مفكرون

أحمد علام الخولي | بين الراقصة سونيا سليم والأستاذ عبد البر من فيلم الراقصة والسياسي – ياأستاذ عبد

بين الراقصة سونيا سليم والأستاذ عبد البر من فيلم الراقصة والسياسي

– ياأستاذ عبد البر حضرتك فحصت الطلب ده بعمل ملجأ للأيتام وأطفال الشوارع ورفضته لإنى رقاصة مش شايف أن ده سبب ملوش علاقة إنك ترفض مشروع زى ده
– يامدام سونيا المشروع الخيرى بتاعك غير شرعى وكمان فلوسك من الرقص حرام
– وأنت مال حضرتك كموظف بالحلال والحرام وليه فلوسى حرام شوفتنى عملت شركة توظيف أموال ولا مشروع سكنى لميت فلوس الغلابة وأكلتها ولا تاجرت فى المخدرات أو أخدتها رشوة ثم يعنى إيه مشروعى الخيرى غير شرعى
– يامدام سونيا لسه الدولة مسمحتش للراقصات أنهم يعملوا مشاريع خيرية واطفال الشوارع الدولة متكفلة بيهم
– ولما هى متكفلة بيهم سايباهم فى الشوارع ليه – بقلك يا أستاذ عبد البر إيه رأيك نعمل المشروع بإسم الأستاذ شفيق محسن واهه محترم ولابس محترم ومدير اعمال
– والله يامدام فى الحالة دى نعيد النظر وإحتمال نوافق
– بس اللى متعرفوش حضرتك إن الأستاذ شفيق مدمن هيروين وحاجة تانى ألعن ومع ذلك هتوافقله عارف ليه علشان بتحبوا اللى يغشكم ويضحك عليكم واللى يهمكم بس الشكل من برا ومن جوا الدود سارح
————-
تذكرت اليوم هذا المشهد العملاق الفاضح من فيلم الراقصة والسياسي فأمام إحدى اللجان الإنتخابية رقصت تلك السيدة بالأسفل فى مشهد عبثى ليس أقل عبثية من المشاهد التى قام بها الحزب الذى ذكر الجميع بفساد قديم ولكن ما يثير الإستغراب أن تلك السيدة تعرضت للجلد والنقد والسب والإهانة لا لإنها رقصت فهى سيدة خمسينية حسب المنتقدين ولكن الكارثة لديهم أنها إستخدمت طرحتها ليظهر شعرها فترك هؤلاء الجلادين واللاعنين الفساد الذى يحدث بكل صوره والفقر والجهل اللذين إستخدمهما الفساد جيدا لحشد تلك السيدة وغيرها مقابل جنيهات أو كرتونة بها عدة كيلوهات من الفول والسكر لتذهب وتبصم على مالا تعرفه وكل هذا لم يثير رجال بلدنا وأشاوسها ولم يحرك لهم ساكنا ولكن كله إلا الحجاب
وفى هذا المشهد الرائع للمخرج العبقرى سمير سيف إستطاع رسم صورة المواطن المصرى الموظف المتدين المزدوج الذى يتوسط مكتبه مصحفه الضخم ويدخن سيجارته ويتقبل الرشوة وكل انواع الفساد إلا أنه ثار وإنتفض حين عرضت سيدة راقصة أن تبنى ملجأ يضم اطفال الشوارع وتتكفل بهم وكان تركهم فى الشارع لديه أفضل من أن يوافق على طلب تلك السيدة التى تجاوز دوره كموظف ونصب نفسه وصيا عليها ومفتيا بأن مشروعها لن يقبل منها وأن اموالها حرام فى حين أن هؤلاء الأطفال فى الشوارع سيكونون فيما بعد عاهرات بالأجر ولصوص وإرهابيين

والبداية كانت منذ رسخ الإخوان والسلفيين بالمجتمع مظاهر التدين الإستعراضى الشكلى فجاء الإهتمام باللحية والحجاب والنقاب والزبيبة على حساب الأفعال والسلوكيات فاللحية صك الإيمان والحجاب صك العفة والزبيبة صك الأمانة ثم كانت النتيجة أن هذا التدين الشكلي لم يحمي مجتمعنا من الفساد الأخلاقي ولا من الإنحطاط السلوكى والتخلف والفساد السياسى والتطرف ففقدنا بوصلة القيم المجتمعية كاحترام الآخر وتقبل المختلف وصار المجتمع يعتبر الغش فهلوة والرشوة ذكاء والعنصرية تفوّق والكراهية إيمان والتحايل على العمل استقامة وأصبحت أقنعة التدين الشكلي هي مجرد التمثيل بالمظهر الديني فى حين لم تصل اليابان مثلا للتقدم وإحترام حقوق الإنسان وحرياته لأنها الأكثر أخلاقا أو تدينا ولكن لأنهم أدركوا أن عقيدة الدولة هى المواطن وليس دينه وأن الرادع القوى للبشر هو القانون وليس الدين لأن قواعده خاصة فاحتكموا للقوانين وطبقوها وأحترموا العلم فبقى الدين شأن خاص بالأفراد فإنطلقت حياتهم ولم تتمحور حول الإيمان والكفر والدياثة والتبرج وتوزيع كراتين شاى وسكر أو بعض الجنيهات لشراء صوت إنتخابي من جاهل أو محتاج أو دفع سيدة للرقص أمام لجنة إنتخابية بجنيهات



Ahmed Allaam Elkholy

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى