كتّابمفكرون

“تطهير الدين من السياسة”…


“تطهير الدين من السياسة”
منذ اللحظات الأولي في يثرب، وابتداءً ببدر، وما تلاها من غزوات، ثم حروب الردة، والحملات المسلحة على مناطق الجوار، التي امتدت لتشمل مناطق أكثر بعدا، لم يكن الهدف منها الا إنشاء ودعم دولة إسلامية، كانت ارهاصاتها الأولي في يثرب.
منذ الإرهاصات الأولي والهدف من تلك الحملات لم يكن نشر الاسلام، بقدر ما كانت تهدف الي توسيع الامبراطورية الوليدة، علي غرار ما سبقها من امبراطوريات.
ان خطوات التنوير تقتضي أن نواجه أنفسنا أولا، وندع النفاق جانبا، ونعترف أن لا فرق بين الإسلام الذي وصلنا، والاسلام السياسي الذي نعاني منه وندّعي أنه غريب علينا، يسيء أول ما يسيء الي الاسلام ذاته، هذه مقولة باطلة.
ان قراءة التاريخ بحيادية ودون تعصب تضعنا أمام هذه الحقيقة الجليّة، بعد أن حاول المغرضين الدمج بين الدعوة والإحتلال، الذي غيّروا مسماه الي فتح كذبا وافتراءً، وحتي هذه الكلمة “فتح” في أصلها لا تعني سوي إحتلال أراضي الغير بالقوة.
اذا كان الدين عقيدة مكانها العقل فما الحاجة الي كل هذا العنف والقتل والغنائم، ما الحاجة أصلا الي السلاح، الا إذا كان الهدف هو الاستعمار والحكم والسيطرة ونهب الخيرات؟
ما علاقة الدين بالجزية والاسترقاق واستعباد الناس والتعالي عليهم والحط من قدرهم؟
عند مدّعي العلم لن تجد ردا سوي أن تلك هي أحكام الله، وتلك هي شريعته، والحقيقة أنها أحكام الطامعين وشريعة المستعمرين، التي جردت الدين من جوهره، وحرمت الإنسانية في هذه المنطقة من العيش في أمان، وبسلام مع النفس ومع الخالق، الذي يجب أن يكون هو الأكبر الأعظم الذي يستحيل أن تكون تلك هي غاية رسالاته.
الأمر اذن يضعنا أمام نظام حكم نشأ منذ زمن بعيد، لم يختلف عن باقي الامبراطوريات السائدة في حينها، ولكنه لم يصبه ما أصاب بقية أنظمة الحكم من تطور واختلاف، استغرق قرونا طويلة مدعما بالعلم والتقدم والرقي.
وما زال هناك من يقاوم الحداثة والتطور وينادي بتطبيقه، كما كان في صورته الأولية البدائية، وهي أمور لا تقاوم لارتباطها الجذري بالطبيعة الإنسانية القائمة على التغير، فيسيء لأصل الدين لنري الناس يخرجون منه أفواجا.
ورغم فشل الحكم الديني، مازال ناك من يريد أن يشدّنا الي الخلف، بإدعاء إمكانية الدمج بين الدين والسياسة والحداثة، متجاهلين تعارضا يزيد يوما بعد يوم بين العلم والتطور، وبين البقاء في كنف نصوص دينية قديمة فشلنا في فهمها، وفشلنا في تطويعها لظروف الزمان والمكان.
لقد تجاوز التاريخ الحكم الديني منذ قرون عدة، وتطورت أساليب الحكم وأنظمته، وصار لها أسس ومبادئ وعلوم، وآثار ايجابية ملموسة علي حياة الناس، وظهرت الحاجة الشديدة الي فصل الدين عن السياسة، التي هي في صالح الدين قبل أن تكون في صالح السياسة.
في صالح الدين حيث يطهره من كل ما يسيء الي الانسانية وقيمها الرفيعة، لتتجسد من خلاله علاقة روحانية نقية خاصة بين الانسان وربه، بعيدا عن زخم السياسة ومناوراتها.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

‫5 تعليقات

  1. من اول طرمخة محضر اغتيال سعد ابن عبادة يا جنرال . . والباقي حتى يزيد يؤدي إلى ما نحن فيه ، ويصعب خروجنا الا بالفصل في هذه القضايا المعلقة ، اجيال جوجل والمعرفة المتاحة يفضحوننا (لا اكتمك سرا يا جنرال ، حفيدتي في تانية ثانوي فاضحاني ، ولا اعرف كيف اهرب -اكذب- منها أو عليها)

  2. حضرتك فكرة الفتوحات الإسلامية كان المقصود بها اتساع رقعة الإسلام لأن لأجل انتشار الإسلام يجب ان يكون بقوة حتى يتمكن ويسيطر الفكر الإسلامي بفرض الدين علي البلاد آنذاك فى ذلك العهد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى