كتّابمفكرون

“لمحات من التاريخ السياسي للأزهر” (3)…


“لمحات من التاريخ السياسي للأزهر” (3)
السادات والأزهر (أ)

كانت ردود أفعال بعض رجال الأزهر علي نكسة 67 مؤشرا واضحا لحقيقة مكنوناتهم, فبعد أن أحكم عبد الناصر قبضته علي الأزهر, وبعدما سحق الإخوان المسلمين وسجنهم بمباركة رسمية من الأزهر, وبعد أن أجازوا الأيدولوجية الاشتراكية رضوخا له, وابتعدوا نسبيا عن الظهور العام, كانت النكسة فرصة لأن يتجرأ بعض رجال الأزهر ليثيروا فكرة التوبة, وتحولت خطاباتهم علنا من الإشادة بالاشتراكية إلى التذكير بسيادة الإسلام, وطالبوا بإعطاء الدين المزيد من الأهمية في الحياة العامة, في إشارة مقصودة الي أن الهزيمة كانت عقابا نتيجة للإبتعاد عن الدين والانحياز للنظام الشيوعي, وكانت أشهر المواقف اعلان الشعراوي سجوده لله شكرا بعد علمه بالهزيمة تأكيدا لهذه الإشارة.
وكتب الشيخ عبد اللطيف السبكي (رئيس تحرير مجلة الأزهر) يقول: “لقد أعطى الله أعداءنا انتصارهم ليس لأنه لا يحبّنا, ولكن من أجل أن يتمادوا في المعصية, انتصارهم هو علاج وتوبيخ لنا, لأننا حقّرنا أنفسنا… ونحن الآن قادرون على تحقيق ما كنا قد تركناه وراءنا ونتذكر ما نسينا”.

ولهذا كانت علاقة السادات بالأزهر ذات سياق مختلف, فهو قد استخدم الأزهر أيضا لأغراض سياسية, ولكنه اتخذ طريقا مختلف, بدأه بتخفيف القيود السياسية, وقدّم للعلماء مساحة أكثر انفتاحا نسبيا للتعبير.

أراد السادات أن يحصل علي الشرعية الدينية (أنا رئيس مسلم لدولة مسلمة) بديلا للشرعية الشعبية الساحقة لعبد الناصر, وأراد الابتعاد عن الإشتراكية ليسلك طريق الانفتاح الإقتصادي, وهدف الي التخلص من معارضيه من اليسار الناصري, واليسار عموما, فحرر الساحة السياسية أمام رجال الأزهر ليعاونوه في ذلك.
وقد أبلي الأزهر في ذلك بلاءا حسنا, وكما لاءم الأزهر رسميا بين الإسلام والاشتراكية من خلال فتاوى العلماء الرسميين, قام الأزهر ذاته بعد مرور عشر سنوات ليمنح الشرعية للتوجهات السياسية والاقتصادية الجديدة لنظام السادات.

وفي أعقاب مظاهرات الطلبة عام 1972, وصف شيخ الأزهر (محمد الفحام) الشباب اليساري ضمنيا بالكفار, ونصحهم بأن يتوبوا ويعودوا إلى الإسلام.
وفي عام 1975 لم يتردد الشيخ (عبد الحليم محمود) في استخدام سلاح التكفير ضد الشيوعيين المصريين لتلبية احتياجات النظام وأصدر فتواه “الشيوعية كفر, والمؤمنون بها ليسوا مسلمين”.
وفي عام 1979 كتب الشيخ محمد البهي – الذي أشرف على إصلاح جامعة الأزهر في عصر عبد الناصر – “ثورة يوليو 1952 قد تسببت بـ فراغ ديني ودمّرت الدين, كما فعل الاستعمار, ففي ظل نظام عبد الناصر احتلت القومية العربية محل الإسلام, بينما تاريخ العرب هو في الواقع تاريخ الإسلام”.

حقيقة الأمر أن السادات ضمن سياسة الإنفتاح, أطلق سوق (السلع الدينية) وحررها من القواعد التي كانت تقيدها, وهو ما أثمر عن حالة من السيولة للإسلام السياسي, شارك فيها الأزهر, وهو ما سنتعرض له لاحقا.
وللحديث بقية …..
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى