كتّاب

ضياع مجانية التعليم ضياع للوطن نفسه:…


ضياع مجانية التعليم ضياع للوطن نفسه:
استقر في الفكر الإنساني الحديث أن الاستثمار في البشر هو الاستثمار المضمون والضروري لا في تعظيم القوي البشرية فحسب، بل هو الشرط الأساسي لنجاح أي تنمية اقتصادية، وصحية وتعظيم المشاركة المدنية والسياسية، وحماية الأمن القومي، وبناء ثقافة عصرية ومستنيرة، بل إن المواطنة نفسها هي الابنة الشرعية للتعليم المجاني الذي ضم في فصل واحد أبناء الوطن جميعا على مابينهم من تمايزات دينية وعرقية وثقافية
ولقد أدرك هذا كله ساكن الجنان “محمد علي باشا” (١٨٠٥-١٨٤٨) فراح ينفق عن سعة على بعثاته التعليمية إلى أوربا، وعلى مدارسه العالية والتجهيزية والابتدائية.. وهكذا حول الرجل العظيم مصر في خلال ربع قرن واحد من ولاية عثمانية معدمة إلى دولة قوية حديثة تهيمن على معظم الوطنى العربي وتتحدي أوربا وتهدد الآستانة نفسها، وهكذا آمن مفكرينا الوطنيين بمجانية التعليم وجدواها من الطهطاوي، لعلي مبارك، لقاسم أمين، للطفي السيد، لطه حسين، ولا شك أن مصر تدين في ثقافتها الحديثة كلها لهؤلاء الأفندية الذين تعلموا في مدارس محمد علي وأولادهم وأحفادهم فمن معطف هؤلاء خرجت الثقافة العصرية والوعي السياسى والأحزاب الحديثة والفنون بمختلف ألوانها والرؤية المستنيرة للتراث
ولا شك أن الإيمان بمجانية التعليم راح يتعزز من زمن محمد علي لزمن حفيده اسماعيل لزمن ثورة ١٩ وثورة يوليو….
واليوم بعد أن قررت الحكومة مصروفات للمدارس تتراوح بين 300 إلى 500 جنيه، وبعد أن حول الوزير العملية التعليمية إلى عملية مادية تماما من خلال مجموعات التقوية أو الوسائط الأليكترونية..
وحتى دون أن تعرف الوزارة أثر هذين القرارين الجائرين على حجم التلاميذ الذين تركوا المدرسة
تواصل الوزارة انقضاضها على مجانية التعليم بتقرير مصروفات لدخول الامتحان تبلغ 150جنيه للإعدادية و 202 للثانوية تتضاعف مع الرسوب و200 جنيه للشهادات الفنية..
وهكذا يتسرب من بين أيدينا الوطن وثقافته ومستقبله

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى