مفكرون

كل أتباع الديانات يزعمون أن الله كلم نبيهم وأن ما بيدهم من…


كل أتباع الديانات يزعمون أن الله كلم نبيهم وأن ما بيدهم من كتاب هو كلام الله؛ اليهود والمسيحيون والمسلمون؛ وديانات أخرى كثيرة غير معروفة؛ ولو قاتل كل أتباع ديانة الآخرين لإجبارهم على الايمان بدينهم بدعوى انه الدين الصحيح لحدثت مجازر بشرية مروعة كالتي حدثت في زمن التوحش الديني أيام الحروب الصليبية والحروب والغزوات الاسلامية.

ولو استمر المسيحيون في الاعتقاد ان كتابهم كلام الله لأبادوا المسلمين بالأسلحة الفتاكة التي يمتلكونها منذ عقود؛ لكنهم تغيروا منذ زمن النهضة الأوربية؛ وباتوا يدركون ان الأديان مجرد ثقافة بشرية وأن الله لم يكلم أحد ولم يرسل أحد؛ وان النصوص الواردة في كتبهم المقدسة التي تدعوهم لقتال من لا يؤمن بديانتهم ما هي الا نتيجة لمرحلة الصراع والحرب والتوحش تلك؛ وكتبها البشر في تلك المراحل انتصاراً لمعتقداتهم وحروبهم؛ وأن الله بريء منها؛ ولهذا تصالحوا مع أنفسهم ومع غيرهم من ذوي العقائد الأخرى؛ وقبلوا عشرات الملايين منهم ومنحوهم جنسيات بلدانهم؛ وسمحوا لهم ببناء المساجد ودور العبادة؛ وأسسوا دول علمانية تفصل الدين عن الدولة؛ وتتعامل مع كل المواطنين بمعايير موحدة “المواطنة المتساوية” بغض النظر عن معتقداتهم وأعراقهم وألوانهم.

فيما نحن لا نزال ننظر إلى أن ديننا هو الحق وحده؛ وان الله معنا وأمرنا ان نقاتل الآخرين متى ما تمكنا؛ وان نعلي “الاسلام” باعتباره كلمة الله؛ ونستدل بما ورد في القرآن: “قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ”؛
“وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ”.
ومستدلين بأحاديث البخاري ومسلم باعتبارها أحاديث صحيحة عن النبي؛ والنبي لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى حتى أحاديثه تُعد دين وأجب كما يقول تراثنا الديني:
عن ابن عمر أن رسول الله قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله – البخارى 24.
عن أبي هريرة عن رسول الله قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله – مسلم 31.

تخيلوا معي لو عاملنا المسيحيون بالمثل؛ وقالوا ان ما في كتبه هو كلام الله ونفذوا فينا ما ورد في تلك الكتب؟.
ليس أمامنا خيار ثالث؛ إما ان كل أتباع ديانة يعتقدون ان ما في تلك الكتب كلام الله وعليهم بالتالي قتال بعضهم حتى يبيد أحدهم الآخر؛ وفي هذه الحالة سينتصر صاحب السلاح الأقوى والترسانة الأعتى والأفتك؛ ونحن خاسرون لا محالة في تلك الحرب؛ وإما أن نؤمن ان تلك الكتب وكل التراث الديني ليس كلام الله؛ وحاشى الله ان يتعصب ويبرر القتل للآخرين لمجرد الخلاف في العقدية؛ ومن أبى الايمان بالعقيدة الاسلامية يُقاتَل حتى يدفع الجزية عن يدٍ وهو صاغر؛ بحسب ما ورد في القرآن؛ أو أن نؤمن جميعنا أن كل تلك الكتب نتاج ثقافة بشرية وحروب وصراعات وفتن ومعارك فكرية قديمة وكلٌ بنى له امبراطورية دينية وكُتب ونسبها الى الله؛ ولنتعايش بسلام وفقاً لمبادئ القانون الدولي وحقوق الانسان الحديثة والموقعة من حكومات دولنا.

أما الاعتقاد ان تلك الكتب كلام الله وعدم تطبيق ما فيها فهذا يعد تقصير؛ ولذا تظهر جماعات كالقاعدة وداعش تأخذ على عاتقها تنفيذ ما ورد في ذلك الموروث الديني الذي لم نزيل عنه مرتبة القداسة بعد كما فعل الأوربيون؛ ثم نسأل أنفسنا من أين جائت تلك الجماعات المتطرفة؛ وهي في الحقيقة تطبق ما ورد في القرآن والأحاديث الموجودة في البخاري ومسلم.
مهما حاول المرقعون الجدد كشحرور وعدنان ابراهيم والحبيب الجفري وغيرهم تقديم تبريرات لتلك النصوص ولي أعناقها؛ فالنص يتحدث عن نفسه وبوضوح ومن يملك حد أدنى من فهم اللغة العربية يدرك أن داعش تطبق تلك النصوص بأمانة بعكس المرقعون الجدد يغالطون أنفسهم وجماهيرهم.
الخلاصة: (نحتاج الى وقفة جادة أمام ما في تراثنا الديني وبالأخص ما يدعو منه الى العنف وقتل الآخر وغيرها من الجرائم التي باتت بمعايير وقيم العالم اليوم إرهاب)؛ فلا فائدة من الترقيع لانه يعطي الجماعات الدينية مبرر أقوى للاستمرار.
#صحيح_البخيتي
🖊| علي البخيتي

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى