كتّاب

مغالطات تاريخية (4-2):…


مغالطات تاريخية (4-2):
لم تبن الأهرام بالسُخرة:
ونأت إلى المغالطة التاريخية الكبرى وهى أن الأهرام قد بناها المصريين بالسخرة، مع تساؤل استنكارى: كيف يُسخر الفرعون عشرات الآلاف من المصريين لبناء مقبرة له وهو مجرد فرد من الناس؟
والسُخرة من وجهة نظرى هى: تقديم خدمة ووقت وجهد وخبرة “ذات قيمة مادية” ولكنها تتم بلا أجر ولا مقابل، إذ يستولى صاحب العمل على هذا الأجر أو القيمة المضافة الناتجة من هذا العمل لنفسه.
ويعمل بالسخرة العبيد والذين يملك سادتهم أرواحهم فضلا عن جهدهم ووقتهم وأجسادهم، أو الأحرار فى ظل القانون أو الأعراف الظالمة أوعلاقات الإنتاج غير المتكافئة، أو البلطجة أو إسباغ الحماية
ولنبدأ بسخرة العبيد وفى الحقيقة فإن مصر القديمة لم تعرف العبودية فى زمن بناة الأهرام، – وقد عرفته فقط فى الدولة الحديثة “الإمبراطورية” كأثر من آثار اتصالها بالحضارات التى عرفتها من قبل، ولعل فى قصة سيدنا يوسف “وقال الذى اشتراه من مصر لأمرأته أكرمى مثواه” “عليه السلام” إلى شئ من ذلك – فالحضارة المصرية لم تكن نتاج جهد جنس أو عرق معين، أو قبيلة وعشيرة أو أصحاب عقيدة معينة، وإنما تكونت مصر من “الناس” الذين كانوا يرتحلون على المحور الرأسى “النيلى” والمحور الأفقى “المتوسطى”، وبسبب الجفاف بعد العصر المطير نزلوا من الهضاب ليسكنوا وادى النيل ويروضوا النهر ويقلعوا أحراشه ويزرعوا أرضه ويبنوا مساكنهم، ومن هنا لم تعرف مصر القديمة التمييز العنصري أو النقاء العرقى، وكان من المصريين السمر ذوى الأصول الإفريقية وأصحاب البشرة البيضاء والعيون الزرق القوقازيين
نعم كان هناك الفقراء والأغنياء ولكن لم تعرف مصر معنى كلمة عبد وعبودية، كما عرفتها الحضارات القديمة فى العراق وفارس واليونان وروما، وليست هناك نصوص ولا وثائق تتعلق بفقه العبودية وقوانينها، ومصادر العبيد ولا عقود للبيع والهبة ولا أثمانهم ولا مايحل للسيد وما لا يحل، وهذا كله وأكثر موجود بالتفصيل عند الشعوب والحضارات التى أشرت إليها من قبل، ومن هنا فقد كان تعبير “سيدى وسيدتى” تعبيرا مجازيا يعنى بالنسبة للمصريين أصحاب الفضل والمكانة والجديرين بالحب والاحترام والتوقير، ولقد عشت وأقرانى طفولتنا فى القرية أقول: “سيدى أحمد” و”ستى حُسن”، ولم اسمع كلمة جدى وجدتى إلا عندما غادرنا القرية
أما عن سُخرة الأحرار فستكون موضوع البوست التالى …. يسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى