كتّاب

أمجد سيجري | *** العُقاب السوري الإله بعل شامين *** َ * أمجد سيجري Amjad Sijary َ يعتبر


*** العُقاب السوري الإله بعل شامين ***
َ
* أمجد سيجري Amjad Sijary
َ

يعتبر معبد بعل شامين من المعابد القديمة في مدينة تدمر الأثرية والذي كان مخصصاً لعبادة الإله " بعل " الكنعاني و كلمة " بعل " تعني السيادة والربوبية على شيء ما ( ب/عل, ב/על في العالي ) و كلمة " شامين שמין " تعني الجنة أو السموات وهي ذات الصفة الكنعانية التي كانت تطلق على بعل في كنعان أي"شميمשמם " .

عموما تعود المرحلة الأولى لبناء هذا المعبد إلى أواخر القرن الثاني قبل الميلاد ، كما تم بناء مذبحه في عام 115 م وأعيد بناء المعبد بشكل كامل في العم 131 م .
كان واحداً من أكمل المباني الأثرية القديمة في تدمر لذلك في عام 1980 م قامت اليونسكو بتصنيف هذا المعبد كموقع للتراث العالمي ، لكن في العام 2015 م تم تفجير هذا المعبد وهدمه بالكامل من قبل تنظيم داعش الإرهابي بعد استيلاء التنظيم في تلك الفترة على مدينة تدمر .

  • الصورة المرفقة هي لعتبة من الحجر الكلسي تحتوي نحت نافر تم العثور عليها في معبد بعل شامين في تدمر موجودة اليوم على حد علمي في متحف تدمر يعود تاريخها للقرن الثاني ميلادي .
    نجد في هذا النحت عُقاب " eagle" كبير يفرد جناحيه على طول الحجر وفي كل طرف من اطراف هذا الحجر نجد عُقاب يحمل في منقاره غصناً من الغار وإلى الأسفل نجد أيضاً في كل طرف نحتاً لعُقاب يحمل في منقاره عصناً من الغار .
    بالنسبة للعقاب غالباً ما تم تجسيد الآلهة في تدمر عن طريق العُقبان ، فقد كان العُقاب رمزاً و شعاراً يعبر عن الهة السماء و ممثلاً للسلطة الروحية فيها كما كان مثلاً للشجاعة كونه يطير في الأعالي و لا يخشى لا من الرعد ولا من البرق فيبدو كأنه يخرج من خلال البرق من قلب العاصفة .
    كما أن نظره الحاد وقدرته الحدسية على تحليل التحركات الأرضية جعلته رمزاً مهماً للدلالة على البصيرة و رؤية الحقائق المخفية والمبادئ الروحية غالباً ما يُنظر إليه على أنه سائد في الجو تماماً مثل الأسد الذي يعتبر سائداً في الأرض لذلك تم استخدامه على نطاق واسع كرمز للقيادة و إرتبط بالأباطرة والمحاربين.
    كما كان العُقاب رمزاً مهماً من رموز الحرية وذلك ناتج عن قدرته بالتحليق لإرتفاعات عالية والتعشيش في قمم الجبال .
    كما كان العُقاب و رمزاً للشمس أو الطاقة الشمسية فهو الخارج من قرص الشمس و القادم من السماء نحو الأرض كنور الشمس .
    بالتالي كان العُقاب من أهم تمثيلات الإله بعل ليس في تدمر فقط إنما في كل المناطق التي تمت عبادته فيها سواء كالإله " بعل" أو الإله " هدد" لذلك نراه موجوداً في كثير من النقوش التمثيلية للإله " بعل / هدد" .

    أما غصن الغار أو الرند في منقار العقاب :
    في الحقيقة إرتبط الغار منذ القدم بالشرف والأصالة والمجد و النصر بالتالي إرتبط دوماً بمن يقوم بفعل محبذ من قبل الأكثرية ، فنجده مثلاً مرتبطاً بالأشخاص ذوي السلالات العريقة والمرموقة كالأباطرة والملوك و كذلك بالأشخاص المتمتعين برؤية ثاقبة و معارف فكرية عليا كالشعراء والفنانين والفلاسفة والمفكرين فنجد تمثيلاتهم تظهرهم بأنهم يرتدون إكاليل الغار التي كانت دائماً تأخذ شكلاً دائرياً إما بدائرة كاملة أو دائرة منقطعة بشكل حدوة الحصان طبعاً كان للشكل الدائري لإكليل الغار دلالة روحية تعبر عن الأبدية و التي كانت تمثل بعا الألهة الشمسية و الغار نبات دائم الخضرة فهو يشكل رمزية للخصوبة الزراعية الدائمة التي تمثل رمزاً للأبدية والخلود بالتالي كان من كان الممثل الرئسي للنصر والشرف والانجازات الفكزية التي كانت وما زالت تحمل الخلود لصاحبها ، كل هذه الصفات الرمزية للغار تمنح للغار مكاناً مهماً في تمثيلات الإله بعل المختلفة .

    في أسفل المجسم نجد نحتين لشابين يرتديان الزي العسكري هما الإلهان :
    1- ملاكبل : هو على يمين الناظر وهو عبارة شاب يرتدي لباس عسكري يحيط به قرص الشمس ،معنى اسمه " رسول الإله بل " فملاك او ملاخ מלאך " كلمة أرامية تعني رسول ، و " בל بل " هو النطق الأكادي لكلمة " بعل" والتي تعني " السيد " او "العالي أو في العالي " كما اسلفت في البداية والتي كانت تدل على الإله "مردوخ" ، عموماً ملاك بل هو إله شمسي في ثالوث تدمر ( ملاكبل – بعل شمين – عجلبول ) يطابق في تصويره اله الشمس يرحبول حتى أنه من الصعب التفريق بينهما ويرحبول و"يرحירח ' تعني قمر – شهر ويظهر في عدد من تمثيلات الثالوث التدمري ( عجلبول ، بل ، يرحبول )

2- عجلبول : على يسار الناظر هو عبارة عن شاب يرتدي لباس عسكري يحيط به قرص شمسي مع وجود هلال قمري يخرج من كتفيه يعتبر "عجلبول" إله القمر في الديانة التدمرية وهو أحد ثالوثها ( ملاكبل – بعل شمين – عجلبول ) و العجل " عجلو עגל " كما نعلم هو صغير الثور وكما نعلم أن الثور أحد الرموز القمرية نتيجة شكل القرون التي تبدو كالهلال بالإضافة إلى كون الثور أحد رموز القوة و الخصوبة والقمر يرتبط منذ القدم بالخصوبة نتيجة التوافق التقريبي بين عدد أيام دورة القمر من الهلال نحو المحاق مع عدد أيام دورة المرأة المنتظمة والتي تعتبر معياراً لتحديد خصوبة الانثى عند الإنسان .


أمجد سيجري | كاتب وناشط مجتمعي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى