ردًا للجميل و إيفاءًا للدين الذي دفعه و سدده عنا ربنا و مخلصنا يسوع المسيح ، قال داود النبي: ” ذوقوا و أنظروا ما أطيب الرب ” ، و بالحق فمن يذوقه و يذوق حلاوته لا يشعر بأي لذه إلا معه و في طريقه المُحي ، ذوقناه و أحببنا حلاوته و ازدادنا تعلقًا و تمسُكًا به ، فمن يعرفه حقّا لا يتركه أبدًا ، فـ كيف لعاقل أن يترك طريق الحياة و يذهب لطرق الموت المُهلكة ؟! ، كيف لشخص أحبني قولًا و فعلًا أن أتركه مهما كان المقابل ؟! ، كيف لإله و سيد يبحث عنا ؛ و كيف لإنسان و عبد يتوه عنه وعن حضنه الدافئ المُريح ؟! كيف ، كيف ، كيف ؟!.

• الله إلهنا البار وعدنا بأن من يصبر إلى المُنتهى فهذا يخلُص ، فنعيش في هذه الحياة مُتألمين مُضطهدين من أجل اسمه ؛ فطوبانا بالمجد المُعّد لنا مِن قبل إنشاء العالم ، فكلما تعبنا و صبرنا كلما أزددنا مجدًا و كرامة و مكانةً في ملكوته ، كما نتألم معه سنتمجد أيضًا معه ، فستزول الدنيا بما فيها و يظل وعد الله ثابت لا يتغير إلى الأبد ، الحياة بعيد عن المسيح هي الموت بعينه ، و الالتصاق به و بطرقه هو الحياة بعينها ، الوحيد الذي قال عن نفسه:
” أنا هو الطريق و الحق و الحياة ” ، لم يقدر أن يتفوه بمثل هذه العبارات أيا من البشر سواه ، فنحن لا نتبع إلا من ضمن لنا حياتنا الأبدية معه و بسلطانه ، فحياتنا إن كانت على الأرض فله ، و إن كان الموت أمامنا فسنموت فرحين لأننا أيضًا سنكون معه ، فنحن به و له كل شيء ، و هو لنا كل شيء ، و شهوة قلب كل مسيحي أن يموت شهيدًا على اسم الرب يسوع المسيح الذي له كل المجد و الكرامة إلى الأبد.

و ما زال السنكسار مفتوحًا يؤرخ و يسجل لنا سيرة الشهداء القديسين الأبرار ، فأجعلنا مُستعدين على الدوام لمُلقاتك يا إلهنا الحبيب ، كُن معنا و قوِنا و اِمنحنا سلامك الذي يفوق كل عقل ، ثبتنا في إيمانك إلى النفس الأخير.

#أبانوب_فوزي

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Abanoub Fawzy ابانوب فوزي

شاعر ـ كاتب قبطي

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى