الأقيال

عـلـي بـن ابـي طـالـبـ… في محكمة التاريخ والعقل…


عـلـي بـن ابـي طـالـبـ… في محكمة التاريخ والعقل

مـصـطفۍ مـحـمــــود

لكي نقوّم عليا بن أبي طالب حق التقويم، علينا أن نبحث عن إنجازاته قبل وبعد الإسلام، فلم يذكر أيّ مؤرخ انه استطاع أن ينجز شيئاً مهمّاً قبل الهجرة، وبعدها، حتى صغر سنه لا يعفيه قبل الهجرة، فلم يستمل أي فتى أو شاب، أما بعد الهجرة فبقي هملاً عادياً، وظل كذلك حتى بعد اغتصابه الخلافة من عثمان، فلم يشرع قوانين جديدة كعمر، ولم يعرّب الدواوين كعمر وعثمان، ولم ينتصر نصراً باهراً كنصر يعتبر علامة حاسمة في تاريخ العرب، كأبي بكر في حروب الرّدة، أو نصر عمر في القادسية واليرموك، ونصر عثمان في فتحه شمال أفريقية، وبلاد ما وراء النهر، أو نصر معاوية على الروم، وتنظيف البحر المتوسط من سفن الروم، أو إنجاز عثمان بكتابة القرآن ونسخه، وتوحيده،

لم يفعل أيّ شيء يبيض الوجه، يجعلنا نفتخر به، لم ينجز شيئاً استثنائيّاً يستحقّ عليه المدح مطلقاً، كل ما فعله شق وحدة المسلمين، وأغرقهم بحروب داخلية، وأولد السلاليه و الطائفية المقيتة التي فرقتنا حتى الآن. لذا أكثر أتباعه باختلاق أحاديث، يزعمون أن رسول الله سفحها للإشادة به. ثم عرّجوا على القرآن ليؤولوا آياته كي تصبّ في المجرى المختلق نفسه، ليعوضوا الأعمال بالأكاذيب، والبهتان.
لكن شئنا أم أبينا فقد لعبت تلك التزيفات المتعمّدة إلى خلق سمعة تعوض الإنجازات، وتعادل ما فعل غيره، فاعتمدها الجميع، السنه والشيعه

وهكذا نرى أنّنا إن ذكرنا انجازات أبي بكر كمساعدته الماديّة لمحمّد طيلة عمره، وكجذبه أفضل الصّحابة إلى الإسلام، وكشرائه العبيد المسلمين وإطلاق حريّتهم، وإذا ذكرنا إنجازات عمر وشجاعته، ك: تحديه قريش، وهجرته علناً، وقضائه على الاحتلال الفارسيّ للعراق، واحتلال الرّوم للشّام ومصر، وتدوين الدّوواين، وتنظيم الجيش الخ، وإرساء قوانين القضاء وغيرها، وذكرنا إنجازات عثمان بجعل المتوسط بحيرة عربية وفتح بلاد ما وراء النهر وشمال أفريقية، وإنجازات معاوية وحملاته الست عشرة على الرّوم، ونصره العظيم في البحر،

إن ذكرنا كلّ ذلك من إنجازات فريدة، انبرى الحوثيون في ذكر نومه مكان رسول الله يوم هاجر، وذكر أحاديث مختلقّة تشيد به. لأنّه ليس عنده إنجاز واحد يمكن أن يباري به الآخرين… لكن هل نستطيع أن نركن إلى ذلك، أي أن نقبل تلك الأحاديث المكذوبة، والتّأويلات السّاذجة؟… بالطّبع لا، فلسنا في جامع أو حسينية لنوافق ونتقبل نصوصاً يسفحها سلاليون لا ضمير لهم من دون محاكمتها عقليّا.

ولتوضيح قضيّة عدم قدرة عليّ على جذب المؤيدين، والتي تظهر فشل علي العقليّ علينا أن نتفهم رغبته القاتلة في وراثة ابن عمّه، ورغبته في احتكارها بعد موت رسول الله ، بدعم وضغط من عائلته، النّهمة التي لا تشبع من المادّة… حين هاجر إلى المدينة كان عمره سبعة عشر عاماً، والشّاب في مثل هذا العمر يكوّن صداقات عدة، ولو كان شخصا عادياً جذاباً وادعاً حميماً ابناء لدته، ومن هم في عمره من أبناء قريش، أو من أبناء اليهود، أو من أبناء العرب غير المسلمين في المدينة، وكانوا كثر.

بالمقارنة بأبي بكر على سبيل المثال يظهر البون شاسعاً بين الشّخصيتين وتأثيرهما في المجتمع، فرق يبدو كما يقول المثل بين الثّريا والثّرى، فقد استطاع أَبُو بَكْرٍ إقناع جلّ رجال المسلمين وشخصياتهم العظمى كما مر بنا سابقاً. (عبد الرّحمن بن عوف، عثمان بن عفان، سعيد بن زيد، سعد بن أبي وِقّاصٍ، أبو عُبيْدَةَ، الزّبير بن العوام، طلحة بن عبيد الله الخ).
هل هذا يعني أنه لم يكن له صديق قط! هل يعني أنه كان خالياً مما يستأنس به الآخرون فيركنوا إليه، ويثقوا به، أو لم يكن يتوافر على طيبة، وتسامح، ورجاحة عقل، ورزانة، واحترام للآخرين،

هناك بديهة لا مراء بها تقضي بأن الصّداقة تنشأ مع الطّفولة. ومن لا يمتلك صديقاً في طفولته يعني أنه لا طفولة له، ومن لا يوجد له صديق لا يثق به الآخرون، ومن لا يثق به غيره، ينبذ، ويفشل، ويعافه النّاس، ويتركونه يعيش وحده، ويموت وحده، وهذا باختصار شديد تاريخ عليّ، فقد عاش وحيداً قبل الإسلام، وبعده، ومات وحيداً بالرّغم من شرائه الذّمم الفاسدة، والضّمائر الميتة، والأوباش وتوزيع المناصب عليهم؟

ذكرت المراجع أن لرسول الله صديقاً واحداً هو أَبُو بَكْرٍ، ويعادل أَبُو بَكْرٍ عشرات الأشخاص لسموه، وعبقريته، وذكائه، وأخلاقه الرّفيعة، ولذا اكتفى عبقري عظيم كرسول الله بالاكتفاء بصداقته، وبالرّكون إليه دون غيره. وفي هذا الصّدد يقول أرسطو (إن أنبل الأمور التي تساعد في الوصول إلى السّعادة هي الصّداقة، حقاً إن الصّداقة ضرورية للإنسان السّعيد ) وكانت شخصية أبي بكر الاستقراطية النّبيلة المثقفة المتسامحة نقطة جذب لرجال مكّة الأذكياء قبل الأسلام…. إذ كان معظمهم يجله، ويحترمه، ويثق به، فقد ورث أَبُو بَكْرٍ سمّو الأخلاق من عائلته، وبخاصة من ابن عمه (عبد الله بن جدعان)، وهو مفكر عظيم، وربما أعظم رجل في تاريخ قريش قبل الإسلام، وأهم زعمائهم وأنبلهم، (المثال الأعلى) في الفكر والخلق والهيبة والسّماحة والكرم، كان يقدم لفقراء مكّة الطّعام والحلوى طيلة اليوم،

وهو الذي أنجز أوّل حلف يحفر مبادئ حقوق الإنسان في التّاريخ (حلف الفضول). وبإنجازه هذا يرتفع ابن جدعان إلى مستوى المجددين المفكرين العالميين، بينما لا نجد أي شخص يشار له بالبنان قبل الإسلام من الهاشميين عائلة الرسول فهم يفتخرون بعبد المطلب، ولقائه بأبرهة عام الفيل، ولا يدرون أنّهم إن فكّروا في هذه الحادثة، فسيرونها مثلاً أعلى للخيانة، والأنانيّة، طلب عبد المطلب من أبرهة ردّ جماله، وترك المطالبة برد جمال رفاقه، وأبناء مدينته، ولم يقف موقف المدافع عن عقيدته ودينه، بدعوى: “للكعبة ربّ يحميها” ولو فعل أصحاب الدعوات المستقبليّة، بهذا الادعاء لما تجدّد شيء في التّاريخ. وبمقارنة هادئة عقلانية بين واحد من هؤلاء أَبُو بَكْرٍ، سعيد بن زيد بن الخطاب، أبوعُبيْدَةَ، عبد الرّحمن بن عوف، سعد بن أبي وِقّاصٍ، عثمان بن عفان، عمر بن الْخَطَّابِ، طلحة بن عبيد الله، الزّبير بن العوام، خالدّ بن الوليد، زيد بن ثابت، معاوية بن سفيان، معاذ بن جبل، وغيرهم كثير، أي بالمقارنة بين أحد هؤلاء المكافحين بعليّ، ترتفع كفّة هؤلاء جميعاً، وتسمو وتنزل كفّة علي بني أبي طالب، وجميع أفراد بني هاشم إلى درجة دنيا، تنزل كفة الجميع باستثناء محمّد.

عــــبـقـريــــــه الرســــــــــــول
أرست عبقرية الرسول الفذة قوانين أو مراسيم أوعادت غير مكتوبة، ولم ينطق بتقنينها، بل حفظها المسلمون بعده احتراماً لشخصه، أو للإسلام الذي جاء به، أو لسيرته، ومن هذه القوانين غير المكتوبة أنه أفرز مجموعة من الرّفاق المخلصين لمبادئه، ولشخصه، ولخططه الطّموحة، كانوا أوّل من آمنوا به، وأشجعهم، وأكرمهم، وأقواهم شخصية، وخصّ أحد أفرادها برفعه إلى مستوى هذه النّخبة فزوّجه ابنته وضمن له مكاناً بالجنة، ولو كان عليّ يمتلك ذكاءً متوسطاً، لأثبت جدارة تؤهله لشغر تلك المنزلة لكنه لم يفعل شيئاً، بل ارتكب في عهد الرسول ما يشينه كتجرؤه على الضّحك في الصّلاة، واعتدائه على رجل مسن تجاوز السّبعين، وخروقه مبادئ الفروسية، وجشعه الفائق، فابتعدوا عنه. ومن نافلة القول أن أي شخص لا يستطيع إدارة منصب حساس كالخلافة إن لم يكن يتحلى بالمواهب المطلوبة يكون نصيبه الفشل وهذا ما حدث لعليّ بن أبي طالب.

حتى (الزّبير وطلحة) الصحابيين البارزين اللذين صوّرتهما الكتب والرّوايات المزيفة أنهما تعاطفا مع عليّ بعد قتله عُثْمان بن عفّانِ، تنصلا من تلك الفرية، وقررا أن يحارباه، وظهر أنهما يكنان الكره له، ولا أظنهما وقفا معه قبل قتل عُثْمان بن عفّانِ، إلا موقفاً واحداً بعد تعيين السّتة الذين رشحهم عمر لتولى الخلافة بعده، وكان ذلك بسبب القرابة، ثم تغلبت المبدأية عندهما على الوشيجة العائلية ففضحا تورطه وتآمره اللا أخلاقي على عُثْمان بن عفّانِ، وقتله بتلك الصّورة الْهمجيّة الوحشية فانفضا من حوله وحارباه لكي يكفرا عن خطأهما، ولو كان عليّ بن أبي طالبٍ بريئاً كما ادّعى في قول له، أو على حظ بسيط من الفطنة والتّعقل لما تورّط بقتل عُثْمان بن عفّانِ أولاً، ولاستجاب لجمهور رفاق رسول الله الذين طالبوه بإقامة العدل ومعاقبة المجرمين ثانياً، لكنه تغابى وصمّ أذنيه.

يتبع….

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫41 تعليقات

  1. علي كان مسكين .. وانطست عليه ..وتخربطت عليه .. وماعد عرف ايش يسوي .. يكون خليفة إسلامي او خليفة هاشمي .. قرح في وقته ٧٥ الف ويزيد من المسلمين بينهم بين .. والي ماتوا في الفتوحات قبله ٢٥ الف ..

  2. أحسنت واجدت .
    في نفس الوقت ياقيل اقترح عليك أن تمسك باكثر صنم ! لأهل السنة اكثروا فيه المبالغة والخرافة وتسلخ عنه خرافتهم وعمر رضي الله عنه الهدف المناسب . منذ خرافة وئد بنته وحتى هروب الشياطين منه وهم يضارطون وتلك الدرة التي بيده لم يسلم منها أحد وجعلوه كأنه بلطجي في سوق

  3. ياقيل مصطفى انشر ما شئت لكن ..
    لا تنشر ما ينتقص من الصحابة الكرام والمساس بفضهلم وإنجازاتهم فعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه صحابي جليل وابن عم رسول الله وزوج ابنته فالصحابة أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقيتهم جميعا لكل واحد منهم فضلا على إعلا كلمة الإسلام وقد انتهى عصرهم رضي الله عنهم أجمعين

  4. حكاية عبدالمطلب وابرهه طلعت ايضا قصه مختلقه
    مش معقول فيل يمشي ٧٠٠ كيلو في الصحراء ويشتي وراه وايت ماء واصل والفيل كان اسمه محمود
    قلت قصه مختلقه اذا مش مصدق
    انبش معاجم اللغه وايش معنى الفيل

  5. أي محكمة وأي عقل؟!
    وكلامك هذا يعارض مدح القرآن لهم وتزكيتهم واحلال رضاه عنهم..
    فهو من الرعيل الأول..
    اول من اسلم من الغلمان
    احد كتبة الوحي
    تولى القضاء في خلافة عمر
    رابع الخلفاء الراشدين ..
    فاتح خيبر رجل يحبه ورسوله.
    وغيرها من المآثر التي لاتعد..
    وتأتي ومن على شاكلتك تنتقص من الخليفة الراشد الرابع رضي الله عنه.!
    بئس القول قولكم في انتقاص صحابة رسول الله. صلى الله عليه وسلم..
    لا يدفعكم الحقد ع الهواشم بالتنقص والتجني على علي رضي الله عنه.!

  6. اتفق مع الكاتب جملة وتفصيلا… علي ابن ابي طالب أخطأ في طموحة السياسي وهذة غريزة بشرية نعاني منها حتى اليوم وكذالك اخطأ في عدم القصاص لدم خليفة المسلمين عثمان ابن عفان بل عين القتلة حكام على مصر،، لااعتقد باان هذا تصرف حصيف منه غفر الله ذنبة…
    فقد كانت واقعة الجمل هي نكبة الامة الاسلامية وبداية الشر حتى اليوم…. فلابد من تصحيح الفكر الاسلامي ومعرفة الحقيقة كما انزلت في اقدم كتب للسنة والشيعة… وتنقيح التاريخ المزورة…

    لاللتعصب والعنصرية الهاشمية
    نعم للعدالة والمساواة
    لا لخرافة الحق الالهي.

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى