كتّاب

الأصول المصرية للاحتفال بأحد السعف:…


الأصول المصرية للاحتفال بأحد السعف:

نخيل البلح شجرة مدارية تنتشر فى المنطقة الممتدة من باكستان شرقا حتى ساحل الأطلنطى فى الغرب، ولا أعلم لماذا يصر بعض الكتاب فى نسبة نشأته لجزيرة العرب، وخاصة وقد وجدت أقدم الدلائل على وجوده فى مصر منذ أكثر منذ عشرات الآلاف من السنين من ناحية، ولأن ثماره المجففة ( التمر ) والتى تعد الثمرة الأولى التى يحملها الإنسان فى ترحاله فهى تستطيع أن تعيش دون أن تفسد لآلاف السنين “فقد كان البلح المجفف فى مقبرة توت عنخ آمون صالحا للأكل”، فضلا عن أن بذرته (النواة) شديدة الصلابة ويمكنها أن تنتظر دهرا حتى يتاح لها ظروف الإنبات،
وقد وجدت أقدم آثار النخيل فى مصر منذ العصر الحجرى القديم فى مناطق الواحات، كما عثر على مومياء ملفوفة فى حصير من سعف النخيل بالرزيقات من مرحلة ماقبل الأسرات، كما وجدت فسائل صغيرة من النخيل مدفونة فى مقابر من نفس الفترة- من: وليم نظير. النباتات عند قدماء المصريين- واعتبر المصريين أن أوزوريس هو أول من غرس النخيل فى مصر، وقد وجد سقف مقابر من جذوع النخيل وبعض الأوانى الفخارية التى كانت تحتوى على عرق البلح فى الأسرتين الأولى والثانية، كما اعتبر القدماء أن النخلة ترمز للزمن، فالجزع الطويل يرمز للعام والجريدة ترمز للشهر والخوصة ترمز لليوم، وحاكى المصريون القدماء شموخ جذوع النخيل فى صناعة أعمدتهم وتيجانها، كما استقدمت حتشبسوت بعض النخيل من الحبشة لتهجينه مع النخيل المصرى، واستخرج المصرى سكر التحلية من بعض التمور شديدة السكرية، كما دخل التمر فى مكونات بعض الكيك التى عثر عليها فى مقبرة توت عنخ آمون، وكان بعض الرجال يحملون سعف النخيل أثناء تشييع الجنازة،
ولا شك أن مريم العذراء فى رحلتها الطويلة قد استظلت تحت أخصاص من جريد النخيل، كما حملت التمور زادا مضمونا لرحلتها الشاقة والطويلة، ومن هنا فإننى أعتقد أن حد الزعف هو عيد مصرى تماما فلا شك أن المصريين بحضارتهم الزراعية هم الذين سعوا لربط نباتاتهم بالأعياد المختلفة ومن هنا فهم الذين أهدو السعف للمسيحية، كما أهدوها القصب والقلقاس فى عيد الغطاس، وقرصة القربان، كما أهدوا المسلمين القرص والكحك فى عيد الفطر، والبيض والبصل والفسيخ فى شم النسيم والبليلة فى عاشوراء والكنافة والقطايف فى رمضان.
وحتى اليوم تعتبر النخلة شجرة مبروكة فى مصر، فهى تنبت وتنمو بلا تعب ولا جهد ولا رعاية على ضفاف الترع والقًنى، وحواف الغيطان وأى أرض فضاء، ويعتبر الناس أن بلحها متاحا للناس كافة إلا إذا كانت داخل حديقة خاصة، أو حقلا خاصا كمحصول وهنا تصبح عملية تلقيح النخل عملية هامة، حيث تتعدد أنواع البلح بشكل هائل، وإن كانت بلحات الصعيد حيث المناخ الجاف والحار أكثر جودة من بلحات الدلتا والشمال، وكنا ونحن صغار نشترى “رٌبعة البلح الأبريمى” بتعريفة، ويبدوا أن بلدة أبريم فى النوبة كانت تنتج ذلك البلح الشهى، حتى صرنا نسمى كل البلح المجفف “أبريمى”، وتستخدم كل أجزاء النخلة فى أغراض مفيدة فجزوعها تستخدم لعمل المساطب وتسقيف البيوت وعمل المعديات على الترع والمصارف، وتستخدم عصى جريدها فى صناعة الأسرة والكراسى والأقفاص، أما جزئها السفلى العريض (القحف) فيستخدم كمقشة، كما يستخدم خوصها فى صناعة الحصر والمقاطف والقفف، وتحزيم وربط حزم الشبت والبقدونس، ومن الصعب أن يقرر الفلاحين قطع نخلة فهى خفيفة على الناس وعلى الأرض فهى ليست كثيفة الأوراق والفروع لتمنع الشمس من الوصول للأرض تحتها، كأشجار الجميز التى اختفت من الريف تقريبا، وعندما كان يضطر الفلاحين لقطع نخلة فإننا كنا نستطيع أن بأدواتنا الحادة للجٌمار الأبيض الشهى فى قلبها، وبعد أسابيع قليلة سيقيم خادم مسجد سيدى صلاح بساحته، احتفالا بمولده ببلدى الباجور عمودا خشبيا متوجا بعدد من جريد النخل الأخضر رمزا لقيامة أوزوريس الأبدية.
وكل سنة والمصريين بخير
ويسعد أوقاتكم

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى