كتّاب

مروان الغفوري | هذا البوست تضامنا مع الأخت الباحثة أسماء الزنداني وشقيقها.


هذا البوست تضامنا مع الأخت الباحثة أسماء الزنداني وشقيقها.
______

أمس كان يومي غبي شوية! عندي كحة من خوالي ٣ أسابيع وتعايشت معها، وفاهم سببها. بس أمس فجأة، في الشغل، حسيت إنه أنا بديت اسخن! وجت لي حالة همدان غريبة.
أوه شيت!

توصلني رسالة من ساره ياسين:
طمني، شو الأخبار؟
قلت لها:
شوفي، بلا طب بلا #@$. إحنا نعمل طبق عصيد مركز، مع الحلبة والليمون والمرق، مع سحاوق بن كلب، ونقضي على أي جيب مناوئ الآن.

الاستراتيجية الأكثر رواجا في العالم في المواجهة الفردية مع "الفيروس الصيني"، كما يسميه ترامب، هي الطب الشعبي والتأليفات الطقوسية. هل بتفيد؟ ولا حد عارف! يعني هارفارد هي اللي جابت التايهة؟

هناك تخمين يقول إن المؤمنين بالله، شديدي الإيمان، ستكون أجهزتهم المناعية أكثر جاهزية.

كما أن "الطرافة العالمية" التي اشتعلت في مواجهة الفيروس في كل مكان هي آلية دفاع شاملة. هل تصبح أجهزة المناعة أكثر قدرة بعد أن يحصل الشخص على أعلى قدر من الضحك؟ ربما.

لا أريد أن أتحدث خارج العلم، لكن لنتذكر: يضحك الطفل قرابة ٢٥٠ مرة في اليوم، يهبط العدد كلما تقدم الإنسان في العمر حتى يصل إلى مرة او مرتين في اليوم، وكذلك تهبط المناعة.

أنا طبيب، تأخذ المهنة ٥٠% من حياتي، ومع ذلك:
أحسست البارحة بكورونا وهي تنهرس وتتفرقع تحت سيل من المرق المبهر، وكرات العصيد اللاهبة.

يعني على أساس إن ال FDA، الدواء والغذاء الأميركية، عارفين الميكانيزم اللي بيشتغل من خلاله الكلوركوين (عقار الملاريا) ضد كورونا. والله ما حد عارف. كله vichy vachy، كلام عام غامض عن تغييرات حامضية/ قلوية داخل الخلية.

الحكاية مع كلوروكوين إن إحنا سنجرب عقارا لأن آخرين جربوه وقالوا نفع! أو: خبرة الأجداد. قرأت لأمهر علماء الفيروسات داخل ألمانيا وخارجها، ومحدش عارف بالضبط كيف سيعمل الكلوروكوين في مواجهة كورونا، عشان كده الألمان مش راضين يحطوه كجزء رئيس في علاج كورونا، ع الأقل في آخر أبديت وصلنا بالأمس ع الإيميلات.

تماما مثل أن يقول الزنداني عندي مستحضر ضد الفيروس. الكلوروكوين هو مستخلص نباتي، من لحاء شجرة كينكونا (لها أسماء كثيرة قريبة من هذا الاسم)، من أشجار أميركا اللاتينية. علمت قبائل تلك البلاد الغزاة المتحضرين وسيلة ناجعة في العلاج وتخفيض الحمى!

يعمل كلوركوين ع طريقة مستحضرات الأخت الدكتوره عائشة: خلطة شعبية تشفي من كل الأضرار. لاحظوا خارطة نشاط كلوروكوين: من الملاريا إلى الذئبة الحمراء، ومن كورونا إلى الروماتيزم. في النهاية هو مستحضر نباتي يسد فجوات العلم الحديث، أو يخفي عجزه!

تعلمت من المهنة أن لا أحتقر دور هذين الأمرين في الشفاء:،
الطقوس الدينية، المستحضرات الشعبية.

انتعش سوق المستحضرات الشعبية (هوميوباثي) في أميركا وأوروبا في السنوات الماضية: ٨٠ مليار دولار إجمالي حركة هذا السوق في العام الماضي في أميركا لوحدها، وهو يعادل ثلاثة أضعاف ما حصلت عليه قطر من الغاز المسال في العام نفسه. كما تجاوز سوق اليوغا الرقم نفسه.

في أميركا، كما أوروبا، عليك أن تنتظر قرابة ٣ أشهر حتى تتمكن من الحديث إلى طبيب. من يملأ هذه الفجوة؟

بشوف الناس المغرورة والمتعالية على "خبرة الأسلاف"، وهي تتبادل السخرية الساذجة على مشعوذينا الرائعين. صدقوني مش بعيد إن الزنداني يسكع كورونا قبل هارفارد. وهو كورونا إيه غير فيروس ياما سكع الأسلاف اللي أكبر منه على مدى ملايين السنين. البشرية ما عاشتش كل هذه الحقب السحيقة عشان شركة سانوفي رافقتها!

على كل حال:
الطب الشعبي والطب الديني، وهما أقدم شكلين للمداواة لدى كل الشعوب، يجلسان الآن ويقهقهان.

ويبالغ الطب الديني في ردة فعله، بما لديه من عنف كامن وأصيل، ويصرخ:
هاتوا لي ابن ال.. اللي ضحك عليا مبارح.

إلى آخره.

محبتي من الجبهة.

م.غ


مروان الغفوري | كاتب يمني

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى