كتّاب

ذلك الغريب: رواية مريم هرموش الأخيرة…


ذلك الغريب: رواية مريم هرموش الأخيرة
قرأت لمريم هرموش من قبل رواية ” أكبر من العشق ” فوجدتها صاحبة لغة وأسلوب مميز، وكتابة جميلة ومتفردة وخاصة، تتجاوز فيها بطلاتها همهم النسوى الذاتى والمحلى ويسعين عبر دروب مختلفة للبحث عن الذات الإنسانية المفقودة
وتأتى روايتها الأخيرة “ذلك الغريب” والذى حضرت مناقشتها فى أتيلية القاهرة، يوم الخميس الماضى، وانتهيت من قراءتها فى نفس الليلة، لأجدنى أمام لغة عذبة سيالة، رقيقة شجية، وبناء درامى خاص ومتميز عبر تنوع الأصوات السردية فتفسح الكاتبة المجال ليعبر أبطالها بأنفسهم عن مشاعرهم ويبرروا مواقفهم ويتحدثوا عما يختلج بداخلهم
تتناول الرواية حكاية تلك الفتاة الرومانسية الحالمة والتى تمتلك أنوثة غامرة وحبا للحياة بلا حدود وأمل كبير فى المستقبل “أريج” التى شغفها “مدحت” حبا فتزوجته، لكى تكتشف بعد قليل بوضوح وجلاء كم هو أنانى وانتهازى ومتسلق وفاسد ومنحط ولا يمكنه أن يقدم لأحد شيئا حتى لابنه وبنته الذان يسعيان للبحث عن الحياة والحب بعيدا عنه وعن وطنهم نفسه، أما أريج فتنطوى على خيبة أملها وتسعى للبحث عن ذاتها فى لوحاتها التى تمتلئ بنساء محلقات فى الفراغ بلا رؤوس ولا ملامح، حتى تلتقى “ذلك الغريب” الدافئ المثقف الإنسان الذى يتمكن ببساطة وطبيعية ودون عناء ولا قصد من امتلاك روحها ورغم هذا لا تلتقيه إلا لماما ومع هذا فهو يباغتها بموته المفاجئ، وتدهشنا الرواية بذلك التساؤل الوجودى هل يمكننا أن نعيش حياة كاملة هى العبث والكذب والخداع والاستلاب وغربة الروح، بينما يخبئ لنا القدر السعادة فيما يتبقى لنا من سنوات قليلة مع غريب لم نعرف له اسم، وبعد معاناة مؤلمة لتلك الرومانسية الحالمة بين العمر الذى ضاع فى الوهم والأكاذيب وبين الأمل المتوهج الذى سرعان ما خبا وأنطفأ، فإنها تترك البيت الذى وهبته ذوب عمرها وحياتها واهتمامها والزوج الذى لم يعد لديه إلا الشكوك والتوجس والعدوانية وفضائح جنسية بالغة الخسة، وتترك خلفها مذكرات تشرح معاناتها وتشير للأمل الذى بعثه ذلك الغريب، وإن كانت مذكرات مقطوعة بعض صفحاتها التى شغلتنا مريم هرموش بالتفكير فى محتواها، وتذهب أريج لتهب لذكرى ذلك الغريب الذى مات مابقى لها من حياة، بينما تردد جدران بيتها اسمها الذى يغيب: أريج أريج أريج


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى