توعية وتثقيف

الطائفية (Sectarianism) – ٣…


الطائفية (Sectarianism) – ٣

تاريخ البشرية كان طويلا و معقداً و مليئاً بالصراعات بين القبائل و العشائر و سائر التجمعات العرقية والدينية. لذلك ترسخت فى تلك التجمعات مشاعر معقدة تجاه بعضهم البعض، نراها بين الإنجليز و الفرنسيين، بين الصرب و الكروات، بين العرب و اليهود … إلخ. هذه المشاعر هي الجذور التى نبتت منها العنصرية والطائفية و العرقية. (أما الذكورية و التمييز الجنسي فلهم جذور أخرى.)

كل الديانات كانت (فى بدايتها على الأقل) قبَلية أو قومية. لذلك ساهمت فى تعميق تلك المشاعر عند المؤمنين بها. و حتى بعد أن تحولت بعض الأديان إلى العالمية، إستمرت فى الحض على كراهية أصحاب الديانات الأخرى كآلية للإنتشار أو، على الأقل، للحفاظ على الذات.

لكل عملة وجهان. و الوجه الآخر لكراهية الآخرين هو الإستعلاء و تمجيد الذات. نجد ذلك عند العبرانيين فى مبدأ “الشعب المختار” و عند العرب فى مبدأ “خير أمة …” و عند قطاع من الأمريكيين المعاصرين الذين يناصرون ترامپ، و ذلك على سبيل المثال لا الحصر.

ربما أسوأ الأمثلة فى التاريخ كانت الحركة النازية التى بنيت على أساس سمو العنصر الآري على غيره من العناصر. و مما ساهم فى جعلها أسوأ الأمثلة هو أنها كانت تبدو فى الظاهر معقولة. فقد كان الألمان فى تلك اللحظة التاريخية بالفعل أكثر الشعوب رقياً فى العالم.

دفع الألمان ثمناً باهظاً لتلك الحماقة، لكنهم إحقاقاً للحق لم يكونوا الشعب الوحيد الذى وقع ضحية لهذه الفكرة السيئة. فقد ظهرت حركات مماثلة فى اليابان و إيطاليا و أسبانيا و تركيا، و غيرهم.

سيسأل سائل “لماذا لم تذكر من ضمن ما ذكرت حركة ‘القومية العربية’ التى أطلق عنانها جمال عبد الناصر؟” و هذا يفتح الباب لموضوع آخر، و هو أن الحركات القومية يختلف تقييمها بإختلاف أهدافها – إذا كانت الحركة القومية ترمى إلى الإستعلاء و السيطرة على الغير، فهي حركة فاشية و تجب مقاومتها. أما إذا كانت تهدف إلى الإستقلال والخروج من تحت سيطرة الإستعمار و الإستغلال، فهي حركة نبيلة يجب تعضيدها.

موضوع التمييز موضوع صعب و ثقيل على النفوس، لكنه من الأهمية بمكان. و هناك المزيد من ما يستوجب الحديث عنه.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Farid Matta فريد متا

كاتب ادبي

‫2 تعليقات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى