كتّابمفكرون

“ديمقراطية أردوغان”…


“ديمقراطية أردوغان”

بعد أن مني حزب العدالة والتنمية، بالهزيمة في انتخابات اسطنبول وأنقره وأزمير ومعظم المدن الكردية، خرج البعض يتغنون بديمقراطية أردوغان الذي سمح بذلك وهو خطأ جسيم.

فالحقيقة الغائبة، هي أن التاريخ التركي ما قبل أتاتورك، لم يشهد سوي القمع والقهر علي يد نظام الخلفاء الإسلامي الشمولي الفاسد، بكل سوءاته التي قادته الي الإنهيار، والي أن جاء كمال أتاتورك، ليرسي حياة حزبية عميقة قاربت علي المئة عام، ثم بدأ تيار الإسلام السياسي (كعادته) في التغلغل داخل الحياة السياسية التركية، مستخدما الدين.

جدير بالذكر أن الحزب الفائز في الانتخابات هو “حزب الشعب الجمهوري”، الذي أسسه أناتورك، وظل حاكما لسنوات طويلة، وله انتشار واسع في معظم أرجاء تركيا، خاصة في المدن الكبري، ذات الكثافة العالية، ومستوي التعليم الجيد، ويتحالف معه “حزب الشعوب الديمقراطي” الذي يمثل الأكراد، وأحزاب أخري، وهو ثاني أكبر حزب في تركيا.

كان علي التيار السياسي الإسلامي أن يستخدم اللعبة الديمقراطية، وقدرته علي حشد الناس باسم الدين، ليستولي علي السلطة، ويرسخ أقدامه بواسطة (نجم الدين أربكان)، الذي أنشأ حزب “الرفاه” في عام 1983 الي أن تم حظر الحزب في 1998، بتهمة انتهاك علمانية الدستور.

فسارع أربكان بإنشاء حزب جديد بإسم “حزب الفضيلة الإسلامي” مدعيا أنه حزب ذو جذور إسلامية وتوجه إسلامي علماني، ولأن الحقيقة غير ذلك، تم حظره أيضا في 2001 ولنفس الأسباب.

هنا انشق رجب طيب أردوغان عن حزب الفضيلة وكون حزبا جديدا في نفس العام بإسم “حزب العدالة والتنمية” ونفي أن يكون حزبا إسلاميا، مداعبا الأتراك بأن أطلق علي نفسه “العثمانيون الجدد”، و يتهم علمانيو تركيا الحزب بتطبيق ما أسموه “خطة سرية لأسلمة البلاد”.

ان ما يفعله أردوغان لا يمت للديمقراطية بصلة

فهو يضيق علي كل الأحزاب المعارضة ويغلق صحفها ومواقعها الألكترونية.
كما استغل فشل انقلاب يوليو 2016، ليعتقل ويفصل الآلاف من الصحفيين والمثقفين والقضاة وأساتذة الجامعات والضباط والموظفين، دون محاكمات.
استغل أجواء الاضطراب والإرهاب في أعقاب الانقلاب ليغير نظام الحكم من نظام برلماني الي نظام رئاسي، في استفتاء مشبوه، لتتركز السلطة في يده.
رفض الاعتراف بنتائج الانتخابات السابقة محاولا التلاعب بها إلا أن الشعب التركي كان أكثر وعيا لمؤامرته وخرج ليؤكد إرادته في رفض هذا التيار.

هذه هي ديمقراطية أردوغان التي يتحدثون عنها، وأنا هنا لا أعقد مقارنة مع أي نظام آخر بل أنني ضد كل الأنظمة السلطوية غير الديمقراطية في أي مكان.

يتمني أردوغان لو استطاع القضاء علي النظام الحزبي العلماني في تركيا، ولكن هذا النظام أقوي كثيرا من محاولات القضاء عليه، يقف الي جانبه المثقفين الأتراك وله علاقات قوية بالنظم الأوروبية التي تراه الأقرب لنظم الحكم فيها، والصالح للتعامل والتعاون معه.

لقد اكتسب التيار الإسلامي التركي مكانته من خلال النهضة الإقتصادية التي أحدثها في تركيا، ولكن الآن بعد تعثر إنجازاته الإقتصادية وإنهيار الليرة التركية وحيث بدأ التأثير علي المستوي المعيشي للناس، ما يثير حنقهم وغضبهم، فالتيار الإسلامي وأردوغان قد نفذ الغرض منه، ومع ممارساته المتهورة والعمل دائما علي إثارة المشاكل، أصبح محتما سقوطه، وانتخابات اسطنبول هي بداية الطريق.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى