حامد عبدالصمد
من كام سنة شفت فيلم من البوسنة فيه مشهد عجائبي جداً. اتنين قاعدين وسط خندق أيام حرب البوسنة والقنابل والقذائف عمالة تطير حواليهم ، فينزلوا يستخبوا في الخندق ويطلعوا بعد شوية غرقانين تراب. وواحد فيهم معاه جرنال ما سابوش من إيديه وكل ما غارة تعدي يقب فوق الخندق ويكمل قراية عادي. وفجأة قرا خبر استوقفه فقال لصاحبه: بيقولك الدنيا مولعة في رواندا وبيدبحوا في بعض هناك. التاني رد عليه وقال له: شعوب متخلفة يا أخي!
احنا بقى عاملين زي الاتنين دول. عندنا سوريا مولعة وليبيا مولعة والراق مولع واليمن ماعدش فيه حاجة تولع أصلاً والاعتقاد بل والقتل الجماعي عندنا سُنّة حسنة وكورونا محاصرنا والاقتصاد في الطراوة والديكتاتورية والعنصرية مبهدلانا ، بس تلاقينا مهتم قوي بأحداث الشغب في أمريكا وندين فيها ونذكر أمريكا منذها الأسود في التعامل مع العبيد ، وعاجبانا قوي مشاهد التخريب اللي بتفكرنا بنهاية فيلم الجوكر وبتدينا شعور بالتشفي والانتصار الزائف. وهي دي مشكلة العقلية الثورية اللي معندهاش مشروع إلا رفض من هو في مركز القوة والرغبة في الانتقام منه. هو مجرد شعور بالنقص مع قليل من جنون العظمة.
طبعاً لازم كلنا ندين العنصرية ولازم العنصري يتحاسب بالقانون ، لكن استحسان التخريب التي تحرق الأملاك العامة والخاصة ضد الشرطة دا جريمة لا تقل عن جريمة العنصرية. وما دام بنتكلم عن العنصرية فلازم نبدأ بالعنصريات اللي في بلادنا.
أنا لما باكتب عن أي أحداث سواء في أمريكا أو أوروبا أو أي مكان بحاول دايماً أنقل الكورة لملعبنا احنا. لأن لا ترامب بيسمعلنا ولا حد يهمه رأينا. المهم هو ايه أخبار العنصرية عندنا؟ ايه أخبار تعاملنا مع الأقليات؟ ازاي تبقى بتفتخر بفتح الأندلس والاستعباد اللي حصل لشعبها وفي نفس الوقت تدين تاريخ أمريكا مع العبيد؟ أمريكا أستعبدت ٤ مليون افريقي والعرب استعبدوا ١٧ مليون. فين اعتذارك؟ فين اعترافك بتاريخك الأسود؟ ازاي لسه العمالة الأسيوية والافريقية بتتعامل بنفس الاحتقار النهارده في الخليخ وانت بتدين تاريخ الآخرين مع استغلال العبيد؟ ازاي تبقى عايش في دولة الناس ممكن تتعذب فيها في قسم شرطة حتى الموت أو واحد شيعي يتسائل أو مسيحية تندبح في الشارع ، أو بنت تغتصب في الشارع عشان مش لابسة حشمة ، وما حدش سمعلك صوت ، وبعدين زعلان من قسوة شرطي أبيض مع رجل أسود؟
