قضايا المرأة

الجزء (٣): تدور في رأسي أصوات كل الفتيات اللواتي سمعتهن يتحدثن بسرعة، دون الغوص …


الحركة النسوية في الأردن

الجزء (٣):
تدور في رأسي أصوات كل الفتيات اللواتي سمعتهن يتحدثن بسرعة، دون الغوص في الألم، عن تجاربهن مع الإجهاض، والتي عجزن بعدها عن استيعاب ما حدث، فسردن القصة من الخارج كأنها لا تخصهن. كانت الأصوات تأتي وتذهب، أما اليوم فما عدت قادرة على إسكاتها، وأحد الأسباب كان صورة حمقاء صادفتها، يمتد الحبل فيها من عنق المرأة وصولا إلى رحمها، حيث يُشنق الجنين “الأحمر”، مع تعليق لرجل عليها يقول فيه: “معاً لتطبيق القانون بتجريم الإجهاض”.
يريد الرجل الغوص من الناحية القانونية داخل “أرحام النساء” بحق ووجع يجهله.
يعتقدون أننا نجهض أطفالنا بسعادة لا أحد يهتم بآلامتا الجسدية والنفسية

سئمت من النقاشات التافهة التي يتم تداولها بسطحية دون أن يظهر صوت النساء، ولذلك سأسمح لنفسي بالقليل والكثير الذي أعرفه، أن أروي بصوتي عن كل الأصوات التي تعاني بالسر من وجع لا لغة واضحة له

قبل أكثر من عام فهمت ما تقوله نساء القرية: “حين تدخل امرأة في المخاض، تفتح لها أبواب السماء”. حين تناولت الحبوب التي أدخلتني في مخاض اصطناعي، شعرت أن جسدي على الأرض ورأسي في السماء، وأن لا جسد باستطاعته احتمال كل هذا الوجع ولا مانع لدي أن أموت وأنتهي، خاصة أنني سأحظى بخلايا ميتة. أترى عادة هذا الوجع مرادفه ولادة طفل ينسينا كل ما مررنا به، ما حصل معي لا نتيجة له، فهل باستطاعتك أن تفهم جسد غير قادر على العطاء وأن أبواب السماء تفتح أمام المرأة التي تجهض أيضاً من شدة الألم”

يحكي الصوت: “في العادة حين نتعامل مع أوجاعنا يكون لدينا صورة، شكل، رائحة، في الإجهاض الوجع داخلي، لا يمكن إسقاطه إلى الخارج، لا أعرف لون العيون أو البشرة. وجعي لا شكل له، وله كل الأشكال. احتمالات لا تنتهي. كان بامكاني أن أكون أماً، أو ألّا أكون، لن أعرف أبدًا الجواب، وهنا أزمتي”

في الإجهاض تختبر المرأة الموت في داخلها، فيتحول العضو، الذي تصنع فيه يد ورأس وقلب، إلى مقبرة تنزف منها قرارات مجتمع حقير

اكتشفت حقيقة أن أجسادنا كنساء قادرة على تحمل كل شيء، النظرات في الشارع، يد تلمسنا في المواصلات العامة، كلمات تخترقنا في لحظة غضب، ملاحظات حول ما نرتدي، أمثال شعبية تشبهنا بعيدان الكبريت، شارع معتم نحرك فيه أرجلنا بسرعة بعد منتصف الليل متأبطات حقائبنا، جسد يرغبنا في المساء، وفي الصباح أن يتفوه فمنا بـ: حاضر، معك حق، لا رأي لي بقراراتك، انا أصلًا لم اطلب منك شيئًا.
تتحمل أجسادنا رجالًا لا يمانعون ممارسة الجنس يوميًا لكن يخافون الجلوس بجانبنا حين نجهض أطفالهم، لأن “الوضع أكثر مما يحتملون” لأنهم أجبن مما يعرفون

كتابة: #نغم_شرف على موقع @raseef22

الجزء (٣):
تدور في رأسي أصوات كل الفتيات اللواتي سمعتهن يتحدثن بسرعة، دون الغوص في الألم، عن تجاربهن مع الإجهاض، والتي عجزن بعدها عن استيعاب ما حدث، فسردن القصة من الخارج كأنها لا تخصهن. كانت الأصوات تأتي وتذهب، أما اليوم فما عدت قادرة على إسكاتها، وأحد الأسباب كان صورة حمقاء صادفتها، يمتد الحبل فيها من عنق المرأة وصولا إلى رحمها، حيث يُشنق الجنين “الأحمر”، مع تعليق لرجل عليها يقول فيه: “معاً لتطبيق القانون بتجريم الإجهاض”.
يريد الرجل الغوص من الناحية القانونية داخل “أرحام النساء” بحق ووجع يجهله.
يعتقدون أننا نجهض أطفالنا بسعادة لا أحد يهتم بآلامتا الجسدية والنفسية

سئمت من النقاشات التافهة التي يتم تداولها بسطحية دون أن يظهر صوت النساء، ولذلك سأسمح لنفسي بالقليل والكثير الذي أعرفه، أن أروي بصوتي عن كل الأصوات التي تعاني بالسر من وجع لا لغة واضحة له

قبل أكثر من عام فهمت ما تقوله نساء القرية: “حين تدخل امرأة في المخاض، تفتح لها أبواب السماء”. حين تناولت الحبوب التي أدخلتني في مخاض اصطناعي، شعرت أن جسدي على الأرض ورأسي في السماء، وأن لا جسد باستطاعته احتمال كل هذا الوجع ولا مانع لدي أن أموت وأنتهي، خاصة أنني سأحظى بخلايا ميتة. أترى عادة هذا الوجع مرادفه ولادة طفل ينسينا كل ما مررنا به، ما حصل معي لا نتيجة له، فهل باستطاعتك أن تفهم جسد غير قادر على العطاء وأن أبواب السماء تفتح أمام المرأة التي تجهض أيضاً من شدة الألم”

يحكي الصوت: “في العادة حين نتعامل مع أوجاعنا يكون لدينا صورة، شكل، رائحة، في الإجهاض الوجع داخلي، لا يمكن إسقاطه إلى الخارج، لا أعرف لون العيون أو البشرة. وجعي لا شكل له، وله كل الأشكال. احتمالات لا تنتهي. كان بامكاني أن أكون أماً، أو ألّا أكون، لن أعرف أبدًا الجواب، وهنا أزمتي”

في الإجهاض تختبر المرأة الموت في داخلها، فيتحول العضو، الذي تصنع فيه يد ورأس وقلب، إلى مقبرة تنزف منها قرارات مجتمع حقير

اكتشفت حقيقة أن أجسادنا كنساء قادرة على تحمل كل شيء، النظرات في الشارع، يد تلمسنا في المواصلات العامة، كلمات تخترقنا في لحظة غضب، ملاحظات حول ما نرتدي، أمثال شعبية تشبهنا بعيدان الكبريت، شارع معتم نحرك فيه أرجلنا بسرعة بعد منتصف الليل متأبطات حقائبنا، جسد يرغبنا في المساء، وفي الصباح أن يتفوه فمنا بـ: حاضر، معك حق، لا رأي لي بقراراتك، انا أصلًا لم اطلب منك شيئًا.
تتحمل أجسادنا رجالًا لا يمانعون ممارسة الجنس يوميًا لكن يخافون الجلوس بجانبنا حين نجهض أطفالهم، لأن “الوضع أكثر مما يحتملون” لأنهم أجبن مما يعرفون

كتابة: #نغم_شرف على موقع @raseef22

A photo posted by الحركة النسوية في الأردن (@feminist.movement.jo) on

الحركة النسوية في الأردن

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى