منظمات حقوقية

Superwomen stories | “ليه لأ” من هرب إلى هرب ، ليس للنسوية دخل في ذلك! انطلق نشيد حماسي من

Superwomen stories


“ليه لأ” من هرب إلى هرب ، ليس للنسوية دخل في ذلك!
انطلق نشيد حماسي من تلفاز المنزل ، يصلح كموسيقى تصويرية لحياة الفتيات أو النساء اللاتي يحاربن من أجل حقوقهن ، فتوجهت نحو الشاشة لأمعن النظر ، هناك كانت أمينة خليل بفستانها الأبيض ، ووجها الرقيق تجرى ، فيما يبدو أنها تمثل عروس هاربة من زفافها ، لم يزعجني الأمر فأنا أتعامل مع المسلسل ، كشيء ترفيهي لا يستحق أكثر من ذلك ، كما أنني لم أعرف بعد ملابسات القصة ، ولكنني حينما ذهبت لأمضي بعض الوقت على فيسبوك ، وجدت هجومًا شديدًا على المسلسل ، وهجومًا على النسوية ، ومقارنات بين استقبال الفتيات للمشهد ، واستقبالهن لحكاية الفتى الهارب من خطبته ، وقتل المنطق وقواعد المقارنة التي تقتضي أن تكون المقارنة بين شيئين متشابهين ، لا مشهد خيالي وأخر حقيقي ، وتخفيضات من فساد بناتنا ، وهربهن من زفافهن تأثرًا بالمسلسل ، وكأن الأمر سهل ، واستخدام أن كل ذلك حدث بسبب جملة في الأغنية (طول منا صاحبة حقوق مش هكون خايفة ولا هكون ضعيفة) وكأن المطالبة تؤكد حكرًا على النسويات فحسب ، ولكن بعد انتهاء المسلسل ، فالحقيقة لا وجود للنسوية ، ولا الإستقلال ، ولا خطر على فتياتنا ، فقط هروب.
في الحلقة الثانية حينما تحاول الفتاة التحاور مع والدتها بشأن الزواج ، حينما تحاول التبرير ، فترفض الأم كل تبريراتها أو اعتذاراتها ، تنفجر الفتاة تخبرها هم سبب الأمر ، لقد حاولت أن تخبرهم من قبل ما كان منهم إلا إخبارها أنك تركت ذلك الشاب الممتاز المتكامل لن تجد غيره ، وهو ما أعطاها مسبقًا لرغبتها في فسخ الخطبة ، ولكن الهروب لم يبدأ من ذلك المشهد ، بل بدأ من قبل ، لقد أخبرت خالتها أنها لم توافق إلا لتهرب من تحكمات والدتها ، الا لتتنفس ، وهذا ما تفعله الكثيرات ، بل تلك أحيانًا حينما أشعر باليأس أفكر مثلما فكرت البطلة ، ان الضغط الذي يمارس علينا من قبل ذوينا ، ومن قبل مجتمعاتنا يجعلنا نشعر بالاختناق ، ولكن ذلك ليس مبررًا لتوريط أخرون في مشكلاتنا الشخصية ، وهو ما لم تنادي به النسوية حتمًا.
ربما لهروبها الأول وهو الرغبة في ترك قفص الأم المتحكمة ، إنها الرغبة الثانية أنها لم تختر ذاك الرجل لأنها تقتنع به شريكًا لها ، فلم تحبه ، طوال الوقت كانت محاصرة ولكنها حينما وضعت في مواجهة مع اختيار وحيد وهو امضاء اجراءات الزواج ، لم تكن من الإستمرار وهربت .
لنلقى بالضوء قليلًا على شخصية البطلة ، انها فتاة من حي راق من أحياء القاهرة ، إلي حد ما حرة لأن مميزات طبقتها أعطتها بعض الحرية مثل الملابس والتعليم والعمل ، فعليا ليست من أسرة متشددة دينيًا مثلًا تحتاج لخوض جدالات عن الملابس ، أو من أسرة قروية تحرم بناتها من التعليم ، أو أخرى تحرم بناتها من العمل ، حتى أن مطالبة أسرتها لها بالزواج لم تكن من سنٍ صغير ، بل حينما جاوزت الثلاثون عامًا ، فالبطلة هنا لا تمثل نموذج للفتاة المقهورة أو الكادحة ، فقط أسرة تتمسك بالتقاليد ، لا تستمع لها ، وهو أقل أنواع القهر التي تلقاه فتاة مصرية ، كما أن البطلة لا تحمل أي أفكار نسوية أنما هي فقط ترغب بالتنفس ، بالابتعاد عن سلطوية الأم ، الأم التي لا تستخدمها الأخرى تعليمات من أمها ، ولا من الاختيار لنفسها.
فلذلك لا يصح المسلسل كتمثيل لفئة الفتيات المستقلات ، أولئك الساعيات خلف أحلامهن ، المتلفحات بخيباتهن من الأهل ، للمجتمع ، الفتيات اللائي لا من غرفة تأجير ، لا شقة في وسط البلد ، الهاربات من ظلم الاسر ، او الجهل والفقر ، وأحيانًا التحرش من الأقارب ، اللائي قررن كسر سلسلة من بيت الأب ، لبيت الزوج ، للقبر ، حتى وإن كان الزوج هو الوجه الأخر للجحيم ، عليا لم يذهب إليها الأهل ليجرجرونها للمنزل مرة أخرى ، لم يقاطعوها ، ولم تصل إليها تهديداتهم بالقتل!
من هرب إلي هرب ، ثم تأتي المسابقة التى تكتشف نفسها والحياة من تلك ، وبالطبع ترفض الأم فتهرب من المنزل مرة أخرى ، لتتضح معالم شخصية البطلة ، وأهمها أنها خائفة ، وغير ناضجة حينما تشعر بالخطر لا تفكر سوى في حماية نفسها ، وان استلزم الأمر ان تخطو فوق غيرها ، وهذا لم يقف مرة واحدة لمواجهة الأمر ، لتقول لأمها سأخرج من المنزل ، سأمضى لتحقيق حلمي ، سأختار ما أريده ، أو أن تخبر الخطيب برغبتها في عدم الزواج منه بدلًا من استهلاكه واحراجه ، لم تقلق ولو مرة واحدة لا لأمها ، أو للإختيارات التي تفرض عليها من قبل دائرتها.
المسلسل لا يتعدى قصة فتاة خائفة ، تحاول أن تستكشف الحياة لا شيء أخر ، ولا يمثل النسوية في نقطة واحدة ، حتى تلك الأخرى “فرح” التي كانت تشجعها على الهرب وعلى المضي قدم قدمًا في الحياة ، ليست سوى شخصية تسعى لأخذ ما تريده فقط دون أي اعتبارات .

كتابة: دينا محمد يوسف
# ليه_لا

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى