كتّاب

في السنوات الأخيرة، لم يعد أحد بعقله يتعاطى مع أخبار تعز…


في السنوات الأخيرة، لم يعد أحد بعقله يتعاطى مع أخبار تعز بجدية أو يتفاعل معها باهتمام، بسبب تضخيم القضايا، والمبالغة في الشطط والخصام، واختلاق الخطايا لتصفية الحسابات، وتسخير الكتبة لخدمة المهمات الانتقامية للأحزاب السياسية والمشاريع الإقليمية، وتفاقم الصراعات القروية والحزبية على حساب نزيف تعز ومأساة اليمن.

كل متحزب في تعز يروي كارثة عن خصمه.. ومهما كانت قذرة، أنظر إليها بشك وأتعامل معها بحذر حتى تتضح تماما، وفي الأغلب تكون مجرد فرية بغض النظر عن الحزب الذي يقف خلفها سواء كان يمينيا أو يساريا أو بلا ملامح.

انخدعنا كثيرا بما يتناقله بعض من نعتبرهم أصدقاء ونثق بهم، لدرجة أننا فقدنا الثقة حتى فيما هو صحيح، غير أنهم لم يتورعوا من نقل الأكاذيب وترويجها والإصرار عليها بلا خجل أو استنكاف رغم انفضاحها، ولم يحدث أن أحدهم اعتذر بشجاعة ووضوح عن مشاركته في تبرير الإشاعة وتصديرها.

لا أحد من كل الذين نقلوا خبر اقتحام منزل الشهيد الحمادي سيعتذر عن مزاعمه بعد هذا التصريح لنجل الشهيد، وهو ما يستدعي الريبة والشك في كل حدث تتحيز خلفه فئة وتحوله إلى مناحة وتجيّره بعيدا عن حيثياته على حساب الحقيقة والحق.

لم تنل الحرب من محافظة كما نالت من تعز، فهي فوق ما ألحقت بها من دمار وتنكيل، أصابتها في أجمل ما فيها، في وعيها ومدنيتها وسمعتها، وجردتها من اعتباراتها الوطنية لصالح القروية والانحيازات الصغيرة. لكن؛ وبرغم كل شيء أؤمن أن تعز العظيمة ستصحو يوما وتخرج من بين الرماد كالعنقاء، تستعيد ألقها وتعود بالنور لليمن.

آخر مرة كتبت عن تعز، رد علي صحفيون ونشطاء من كل الأحزاب، بعبارات متشابهة تقريبا، كلها تقول تلميحا وتصريحا: أنت أيش دخلك في تعز ومن أعطاك الحق لتتحدث في قضاياها، ومن يومها حاولت بكل جهدي تجنب الحديث عن مشاكلها أو التفاعل مع أخبارها مع أن تعز في نظرنا هي حاملة التطلعات الوطنية الكبرى برغم محاولات تقزيمها ومنطقتها وكأنها لم توزع نفسها يوما على محافظات وقرى اليمن كشعاع الشمس وأصداء النشيد ورفرفة العلم الوطني في الجبال والوهاد.

المؤسف؛ أن ذلك يحدث من مطابخ كل الأحزاب بلا استثناء.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى