كتّابمفكرون

“مصر وتركيا والأخوان”…


“مصر وتركيا والأخوان”

تشهد الأيام الحالية محاولات تركية للتقارب مع مصر، وقد تكون أهم الملفات التي دفعت تركيا لذلك هي الغاز في شرق المتوسط، والتطورات الأخيرة في ليبيا، وأخيرا الأخوان المسلمين.

تركيا تعاني من الوحدة والإهمال سواء علي المستوي الأوروبي الذي يوقع عليها العقوبات بسبب الإستفزاز والأفعال الأحادية والعدائية في شرق المتوسط، أو علي المستوي العربي في إطار توتر العلاقات مع مصر وتدخلاتها العسكرية في بعض الدول العربية، باستثناء قطر التي تدعم التهورات الأردوغانية في ليبيا وفي مناطق أخري عديدة.

كما أن تركيا لا تستطيع تحقيق طموحاتها في الحصول علي حصة جيدة في غاز شرق المتوسط، وهو أهم أسباب التوتر مع قبرص واليونان ومن خلفهم الإتحاد الأوروبي.

إضافة الي أن العلاقات التركية الأمريكية بعد أن شهدت توترا خلال حكم ترامب، فإنها تشهد غموضا وضبابية وقلق وعدم يقين في فترة حكم جو بايدن الذي أعلن في حملته الانتخابية إنَ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أوتوقراطي (الحاكم الفرد الذي يحكم بنفسه) وأنه ينبغي على واشنطن تشجيع قادة المعارضة التركية ليكونوا قادرين على مواجهة إردوغان وهزيمته، ليس عبر انقلاب، بل من خلال العملية الانتخابية”.

أيضا فإن أردوغان قادم علي انتخابات رئاسية في 2023 وفي ظل تهاوي شعبيته الي حدها الأدني، وحاجته الي التفاف دستوري ليحصل علي فترة ثالثة.

وفي الملف الليبي، فإن كل الجهود التركية لتحقيق السيطرة في ليبيا أو علي الأقل تحقيق مكانة متميزة توفر لها ظروفا إقتصادية جيدة في المستقبل، واجهت ضربة مصرية قوية منذ لحظة تحديد الخط الأحمر (سرت/ الجفرة) وما تلاها من تطورات سياسية في ليبيا، حيث أسقط في يدها، ومن ثم فإن اعتمادها ودعمها للميليشيات الليبية وحكومة الوفاق أصبح غير ذي قيمة، ولا يحقق أهدافها.

ثم يأتي ملف الإخوان المسلمين وتفاصيله كثيرة
بداية فإن القضاء علي حكم الأخوان والقبض علي معظم قياداتها في مصر سبب انهيارا للحلم الأردوغاني في تحقيق نوعا من السيطرة علي المنطقة العربية نطلق عليه (حلم احياء الخلافة العثمانية) – وهي تسمية مجازية-، وهو ما سبب أن يناصب أردوغان العداء لمصر ورئيسها ويفتح أبوابه لأفراد التنظيم الذين يصل عددهم ما بين 5 إلى 7 آلاف عنصر من بين 35 ألف مصري مقيمين في تركيا، بينهم قرابة ثلاثة آلاف حصلوا على الجنسية التركية، ويتركز تواجدهم في مدينة إسطنبول، ومنها تبث قنواتهم التلفزيونية المعادية لمصر بتشجيع تركي ودعم قطري.

ثم كانت الضربة الثانية للإخوان هي مقتل محمد كمال مسؤول اللجنة الإدارية للجماعة في أكتوبر 2016، وهو المرشد التنفيذي للجماعة ومسؤول اللجنة الإدارية العليا التي تدير النظام الخاص ومجموعات العمل النوعي، ثم القبض علي رئيسه المباشر محمود عزت، ومن بعده تولى محمد عبد الرحمن المرسي وألقي القبض عليه أيضا.

أمّا اللجنة الإدارية العليا فقد اختلفوا مع القيادة التاريخية التي تشمل عزت والشاطر، ومحمود حسين الأمين العام للجماعة الموجود بالخارج، وإبراهيم منير المقيم في لندن، وكذلك طلعت فهمي المقيم في تركيا، بمعنى أنه لم يبقَ أي شخص ذو وزن داخل مصر، وفي ظل انقسام حاد بين شباب الجماعة وقياداتها.

هكذا أصبحت ورقة الأخوان المسلمين ورقة خاسرة ليست ذات قيمة في يد أردوغان يمكنه التضحية بها، حتي وإن لم يتخلي عن حلمه الأسطوري. وهي الورقة الوحيدة التي يمكنه من خلالها الإقتراب من مصر، وهنا تجدر الإشارة الي أن تركيا قامت خلال شهر فبراير من العام الماضي بتسليم مصر الشاب محمد عبد الحفيظ المحكوم علية بالإعدام في قضية إغتيال النائب العام.

إن دعوات احتواء الأخوان المسلمين واعتبارهم كحزب سياسي، هي دعوات مرفوضة شكلا وموضوعا، ومحكوم عليها بالفشل مقدما، فالمتفق عليه أن أي حزب سياسي من حقه السعي للسلطة والحكم ولكن في إطار وطني سلمي مستقل يحقق الخير لسائر أفراد الشعب، أمّا الأخوان، فقد خبرناهم فصيل عقائدي تابع للتنظيم الدولي، لا يؤمن بفكرة الوطن، يتخذ الإرهاب وسيلة ومن ثم فهو يسعي لتحقيق أهدافه علي حساب أفراد الشعب وليس لصالحهم.

أخيرا فإن القيادة السياسية وأجهزتها المعاونة قادرة، وقد أدارت وتدير ملف العلاقات مع تركيا بدرجة عالية من الكفاءة أجبرت تركيا بعد 7 سنوات من العداء، الي الرضوخ بحثا عن مصالحها لتسلك طريق الإقتراب من مصر حيث لم يفدها العداء.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى