كتّاب

استمعت إلى ساعة ونصف من مكالمات مسجلة للبرادعي تعود إلى زمن المجلس العسكري…..


استمعت إلى ساعة ونصف من مكالمات مسجلة للبرادعي تعود إلى زمن المجلس العسكري..

كنتُ، شخصياً، شاهداً على تلك الأيام عندما قادت صحيفة الدستور، في نسختها الأسبوعية، حملة لإقناع البرادعي بالانخراط في المشهد السياسي المصري.
على أول مرة تجري فيها صحيفة مصرية على صدر صفحتها الأولى مقارنة، باللغة العامية، بين البرادعي ومبارك .. في أيام مبارك.

وكنت شاهداً على تلك الأيام، عندما وضعت علامة إكس كبيرة على وجه البرادعي وكتب تحت صورته: خائن عميل، دمر العراق.. في لوحة كبيرة في مدينة السويس. ضمت اللوحة مجموعة من الشخصيات المصرية المؤثرة في الأزمنة الحديثة تحت عنوان “المصريين أهمّا”..

وأتذكر أول بيان أصدره مكتب البرادعي يقول فيه إن البرادعي لا ينوي الانخراط في المشهد السياسي المصري. ثم بياناته اللاحقة التي قالت إنه سيفكر بالأمر. كل ذلك في زمن مبارك.

وأتذكر الحشود التي كان هو في مقدمتها في الثامن والعشرين من يناير، ٢٠١١، ووضعه تحت الإقامة الجبرية. أتذكر تلك الساعات عندما هاتفه كل العالم وهو في الإقامة الجبرية، في مشهد بدا كأنه تدويل سريع لثورة يناير، واعتراف مبكّر بها..

أتذكر عندما كان شباب الثورة، في الساعات الأولى، يلتفون إلى اليمين فيرون البرادعي، وإلى اليسار فلا يرون سوى أولئك الذين قال عنهم في واحدة من مكالماته المسربة “ناس لكل الأزمنة”.

في المكالمات المسربة قال البرادعي عن أكثر من شخص، وأكثر من جهة:
أفاق، زبالين، دجال، عيال مرة وسخة، بلا مصداقية، حمير، حيوانات، ناس لكل الأزمنة، اكتشف الثورة من تلاتيام، مالوش قيمة، confused..

… عندما أطلق العسكر النار على الشعب المصري، وفتحوا أكبر مذبح جماعي في العصور الحديثة، فلم يحدث أن قتل خمسة آلاف شخص خلال أربع ساعات سوى في مصر .. ترك البرادعي السلطة، وغادر مصر.

بقي الذين قال عنهم إنهم “زبالين وعيال مرة وسخة وحيوانات” في أماكنهم يحاولون فهم ما يجري! ثم عاشوا بعد ذلك، فأغلبهم ينتمي إلى مجموعة “ناس لكل الأزمنة”، أولئك لا يموتون ولا يخسرون.

كان موقف البرادعي واضحاً، وصارماً، في كل مكالماته، بصرف النظر عن شتائمه التي راقت لي كثيراً:

ـ موقفه المبدئي والنهائي من فكرة الدولة الدستورية، والنظام الجمهوري القائم على التعددية السياسية المستندة إلى دستور عصري.

ـ موقفه الحازم من النظام الأوليغارشي، نظام مبارك، ومن نسخه الجديدة، واستعداده لخوض الصراع مع ذلك النظام حتى النهاية.

ـ موقفه المبدئي والصارم من المجلس العسكري، والعسكرتاريا إجمالاً، وتأكيده على ذلك أكثر من مرة في مكالماته، وقوله بعد عودته لقاء تلفزيوني “ادّيت المجلس العسكري على دماغه.

ـ قلقه العميق من العبث الثوري المجاني، وإشارته إلى شباب الثورة: الحمير والحيوانات اللي كل واحد فيهم عايز يعمل حزب هياكلوا ستين سنة جديدة على دماغهم!

ـ تخوفه من تربيطات الإخوان والعسكر وفلول النظام السابق، واستناد الجهات الثلاثة إلى حضورها في الأرياف. تخوفه من الهزيمة التي قد تنشأ من الأرياف وتكتسح المدن..
ـ موقفه النهائي، غير الملتبس، من الديموقراطية

ـ .. وكان واضحاً أن الرجل كان يستشعر الخطر، وكان قادراً على رؤية أولى ملامح “الوكسة”، الأمر الذي جعل لغته حادة ومنفعلة في أكثر من موقف، فقد كان يردد عبارته “إحنا بنشتغل مع شعب عيّان”!

ـ خارجياً ـ استناداً إلى ما قاله ـ كان ينظر إليه باعتباره أحد فلاسفة الربيع العربي، من خلال الدعوات العديدة التي كان يتلقاها للحديث عن مستقبل الديموقراطية والثورة العربية.

ـ قال البرادعي عن أناس بعينهم إنهم عيال مرة وسخة. وقال عن آخرين إنهم أفّاقين. وقال عن بعض القيادات الشبابية لثورة ٢٥ يناير إنهم حيونات وحمير ومشوشين!

ولم تكن تلك المسبّات بلا دليل، ولا هي غير ذات صلة بمواضيعها.

أنا واحد من الناس الذين لم يفقدوا، حتى الآن، احترامهم للبرادعي.

يمكنك أن تقول عن البرادعي ما تشاء، لكنه لم يكن أبداً “رجلاً لكل الأزمنة” ولا “صديقاً لكل الأنظمة”..

نهاركم سعيد..

م. غ.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫31 تعليقات

  1. أوافقك في احترام البرادعي لو لم يكن عامل أساسي في دمار العراق وكل ما آلت اليه المنطقة بعدها من دما مهيل وكل ما تبعه من ارهاب وتطرف ..المبدأ الاخلاقي والوطني لا يتجزأ

  2. انا اترقوص بمثقف خياله لا يتجاوز ركبته، هذا الرجل وقف خلف جنرال ليدهس على الديمقراطية ، فقط لحقده على تيار اسلامي صعد بالديمقراطية، كان بامكان البرادعي الوقوف ضد الاخوان دونما تورطه بدعم العسكر، الم يكن يعلم ان المؤسسة العسكرية ستقود البلد الى هذا المنحدر؟
    هل هذا مثقف؟

  3. السخرية الجماعية من اولئك البسطاء والمساكين توكد نرجسية الرجل وازمته العميقة المتعلقة بهشاشة شعبيته، خوفك من ان الارياف تكتسح المدن ايضاً هو دليل على كونك تركت الارياف لحالها وذهبت تنظر في أبراج نيورك …
    لعنتي المقدسة على المثقف الذي يعاني من تسوس عقلي وتجده ينتقل من النقيض الى النقيض..
    اتدري يا مروان احد اسباب اعجابي بك هو مواقفك السياسية المتماسكة والصارمة تجاه كل شيء فيما هذا لا يتوفر مطلقاً في كل النخبة السياسية المصرية التي ساندت العسكر، وها هم اليوم يحصدون الثمن، وعلى رأسهم ايمن نور والبرادعي…

  4. تحترم البرادعي على الرغم انه مشارك في تدمير بلد ويده ملطخة بالدم وعلى لسانه أن الشباب حمير ههههههه وتنتقد قطب لأنه قال أمه جاهله ههه تبا لك من حمار .

  5. كعاده اليمني بلاده معصوده عصيد و مهتم با اخبار مصر التي لايدري نصف شعيها شيء عن ما يحدث في اليمن,, عمري ما شاهدت جزائري او ليبي يكتب عن السياسه الداخليه لمصر عارفين ليش لانهم شعب يعتز بنفسه ويتجاهل من يتجاهله.. اكتب عن تعز او صعده او مارب واتركوا اهل مصر ليحلوا مشاكلهم الداخليه فيما بينهم…

  6. طيب مو دخلنا منه !!!!
    لم يكتب كاتب مصري واحد عن اليمن إلا ماندر ربما وفي معرض فقط مناقشة علاقة السعودية بمصر

    يناقش الكتاب الكبار هناك أزمة ارتفاع البصل أو الخيار والسكر ولا يعنيهم ابدا مايجري أو يحدث باليمن ….

    طيب مش احسن لنا مو دخلنا

  7. بقدر ما كنّا نأمل في البرادعي كوجه مدني لكنه في لحضة من الزمن فارقة انحاز للعسكر ورجح كفة الدكتاتورية على حساب المسار الديمقراطي برغم ما شابه من قصور كونها دمقراطية ناشئة…

    يحسب له موقفه الإنساني تجاه ما حدث في رابعة برغم أنه فضل الصمت لأكثر من ثلاث سنوات

  8. يقال ‏وقع زلزال في مصر في العهد المملوكي فجاء أحد الشعراء إلى الحاكم، فقال يمدحه:

    ما زُلْزِلت مصرُ من كيدٍ أُريد بها
    لكنها رقصت من عدلكم طرباً

    خربانه من زمان 😂

  9. وكما هي العادة كلام طويل طويل طويل، لتقنع نفسك أنك كنت في الجانب الصحيح من التاريخ، وأنك بصيرتك لم تخنك، وتظن -خداعا- أن بلاغتك وفصاحتك تستطيع أن تلوي الحقائق..
    هناك حقيقة واحدة بالنسبة لي، لقد فجر البرادعي وأمثاله في الخصومة، وداسوا على إرادة الشعب، وأذلوا شعوبهم، ولم يكونوا سوى طلاءا مدنيا لبيادات متسخة..
    وأن الانقلاب أخر الشرق الأوسط لعشرات السنين,,
    إلا أن التاريخ يمنح الفرص أكان للبرادعي أو لمن يحبوه، ،،

  10. يشتكي من تربيطات الاخوان مع العسكر رغم انها اجبرتهم على عمل ديمقراطي وانتخابات شفافة وقادت لدستور .. واخرجت العسكر شيئا فشيئا من السيطرة على المشهد

    قام عمل ايه فيلسوف الحمير .. واللي كان سابق البهايم بسنين ضوئية؟؟؟؟

    قام اتفق مع برناردينو ليون على انقلاب عسكري يكون فيه وعد بانتخابات مبكرة

    ولبس المصريين في الحيط

    الطمع والحقد السياسي جعله يبيع ديمقراطية مصر .. ولايمد يده مع خصومه الذين فازوا في كل الاستحقاقات الانتخابية

    وياخوفنا من كل اولئك الذين يرفعون شعار الليبرالية ومضطبين امورهم مع الغرب .. بينما هم مستعدين لبيع شعوبهم في اي لحظه

    والاستخناث بعد ذلك باجواء فيينا وزيلامسي

  11. ربما تكون أنصفته وذكرت بعض إيجابياته وﻻ يعفيه ذلك من مسؤولياته وقديكون للبعض رأي آخر فيه وفي مواقفه وتحليلها والأهداف التي لم تظهر لنا فيها ولكن مالذي ذكرك به؟

  12. بقدر التدفق الهائل لصياغة مايريد وإيصاله وتقبل البعض لما يكتب …. لاكن الحق يقال
    كالمسعور لايبقي ولا يذر ….من ينتقد ذاته الإلآهية الفارغة من الداخل

  13. البرادعي لديه مهمه مكلف بها من النظام الغربي وتم تنفيذها بنجاح
    مثلك لديك مهمه واضحه سب العلماء والدعاه وجمع سلبياتهم وتكبيرها وتهويلها من اجل نزع احترامهم من المجتمع

  14. وانا ايضا” من الذين لم يفقدوا أحترامهم لذلك الرجل..!
    ولكن “شعوبنا” الغبية تتبع كل وسيلة أعلام موجهة لتشيطن القامات وتصبح “متشبعة” بالتدليس والوهم الذي سيقت اليه بخلال يوم واحد.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى