كتّاب

(هيئة الأخلاق الحميدة)…


(هيئة الأخلاق الحميدة)
#جريدة_الوطن
#سحر_الجعارة
يتساءل البعض: لماذا ينتفض تيار التنوير عند الحديث عن ملبس المرأة، أو محاولة «شرعنة النقاب»، لماذا نتصدى لتبرير التحرش بالنساء بملبس الضحية، وما سر غضبة المجتمع المصرى بأسره من تعبير «البسى قفة» الذى صاحب اغتيال «نيرة أشرف»؟ فى الخبر التالى سوف تعرفون أسباب الحساسية المفرطة تجاه الحريات من الملبس إلى حرية الفكر والتعبير وحرية العقيدة: فى طهران اندلعت المظاهرات عقب وفاة الشابة «مهسا أمينى» الإيرانية، 22 سنة، وكانت قد دخلت فى غيبوبة جرّاء الضرب المبرح من «شرطة الأخلاق» بحجة ارتدائها «حجاباً غير لائق»، (بحسب تصريح عائلتها للعربية نت).
يشار إلى أن العديد من الحملات النسائية نُظمت فى إيران ضد فرض الحجاب الإجبارى وطريقة اللباس على النساء على مدى السنوات الماضية.. خاصة بعدما وقع الرئيس الإيرانى «إبراهيم رئيسى» فى أغسطس الماضى مرسوماً يفرض التشدد فى لباس النساء، وهو المرسوم الذى صدر إثر إعلان «يوم الحجاب والعفة» الوطنى، الذى شهد مظاهرات واسعة تنادى بالتمرد وخلع الحجاب!
قد يبدو أن مصر أبعد ما تكون عن هذا الواقع المؤلم، والحقيقة أن المناقشات الحامية حول حجية الحجاب «فرض أم لا» ذات دلالة مرعبة، فلدينا عشرات «الدعاة اليوتيوبرز» يتربعون على عرش مواقع التواصل الاجتماعى ويُرهبون البنات ويتهددونهن بالجحيم فى حال ترك الحجاب.. وفى أهون الأحوال «من تركته عاصية».
لن أدخل فى مناقشة الحجاب ذاته، فما يهمنى هنا أن مصر لديها ضوابط أخلاقية محكمة وأن «الحشمة واجبة» بدون تدخل دينى، لكن الخوف من أن الشارع الذى شهد ذات يوم ميليشيات تنهى عن الجهر بالإفطار حتى للمسيحى كفيل ببث الرعب فى نفوس البنات.
أنا لا أتحدث عن مجتمعات الصفوة «سكان الكومباوندات ورواد الساحل الشمالى»، أتحدث عن أمن الشارع المصرى والجامعة ومترو الأنفاق ودور العرض السينمائى.. الأماكن الجماهيرية التى يرتادها أغلبية الشعب.
عودة إلى «الحجاب الإجبارى»، فى عام 2009 فى الخرطوم اعتُقلت «لبنى الحسين»، الصحفية السودانية، لارتدائها بنطلوناً أو «سروالاً»، وهو زى -من وجهة نظر القانون السودانى وبالتحديد المادة 152 لعام 1991- «غير محتشم» أو «غير لائق» مما يخدش الآداب العامة.
وحُكم وقتها على لبنى بأربعين جلدة! وتضامن معها العالم أجمع حتى الأمين العام للأمم المتحدة، لكونها موظفة بالمكتب الإعلامى التابع لبعثة الأمم المتحدة فى الخرطوم، مما أحرج النظام السودانى آنذاك.. بسبب ما اعتبره العالم خرقاً للدستور والحرية العامة، فتم تخفيض الحكم إلى الغرامة.. واقعة «لبنى» كانت ناقوس الخطر الذى لم ننتبه له آنذاك.
كان لا بد أن ننتبه إلى خطورة ترك رجال الدين يحكمون الشارع ويؤثرون فى الجماهير العريضة بأكثر مما يؤثر القانون أو هيبة الدولة.. خطورة «التدين الشعبى»، إذا جاز التعبير، أنه لا يستند إلى النص القرآنى ولا الأحاديث النبوية الشريفة، كان قديماً يؤخذ من شرائط الكاسيت بالميكروباص (كشك والمحلاوى).. والآن أصبح يؤخذ من «عبدالله رشدى» والتيك توك (كل المشايخ حتى الشعراوى لهم فيديوهات على تيك توك).
من يملأ ساعات اليوتيوب هم أشخاص خليط من الجهل على الإسلام السياسى على الفكر الوهابى.. إخوان على مرتزقة أديان على بلطجية وبينهم «عنتيل الدعوة».. هؤلاء أسسوا مدرسة الحلوى المكشوفة والسيارة المفتوحة: دقق فى المصطلحات ستدرك أنهم يخاطبون البسطاء وهؤلاء لا تقيهم ثقافة ولا يحصنهم تعليم.
لا «مهسا الإيرانية» ولا «لبنى السودانية» خلعت الحجاب، لكن «شرطة الأخلاق» اعتبرت حجاب الأولى غير لائق وبنطال الثانية ضيقاً.. هذا ما سوف نواجهه دائماً «اختلاف المقاييس»، وليس لدينا كتالوج شرعى لنقيس به مدى مطابقة الملبس للشرع ولا لدينا مازورة لنحسب مسافة الأخلاق الحميدة.
فى مصر، وحتى الآن، نختلف حول قطعة قماش تضعها البنت على شعرها بينما ملابسها كلها تصف وتكشف ما تحتها! لا يهم، فالمهم هو استعراض قوة الإسلام السياسى فى الشارع.. حتى الآن نحن أبعد ما نكون عن الجلد والتعذيب بالقانون.. لكننا على وشك تطبيقه بهيمنة التيار السلفى على الشارع، فاحذروا «هيئة الأخلاق الحميدة».

https://m.elwatannews.com/news/details/6302977



يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫7 تعليقات

  1. تحكم رجال الدين ف الشارع وحياة الناس خطر ينتهى بالخراب والفتن تهدم البلد انتم لكم الحكمه والموعظة الحسنه فقط والأمثال كثيرة ف إيران ومصر وباكستان وأفغانستان وغيرها ارحمونا والسلطة لا بد أن تجد حل

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى