كتّاب

من الأشياء المسلية، في القصة كلها، إن الإمارات قامت بعملية “إحصاء سكاني” في سقطر…


من الأشياء المسلية، في القصة كلها، إن الإمارات قامت بعملية “إحصاء سكاني” في سقطرى، جدولت السكان، وأنجزت لهم كشوفات.

بالأمس، السبت، تناولنا فطورنا في مطعم تركي بالقرب من مشفى الجامعة. على الجهة الثانية من الطاولة جلس زوجان ألمانيان، هما صاحبا الدعوة. قال الصديق الألماني:
ـ هل من جديد عن اليمن؟
ـ دائماً هناك جديد، ولكن الأشياء الجديدة لا تغير شيئاً.
ـ أها، مثير. ماذا عن الجزيرة الأعجوبة التي احتلتها الإمارات؟
ـ هذه قصة معقدة، الجيد فيها هو إننا نملك بلداً مثيراً للأطماع. لم نكن نعرف أنا نملك مثل هذه الأرض المسيلة للعاب.
دفعته إجابتي للضحك.

قبل ذلك بوقت قصير كنت قد طلبت من متابعي صفحتي كتابة تعليقات قصيرة حول “الموقف الشخصي مما يجري في سقطرى”، على أن يترك صاحب التعليق معلومة عن انتمائه السياسي. في اعتقادي، ولا يزال هذا الاعتقاد راسخاً، أن النسبة الأغلب من اليمنيين تقع خارج النظام الحزبي. لا توجد دراسات حول هذا الأمر. عندما ألقي نظرة على “الميلينيالس” في عائلتي الكبيرة، الذين ولدوا بعد العام ١٩٨٠، أعود لأسأل نفسي ما إذا كان النظام الحزبي في اليمن يمثل، فعلاً، اليمنيين. لا أعرف شاباً ينتمي إلى تيار سياسي معين، هناك ثلاثة شبان ولدوا في سبعينات القرن الماضي: أحدهم سلفي، آخر إصلاحي، ثالث بعثي مستقيل. أما والدي فقد أوقف نشاطه الاشتراكي مطلع التسعينات، وصار من رجال صالح. كيف عثر والدي داخل “الاشتراكي” على طريق أوصله إلى الديكتاتور؟ ليس لدي إجابة عن سؤال غامض كهذا.

نشر المتابعون حوالي ٢٨٠٠ تعليق حول الموقف مما يجري في سقطرى. قال “٥٧٣” إنهم مستقلون، وقال “٣٥٢” إنهم إصلاحيون، وقال “٣٦” إنهم ناصريون، و”٥٤” إنهم مؤتمريون، و”٣٩” إنهم اشتراكيون، و”١١” إنهم حراكيون، ، و”١٨” إنهم ينتمون إلى حركة أقيال، وقال “٤” إنهم سلفيون”، و”٤” آخرون إنهم ينتمون إلى حزب البعث. هذه الحسبة أجراها الدكتور محمد الحيدري، وهو خبير عسكري ومعلوماتي، وهي تمثل أقل من ٥٠٪ من التعليقات المنشورة في البوست. وفقاً لهذه البيانات السريعة فقد قال “٥٧٣” إنهم مستقلون، بينما قال “٥١٨” إنهم ينتمون إلى تنظيم سياسي أو جماعة سياسية. أي أن “٤٧٪” ممن يجيدون القراءة ويستخدمون فيسك بوك يعتقدون بأنهم جزء من النظام الحزبي اليمني، في حين ينأى ٥٣٪ من الفئة نفسها عن كل الأحزب والتنظيمات.

لدينا بيانات رسمية نشرتها وزارة التخطيط في العام ٢٠٠٩ تقول إن ٦٣٪ من الشعب اليمني لا يجيدون القراءة والكتابة. وبطبيعة الحال فالنظام الحزبي يصعب عليه التوغل في تلك المنطقة، وبالتالي لا يمكن القول إنها ممثلة فيه. تتسابق التنظيمات الشعبية “الإصلاح، المؤتمر، الحراك، السلفيون” على هذه التركة، غير أنها ستبقى في آخر المطاف منطقة خاملة معزولة عن النظام الحزبي الذي تعتبر القراءة والكتابة أهم شروط الالتحاق به.

إذا توسعنا في الحديث حول هذه الفكرة وسمحنا لأنفسنا بترديد فرضية تقول: يجيد ٣٧٪ من اليمنيين القراءة والكتابة ويستخدمون السوشال ميديا، فداخل هذه النسبة يقول أقل من ٥٠٪ إنهم جزء من النظام الحزبي اليمني. أي أن النظام الحزبي اليمني يتحرك داخل دائرة سكانية مقدارها ١٥٪ من السكّان!

بينما يعيش قرابة ٨٥٪ من اليمنيين غير آبهين بالنظام الحزبي بكل تنويعاته، من الحراك الجنوبي حتى المؤتمر الشعبي العام، ومن الإصلاح حتى البعث العربي. وماذا عن الحوثيين؟ الحوثية إلى عصابة، والعصابة مسألة مهملة رياضياً، لأنها آيلة للزوال، وليست جزءاً من أي مجتمع.

ـــــ

ملحوظة، هذه الإضافة نشرتها رداً على تعليق للبروفيسور أحمد الدبعي. في تعليقه الدبعي إن أعضاء الأحزاب، في كل الأحوال، لا يتجاوزون مئات الآلاف في الدول ذات الديموقراطيات المستوطنة، وأن المسألة تحسمها السياسات لا العضويات.
وكان تعليقي:

أعتقد أن الفكرة إلى حد ما مختلف. حكم بيل كلينتون بـ ١٥٪ من “الشعب الأميركي” واعتبر ذلك أغلبية، بالنظر إلى كون تلك النسبة هي أغلبية داخل مجموعة المصوتين. الأجابة التي أبحث عنها مختلفة: أن يكون ١٥٪ من السكان أعضاء في النظام الحزبي اليمني فهذه نسبة هائلة. في المقابل: أن يعيش ٨٥٪ من السكان “خارج تأثير الأحزاب كلياً”، فهذا أمر آخر. الحزبية في أوروبا مختلفة، فهي على هيئة كشوفات واشتراكات وانتماء عضوي يسهل جرده. في اليمن، كما في العالم الثالث، تبدو الأحزاب أقرب إلى نشاط كارنڤالي يسهل فيه ادعاء العضوية. لا يعتبر التصويت لحزب العمال عضوية في حزب العمال. في اليمن لا يمكنك أن تردد مثل هذه المقولة: فالذين يخرجون في مهرجانات الحراك بعشرات الآلاف يقولون بشكل واضح “نحن حراكيون”، ولا يقبلون مجرد التشكيك في نواياهم ومرجعيتهم. المقارنة مختلفة كلياً. وما يجعلها أكثر اختلافاً هو أن الأحزاب في اليمن لا تملك أحزاباً، ومؤخراً لا توجد دولة تتطلب مثل تلك البرامج.

وكان سؤالي منذ البداية:

هل الهبة التي حدثت ضد الإمارات في سقطرى هي هبّة إصلاحية؟ وما نسبة “الغضب الإصلاحي” داخل الغضب العام؟.

من حاصل ٢٨٠٠ قالوا لا، قال أقل من ٤٠٠ شخص إنهم ينتمون إلى حزب الإصلاح.
وهذه مسألة أخرى.

م.غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫28 تعليقات

  1. الحزبية السياسيه والحوثية والطوائف الدينيه لا يشكلون فارقاً في اليمن من حيث نسبة السكان .. بل بامتلاك السلاح والدعم المادي الخارجي
    ولولا ذلك لما وصل المتخلفون الى السلطة

  2. طبعا لست متحزب ولست حوثي لكن
    سلسله من البيوت ومن 163 عائله مرغت انف المملكه والامارات في التراب ولم يستطيعوا كسرها!
    فهل تفسر لنا هذه المعادله الرياضيه يا دكتور?

  3. تحدثت عن الانتماء السياسي للمعلقين ولم تتحدث عن نسبة مواقفهم الشخصية مما يجري في سقطرى؟!
    هل فقط استغليت الموضوع وانه اصبح ترند.. لتحقيق اكبر قدر من الاجابات للحصول ع نسبة الانتماء السياسي… خطير وشاطر انت 😂

  4. بعدما ظرطه فزه – نحرر عدن وميناء عدن ووقتها راح تتحرر سقطرى توماتيكي توماتيكي – بعدين لا تقلقو قسم أنحنا راح نحرر كل المحافظات من الحوثه والامارات والسعوديه
    بس بالفيس بوك 😀
    فلهزاء لا تقلقو نحن شعب الفيس بوك محناش قليل

    #شعفل

  5. احزاب بريطانيا مجتمعة لا تضم اكثر من ٢٪‏ من الشعب البريطاني ولكنها تعتبر ممثلا للشعب سياسيا
    حزب المحافظين الحاكم لا يتجاوز عدد أعضائه في بلد فيه ٦٦ مليون نسمة
    مجرد ١٣٠ الف عضو ..
    التوجهات هي التي تمثل الشعب وليس عدد اعضاء الأحزاب
    محبتي يا باشا

  6. اعتقد أنك افترضت أن الحزبية تجد لها مكانا عند المتعلمين فقط.
    لو كان الأمر كذلك لكان الأمر جيدا نوعا ما، المشكلة أن الفئات الأمية في اليمن والبلاد العربية هم القاعدة الشعبية للأحزاب الحاكمة وهؤلاء بأصواتهم وأعدادهم ومظاهراتهم هم من يفرض على الجميع رؤيتهم لكل شيء من خلال اختيار الحاكم والذي وإن بدا متعلما فهو مرشح الجهلاء وحامل برنامج الجهل.

  7. والله اكثر الناس بطلو الحزبية او صامتين بسبب الاوضاع التي تمر بها البلاد واعتقد لا يمكن ان تجد احصائية دقيقة او قريبة للواقع في ظل الفرمتةالدماغية التي تعرض لها الكثير من المنتمين للاحزاب في ظل التخبط التي تعيشه الاحزاب وقياداته..

  8. يادكتور من ذكرتهم بالامين اوالذين لا يعرفون القراءة والكتابة هم اساس الاحزاب باليمن
    المؤتمر انموذجا.. بماذكر
    ومن ثم بقية الاحزاب ولن نتخارج من دائرة الاحزاب الجاهلية الا بعدحوالي 50 عام من الآن اي بعد انقراض اغلب من ذكرت

  9. اعتقد ان القراءة والكتابة ليست عائق في الإنتساب الى بعض الأحزاب والجماعات !! اقرب مثال الحوثيين ! ممكن تلاقي حوثي متعصب لعبالملك ولا يعرف اول ثلاث حروف من الهجاء .

  10. دولة الأمارات تدعم فصائل المقاومه التي لا تعترف بالشرعية وبالاهداف المعلنه لعاصفة الحزم والتي تقوض الشرعيه من الداخل وتثير فتن وصراعات فوق ما نحن فيه من نزاعات وحروب، والتي تظهر الشرعيه متناقضه وضعيفه ولا تستطيع السيطره على المناطق المحرره لدرجة أن المناطق الخاضعه لسيطرة الانقلابيين أصبحت أكثر أمانا واستقرارا من المناطق المحرره التي تديرها الإمارات، كما أن الأمارات تمارس سياسيات الإرهاب والاغتيالات ضد من يقف أمام سياساتها الغير قانونية أو ينتقد تجاوزاتها وأنتهاكاتها لحقوق الإنسان ضد مواطنيين يمنيين والتي أصبحت أكثر ضررا من إنتهاكات وإرهاب المليشيات الانقلابية.
    الأمارات تجاوزت دورها في الدعم العسكري واللوجستي للشرعيه لتدعم جماعات تعمل لحسابها المباشر خارج أطار الشرعيه تماما بل أنها أصبحت معاديه للشرعيه مثلها مثل الانقلابيين بالضبط.
    كما أنها تعتدي على محميات طبيعيه يمنيه برغم تحذير سلطات الشرعيه بعدم العبث بها مثل مايحصل في جزيرة سقطرى وهذا مخالف لكل القوانين والأعراف الدولية وأصبح الاماراتيون يتصرفون كما لو أنهم غزاة محتلين وليس أشقاء منقذين وداعمين لأمن وأستقرار اليمن الداخلي في أطار الحفاظ على الأمن والإستقرار الإقليمي والعالمي.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى