كتّاب

رَأَيتُهُ قَبلَ مَيلِ الأَرضِ مُعتَدِلا…


رَأَيتُهُ قَبلَ مَيلِ الأَرضِ مُعتَدِلا
كَأَنَّهُ دَهشَةُ المعنى إِذا اكتَمَلا

رَأَيتُهُ مَرَّةً أُخرى أَباً وَجِلًا
كَجَائعٍ لم تَجِد مأسَاتُهُ عَمَلا

وكان يَركُضُ في بَالِ الرِّياحِ، بِلا
ثَوبٍ، ويَخلَعُ عن أَحلامِهِ الكَسَلا

يَقُولُ لِلشَّمسِ إِنّي لا أَسِيرُ على
ماءِ المجازَاتِ إِلَّا أَحسَنَت عَمَلا

لِأَنّني نَسْلُ حُزني، وابنُ أُغنِيَتي
أَرَى الرُّكُوعَ لِغَيرِ اللهِ مُبتَذَلا

وكُلَّما وَقَفَت أُمِّي على وَجَعٍ
سَكَبتُ قلبي على أَقدَامِها قُبَلا

وشاخَ قلبي سَرِيعاً رغمَ حِكمَتِهِ
لكنّني لم أَزل بِالنُّورِ مُتَّصِلا

لم تَلتَفِت رَوعَتِي لِلمُرجِفِينَ، ولا
رَأَيتُ فِيما مَضَى مِن قَبلِها بَطَلا

رَسَمتُ زَهرَ بَسَاتِيني على قَمَرٍ
فَأَصبَحَت كلِماتي في الهوى عَسَلا

تَوَقَّفَ الضَّوءُ عندي، وانتَمَى لِفَمِي
صَوتُ الكَمَالِ، وقامَ الحُبُّ مُبتَهِلا

أَطِيرُ في النَّاسِ مِن قَلبٍ إِلى شَفَةٍ
هذا يُغَنِّي، وهذا يَنحَنِي خَجَلا

أَسمُو بِهِم، وأُعَاني دائماً مَعَهُم
لا أَكرَهُ امرَأَةً، لا أَشتَكِي رَجُلا

ومِثلما تَسكُبُ الجَدَّاتُ قَهوَتَها
رَأَيتُهُ عَفَويّاً يَسكُبُ الأَمَلا

يَهجُو قَصِيدَتَهُ إِن صافَحَت يَدُها
حُكُومةً تَخنُقُ العُمَّالَ بالنُّبَلا

ما أَجبَنَ الشِّعرَ مُنقاداً ومُمتَثِلًا
لِكُلِّ مَن حَمَلَ السَّاطُورَ وانفَعَلا

والشِّعرُ يُصبِحُ مَمجُوجاً ومُبتَذَلًا
ما دام عن وَاقِعِ الإِنسانِ مُنفَصِلا

لا شَاعِرَ اليَومَ إِلَّا بُندُقِيَّتُنا
تَحمِي البِلادَ، وتَمحُو بِاسمِنا الدُّوَلا

لن يَحفَظَ الخَوفُ حَرفاً مِن قَصَائِدِنا
والشَّاعِرُ الحُرُّ يَحيَا كُلَّما قُتِلا

سَيَبعَثُ اللهُ صَوتاً كُلَّما انطَفَأَت
شَجَاعةُ النَّارِ أَلقَى الصَّمتَ واشتَعَلا

وطالَمَا كانتِ الأَقلامُ وَالِغَةً
في الوَحلِ، لن تَبرَحَ الأَوطانُ مُعتَقَلا

لا يَهرُبُ الحُرُّ مِن قَهرِ البِلادِ إِلى
عِبَادةِ الذَّاتِ، أَو حَصَّالَةِ العُمَلا

أَنا مِن النَّاسِ، لكنّي أَنا فَمُهُم
إِن أَسكَتَ الظُّلمُ رُوحاً واختَفَى الزُّمَلا

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى