مفكرون

احمد عصيد | لماذا نحن أبناء النجوم؟


قبل الحديث عن الحياة، التي تبدو على الشكل الذي نعرفه على الأرض، لابد من معرفة العناصر الأساسية التي تتشكل منها، حيث إن الذرات هي المكون الأساسي لكل شيء حي أو جامد في الكون، ويشكل الأوكسجين والكربون والهيدروجين والنيتروجين 96 بالمائة من كتلة جسم الإنسان، لكن ما مصدر هذه العناصر ؟.

كانت درجة حرارة وكثافة الكون، في بداية نشوئه قبل 13.8 مليار سنة، جد مرتفعة، وتتشكل مكوناته الأساسية من الهيدروجين والهيليوم والليثيوم. مع تمدد الكون وانخفاض الحرارة بشكل سريع في الدقائق الأولى من الانفجار العظيم، ظل الكون يحتوي فقط على هذه العناصرالثلاثة الخفيفة إلى أن تكونت النجوم بعد ملايين السنين من بداية الكون لتصنع باقي العناصر الأخرى الثقيلة.

إن النجوم تولد وتعيش وتموت مثل الأحياء، وتبدأ مرحلة حياة النجوم حينما تتقلص، بسبب الجاذبية الذاتية، كتلة كثيفة من الغازات (الهيدروجين) والغبار النجمي، المعروف ب"السديم"، مما يؤدي إلى ارتفاع الحرارة في مركز الكتلة إلى حوالي 10 ملايين مئوية، وتشرع ذرات الهيدروجين، التي تعد وقود النجوم، في الاندماج والتحول إلى الهيليوم، الذي يعرف بالاندماج النووي، مع إنتاج كمية كبيرة من الطاقة داخل النجم الذي يقاوم الجاذبية، وبالتالي يحقق النجم توازنه ويعيش ملايين أو مليارات من السنين.

وتعتبر كتلة النجم الابتدائية هي العامل الأساسي الذي يحدد مدة حياته ومراحل تطوره ومصيره، وهناك نوعان من النجوم هما النجوم "الخفيفة" مثل الشمس، والنجوم "العملاقة" (تفوق الشمس بأكثر من 8 أضعاف).

ويتوقف الاندماج النووي في النجوم "الخفيفة" عند تحويل الكربون إلى الأوكسجين، بعد دمج الهيدروجين والهيليوم، لأن درجة الحرارة داخل النجم غير كافية لإنتاج الطاقة، مما يتسبب في انهيار قلب النجم وتمدد طبقاته الخارجية ليتحول إلى ما يسمي "عملاق أحمر" (هذا هو مصير الشمس بعد نحو 5 مليارات سنة)، وينتج عنه سديم كوكبي يشكل بدوره وقودا جديدا لتشكيل جيل جديد من النجوم.

وبالنسبة للنجوم الضخمة يتم الاندماج النووي بعد الكربون والأوكسجين لكي يتكون الحديد، العنصر الأكثر استقرارا في الطبيعة، وهنا تتوقف التفاعلات النووية لأن تحويل الحديد إلى العناصرالأثقل لا تنتج الطاقة لمواجهة الجاذبية، بل على العكس تستهلكها. في هذه اللحظة ينهار النجم بشكل ذاتي ينتج عنه انفجار كبير يسمى "المستعرالأعظم".

وتتكون خلال هذا الانفجار الكبير والطاقة الهائلة الناتجه عنه العناصر الأثقل من الحديد كالفضة والذهب واليورانيوم، وتتناثر في الفضاء مع العناصر التي تشكلت في بطن النجم لتكون بدورها سديما جديدا يشكل مصدرا لبداية دورة حياة الجيل الثاني من النجوم.

من المعروف أن الشمس تحتوي، إضافة الى الهدروجين والهيليوم، على بعض المعادن الثقيلة كالأوكسجين والكربون والحديد. ولهذا تشكل نجمنا، الذي يمثل 98.8 من كتلة النظام الشمسي، والكواكب التي تدور حوله، من بقايا انفجار "مستعر أعظم"، قبل نحو 4.6 مليارات سنة، وبالتالي تعتبر الشمس من الجيل الثالث من النجوم.

وبعد نهاية حياة الشمس تتمدد طبقاتها الخارجية، كما ذكرت، إلى مدار الأرض تقريبا وتتبخر الصخور وتنقرض الحياة لتعود ذرات الإنسان (الذرات لاتموت) إلى الفضاء لتشكل بذورا للجيل القادم من النجوم .

وهكذا نستنتج أن جميع ذرات العناصر الطبيعية الأساسية لنشوء الحياة تكونت خلال ثلاث فترات، سواء في بداية الكون، أو في مركز النجوم، أو أثناء انفجارها. فكل ذرة من جسدنا كانت يوما ما في باطن النجوم، فيمكن القول اننا وجميع الكائنات الحية ابناء النجوم.

حماد عاشور



احمد عصيد | ناشط حقوقي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى