كتّاب

الله موجود ولكنه لا يهتم لشيء…


الله موجود ولكنه لا يهتم لشيء
نص ل: صلاح عبده
ــــ

هل يعلم الله بأني مريض. لماذا لا يمدني بحصتي من الشفاء. يقولون المرض تطهير الرب للذنوب. أنا لم أقترف أي ذنب ولا أي جرم بحق أحد يا الله. أحببتك كما لم أحب أحد من قبل وأحببت البشر كثيرًا ولم أمت كما مت أنتَ لو صح زعم زراديشت بأن الإله مات لفرط حبه للبشر. أعلم أنك ما زلت حيا ولم تمت بعد لكن البشر هم الذين يموتون من فرط حبك لهم. حبا كثيرا يا الله وخذني اليك لنلهو معاً في شرفة قصرك المطلة على نهر الكوثر.!
خلقتُ مسالما خجولاً وودودًا يا الله. مثاليا أكثر من أفلاطون نفسه, إنساني مفرط في إنسانيته, أنشد الإنسان الأعلي, الانسان المتجاوز لإنسانيته, كما يقول نيتشه.
ذات يوم صفعني أحدهم في خدي الأيمن فدرت له خدي الأيسر. تماما كما قلت. كنت اظن انك ستصفعه بدلاً عني. كبرت وعلمت أنك لم تقل ذلك, وانه كان عليّ أن أرد الصفعة بالصفعة. وانك لست مسؤولاً عن أخطا الحمقى. فالرب لا يحمي المغفلين. وأن ثمة أمور كثيرة لا صلة لك بها. فمن صفاتك الحياد.
لم يحدث أن تشاجرت مع أحد منذ أن وعيتُ نفسي, لم أمارس أي إشتباك مادي أو لفظي مع أحد.
عندما كنت طفلاً زرعت ورودا جوار منزلنا القروي, وحين نبتت الشوك مع الورد نزعت عنها أشواكها; لا يحق للورد أن ينبت الشوك. قلت لأمي وكانت تخبرني ان ذلك خلقك يا الله, ذوقك الخاص في الصنع لا يحق لنا أن نعترض فننزع عن الورد أشواكها. كنت أرى ذلك أحد تناقضات الرب في الخلق.
أخبرتني أمي إنك لم تخلق شيئا عبثا. وانك تحب اولاد الفقراء على نحو أكثر من أولاد الاغنياء وهذا ما يفسر جوعنا الدائم وخوفنا من مجهول يتجهمنا وسر تعاستنا الأبدية, فخفت من حبك لي وتمنيت لو تكرهني مرة واحدة لاحظي بلعبة “البسكليت”.

قالت إمي انك موجود كنت أحدق في السماء أفتش عنك ولم أرك وعندما كانت تمرض أو تجوع كنت أسمعها تصرخ: “لقد مات الله.”

ذات يوم تصارع الديكة جوار قن الدجاج وسالت الدماء من وجوهها, تدخلت لفض النزاع وكنت أبكي بحرقة وذعر, ضمتني أمي لصدرها وهدأت. كيف يمكن للإخوة الديكة أن يتصارعوا وتسيل الدماء والرب يشاهد تلك الوحشية.؟

كبرتُ وشاهدتُ بشر يذبح بعضهم الآخر بإسم الرب..كدت أصاب بالجنون لولا ابيقور الذي أسعفني بقوله ” أن الله موجود لكنه لا يهتم بشيء”

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى