كتّاب

مغالطات تاريخية: (1من2)…


مغالطات تاريخية: (1من2)
مآلات ونتائج ، من عرابى إلى ثورة يناير
عندما كتبت عن الآلاف من جنود عرابى الذين أبعدتهم الحكومة المصرية إلى مديرية خط الإستواء المصرية أو أوغندا الحالية سألنى بعض الأصدقاء عن عرابى ولماذا استقبله المصريين بالسب واللعن؟.. وسأحاول هنا توضيح الأمر
ولد عرابى سنة 1841، فى قرية هرية رزنة من قرى الشرقية لأب يعمل “شيخ بلد”، يعنى من مساتير الناس فى ذلك الزمان، فذهب فى طفولته إلى الكتاب وعندما بلغ عمره ثمانى سنوات أرسله أبوه إلى القاهرة ليصبح مجاورا بالأزهر، فاستمر به نحو أربع سنوات ولكن يبدو أنه نفسه لم تمل لعلوم الأزهر، وفى عهد الوالى سعيد باشا بن محمد على (1854-1863) فتحت المدرسة الحربية التى أغلقت فى عهد عباس الأول، مع الإعلان عن ترقية المصريين إلى رتب الضباط العليا، والتسوية بينهم وبين الضباط الشراكسة والأتراك فتقدم لها أحمد عرابي وتخرج منها ووصل فى عهد سعيد نفسه إلى رتبة قائمقام أو عقيد، وفى بداية عهد الخديو اسماعيل تعرض لمكيدة من الضباط الشراكسة أدت إلى عزله لثلاث سنوات عاد بعدها للجهادية واشترك فى حملة اسماعيل على الحبشة تلك الحملة التى زادته سخطا على الأتراك والشراكسة، ولما لم يكن – وقد وصل إلى رتبة أميرالاى – عميد- يخشى إعلان سخطه واحتقاره لغطرسة وجهل الضباط الشراكسة، كان من الطبيعى أن يقصده الضباط المصريين الذين فصلهم وزير الجهادية عثمان باشا رفقي الشركسى (يناير 1881) فتداول الأمر مع زميليه على فهمى وعبد العال حلمى واستقر رأيهم على إرسال عريضة تظلم للخديو توفيق(1879-1892)، فاعتبرها الخديو نزير تمرد واستدعى الضباط الثلاثة وقبض عليهم تمهيدا لمحاكمتهم، فتحركت قوة عسكرية يقودها الضابط الفذ “محمد عبيد”ليفرج عن الضباط المحبوسين وتتجه القوة كلها إلى عابدين فى مظاهرة عابدين الأولى، ويضطر الخديو إلى عزل عثمان رفقي الشركسى وتعيين محمود سامى البارودى ناظرا للجهادية، ويصبح عرابى محط آمال الحركة الوطنية كلها – أنا لا أحاول هنا تناول سيرة عرابى ولا ثورته وإنما أسعى لتوضيح أسباب مصيره المؤلم- ومع تهديد الانجليز بالتدخل المباشر، وإصرار العرابيين على عمل دستور ومجلس نواب له كل الصلاحيات، راحت المواقف وعملية الاستقطاب تتبلور فى معسكرين اثنين: الأول: معسكر الثورة ويضم عرابى ومعظم ضباط وجنود الجيش المصريين وأغلبية الناس الذين ظلمهم حكم الاستبداد والرقابة الثنائية، ومعسكر الخديو وأسرته ومجموعات الأتراك والشركس والانجليز والفرنسيين والباب العالى..وفى اجتماع عاصف للضباط الثوار يقترح البطل محمد عبيد أن يقوم بقتل الخديو وإعلان الجمهورية ويرفض عرابي طبعا، وفى قمة دراما الثورة يلجأ توفيق إلى الاسطول الإنجليزى وقائده سيمور الذى يضرب الإسكندرية بمدافعه، ويرسل عرابى المتحصن بكفر الدوار إلى نائبه طلبة عصمت، الذى يدعو لجمعية عمومية يحضرها رؤساء الطوائف الدينية الثلاث، وعشرات الأعيان والعمد وشيوخ البلد، لتعلن عزل الخديو والجهاد وجمع الأموال لتسليح الناس وتجهيزهم للحرب الشعبية
وينهزم عرابى فى التل الكبير وتكون خيانة بعض الضباط وديلسبس وفرمان عصيان عرابى من أهم أسباب الهزيمة، ويدخل الإنجليز القاهرة، ويعود الخديو للقاهرة فى حراستهم، ويقوم سلطان باشا رئيس مجلس النواب بتوزيع الساعات الذهبية على الضباط الإنجليز، وتتزين القصور الملكية ابتهاجا بإخماد الفتنة وانتصار الإنجليز
ويقبض على عرابى وياكم هو ورفاقه الستة وتحكم عليهم المحكمة العسكرية بالإعدام، ويسمح الخديو توفيق لياوره أن يدخل إلى البطل الأسير فى محبسه ويبصق عليه…وإلى اللقاء غدا
ويسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى