كتّاب

فى ذكرى مولده…


فى ذكرى مولده
طه حسين والثقافة الوضيعة:
أقصد بالثقافة الوضيعة تلك التى لا تسعى لمناقشة الرجل فى أفكاره ومواقفه العلنية، ولا أظن أن هناك مفكرا عربيا دعى للنزال والسجال كطه حسين، فهو دائما يلقي المحاضرات ويؤلف الكتب ويكتب للصحف، منددا بالتخلف والاستبداد ومهاجما للوزراء ورؤساء الوزارات، وهذا كله ممايغرى بالرد والسجال، أما أصحاب الثقافة الوضيعة فقد كانوا يتجنبون السجال المرهق المنتج ويسعون للبحث عن النقائص الشخصية متصورين أنهم بهذا “بيجيبوا من الآخر” ويقضون على الرجل بالضربة القاضية،
ومما أذاعوه أصحاب هذه الثقافة: أن طه حسين كان يسرق أفكار غيره، وطبعا يفوتهم أن من يسرق يسرق لسببين الأول: الحصول على مال أو مجد أو ترقية دون عناء وإنما بالسطو على جهد الآخرين .. وكلنا يعرف ماجرته أفكار طه حسين عليه من ويلات، والثانى: قلة بضاعة السارق من الثقافة والفكر، واعتقد أن ماكتبه طه حسين من كتب ومقالات فى مختلف المجالات من أكثر ماتركه المفكرين واعمقها فى نفس الوقت
– وهناك من يقول: بأنه كان رجلا ضعيف الشخصية تستبد به زوجته إلى حد أن تملك القدرة على طرد ضيوفه، وأنا لا أعرف كيف يجبن من يواجه الإستبداد السياسى ويواجه صدقي ويواجه الأزهر عن مواجهة أمرأة مستبدة “فيرمى عليها يمين الطلاق” والحق أن زوجته المحبة العاشقة كانت تعرف قيمة العقل الفذ الذى بين يديها وتؤمن به وبدوره، وأن مثل العقل بين العمل الجاد والقراءة والكتابة والراحة لن يبقي لديه فائض للانشغال بالحكايات وتوافه الأمور فكان من يطلب مقابلته من طلابه وزملاءه حتى ولو كان وزيرا عليه أن يحدد الوقت الذى سيمكثه مع العميد، وعندها ترى أن من حقها الدخول لتنبيه الضيف بأن الوقت الذى حدده للمقابلة قد انتهى
وأخيرا فمن تلك الثقافة الوضيعة ماقيل من أنه كان بخيلا “لم يكتب أحد أنه أكل على مائدته مطلقا”.. والحق أن هؤلاء “التوافه” لا يعلمون أن العميد منذ أن كان طفلا يتناول الطعام على طبلية أبيه، وحدث أن تناول لقمة كبيرة بكلتا يديه ليغمسها فى العسل ولم يستطع ابتلاها دفعة واحدة فسأل العسل على ملابسه فيغرق إخوته فى الضحك، بينما يقول له أبيه بصوت تخنقه الدموع: ما هكذا تؤخذ اللقمة يابنى، ومن يومها آلى على نفسه ألا يأكل الطعام أمام الناس، حتى عندما يدعوه الملك الكبير محمد الخامس على مائدة الغذاء ويدعو على شرفة مثقفى ومفكرى المغرب والعرب والعالم، وبينما ينهمك الجميع فى الحديث والضحك وتناول مالذ وطاب، فإن ضيف الشرف طه حسين لا تفارق يده قاعده كأس العصير الذى أمامه، حتى إذا ما انتهت المائدة صعد طه حسين إلى غرفته ليتناول غذاءه من يد زوجته
يسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى