مفكرون

“وكان اشتداد المنافسة عبر التاريخ وراء فتح الباب لفكرة…


“وكان اشتداد المنافسة عبر التاريخ وراء فتح الباب لفكرة (التكفير) والاقصاء كحلٍ ناجح مع المعارضين, فقامت الفرق الإسلامية تكفر بعضها بعضا, وقام كل طامع إلى السيادة يطرح تأويلة الخاص للدين وفهمة له فى سوق الأطماع، بتسويق فكره مع تبديع و تكفير كل الفرق الأخرى بحسبانة من يعرف وحدة الإسلام الصحيح . وعادة ما يبدأ التكفير المتبادل بين التأويل الجديد وبين سابقة ليصل الى صدام وقتال.
وفى تاريخنا ما كان أكثر القتال للوصول الى السلطة بالدين، بل ان تاريخنا ليس شيئا غير ذلك ، وما أشنع ما ارتكبوا من مجازر علنية حتى أُبيد بعد آل البيت فرق بكاملها مع كل ما انتجت وقالت ، وبقى الفريق المنتصر وحدة سيداً. و لأنه انتصر فلا شك انه كان على الحق ، و لأنه من يملك الحق فهو يؤكد ان الحق واحد فقط لاغير ، ومن ثم فغيرة هو الباطل المطلق وهكذا انتصر القتلة وأصبحوا اسياداً لنا . لقد جاءنا القتلة ومشايخ المنسر بالحق بعد أن أبادوا الباطل و محقوه وسحقوه ،العباسيون أبادوا الأمويين واخرجوا جثث من مات منهم حتى يجلدونهم، ثم أين المعتزلة؟ أين المرجئة؟ أين الجهمية؟ أين المعطلة؟ أين مؤلفات ابن الراوندى والرازى ؟ كانت الإبادة تمتد الى الفكرة.
إن من يحكم المسلمين اليوم فكر قاتلٍ وسلطات قاتلة وتشكيلات عصابية التكوين، قبلية القوانين، طائفية عنصرية، ولو رددنا كلام مقتول سابق لأصبحنا المقتول اللاحق. وكان أكثر هذه الفرق ضراوة ، هو ما يسمي مذهب بن عبد الوهاب الذى تحالف مع ابن سعود للاستيلاء على حكم الجزيرة، و الذي يتم تعريفه بحسبانه تجديداً لمذهب الإمام أحمد بن حنبل . لذلك لا تجد مبدأ التكفير مرفوضاً في بلادنا أو مستهجنا ممجوجاً، بل هو يسير فينا مسري الأمراض المستوطنة, لانه لو لم يقم عبد الوهاب بتكفير بقية الفرق فلن يحصل على أتباع … لن يحصل على زبائن مادامت الفرق الاخري سليمة صحيحة, فالتكفير هنا أداة إعلان ؛ وأيضاً ؛ وهو الاهم ؛ أنها أداة ترويج و تسويق يعمل بها لنفسه زبائن ….. لأنه لو قال أن الشيعة والمعتزله والاشاعرة علي صحيح الدين فإنه سيترك مجالا ًللاختيار, وربما ذهب الناس الى هؤلاء وتركوه ها هنا قاعداً, انها باختصار بلاغي ما قالة المثل الشعبي المصري : “ما يكرهك إلا ابن كارك” ، ومن ثم كانت الاختلافات الحادة، حتي أنهم لم يتفقوا علي الرب الذي يؤمنون به، و بصفاته,وذاته، وكلامه مخلوق أم أزلي؟ والنتيجة التكفير والتقتيل. وهي موضوعات صراع نخبة المسلمين المتخصصين, فما بالك بالعوام منهم؟
وتظل الفرقة أو المذهب يردد ذات الكلام, ويكرر ذات القصص, ويؤكد ذات الأساطير ، كأنهم جميعا غير مصدقين لما بين أيديهم ويريدون التصديق بمزيد من التكرار والترديد دون أي جديد. و مع الصحوة أصبحت المدرسة والصحيفة والإذاعة والتليفزيون أماكن ووسائل مهمتها تعليم الناس الإيمان, وبات لا يخلو خبر محايد ، أو برنامج حواري ، أو محاضرة ، أو حتي فنون درامية ، من مهمة دعوية, حتي أمسي الحكم علي الرأي حتي في أخطر الشئون ليس بمدي نفعه او ضره، أو صوابه من خطئه ، إنما بقدر ما دعم نفسه بالآيات والأحاديث أو أي حكاية من حكايات زمن التابعين وتابعي التابعين. والسبب الواضح هو أن الاستعانة بالمقدس والاستناد إليه في الخطاب الموجه للمسلمين, هو من أجل الارغام علي قبول القول والخضوع للأمر حتي يرضخ الجميع, فظهرت مع الصحوة أسوأ أنواع الديكتاتورية لانها الاستبداد بمساندة رب السماء.”

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=221202

#سيد_القمني


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى