كتّابمفكرون

“لا فرق بين القيم الإنسانية والقيم الدينية”…


“لا فرق بين القيم الإنسانية والقيم الدينية”

تكونت القيم الإنسانية تدريجيا عبر آلاف بل ملايين السنين، لتحدد الأخلاقيات والمبادئ السامية التي ينشأ عليها الفرد، ويكتسبها من خلال مجتمعه، تضع له القواعد الرئيسية للتعامل مع كل إنسان آخر بما يضمن العدل والحرية والكرامة والمساواة والعطف والرحمة ونبذ الشر والحقد والظلم والكراهية والحاق الضرر بالآخرين.

وتتجسد هذه القيم الإنسانية في التزام الفرد بحسن الخلق في تعاملاته مع البشر أجمعين دون تفرقة علي أي أساس آخر مثل الأصل أو الدين أو الجنس أو العرق أو اللون لا أساس سوي أنه إنسان.

علي الرغم من أن القيم الإنسانية هي قيم عامة اتفقت عليها المجتمعات وصارت قيم عالمية، ولأنها قيم مكتسبة ولا تورث قإن التعاطي معها والشعور بها يختلف بين إنسان وآخر، ولذا فهي قيم نسبية، فبعضها قد تختلف طريقة تطبيقه من زمان لزمان ومن مكان لمكان آخر، ومن ثم فهي قابلة للتطور وقابلة للقياس.

في جميع الأحوال تكون هذه القيم الإنسانية هي إختيار مطلق لكل فرد، توجهه نحو اختياراته، وتتجسد في سلوكياته تجاه الآخرين، وبقدر التمسك والالتزام بها، تتحدد شخصية الإنسان، وتقاس بقدر احترام الإنسان لذاته ومن ثم تنعكس علي معاملة الآخرين له إما إيجابا أو سلبا.

كما أسلفت في البداية تشكلت هذه القيم الإنسانية طوال التاريخ الإنساني مرورا بالحضارات القديمة والمتوسطة والحديثة، وهي منتج إنساني بحت، جاء سابقا لكل الأديان. ولهذا فإن من يدّعي تعارضا بين القيم الإنسانية والقيم الدينية يخطئ بشدة، لعدة أسباب:

أولا : لأن الأديان تؤكد علي قيم الخير والحق والجمال وهي الملخصة للقيم الإنسانية، ولا يتصور أن تخلو منها الأديان، وإن خلت فهناك خطأ ما، وضعه بشر ما، لم يحترموا القيم الإنسانية، لأغراض سيئة، ولتحقيق مكاسب معينة، وقد وضعوه وضعا في الدين.

ثانيا : المفترض أن ما جاء في الأديان علي هيئة أوامر ونواهي، إنما جاءت مفسرة لما يحقق إعلاء القيم الإنسانية الرفيعة، وبإضافة العبادات فكلها تهدف لصالح الإنسان وإنتاج الإنسان الصالح.

ثالثا : التفسيرات الدينية المؤدية للطائفية والعنف والقهر والإستعباد، هي تفسيرات فقهية أي هي فهم خاص لبعض الفقهاء لا يجوز اعتبارها والتمسك بها فهي بالقطع ضد القيم الدينية، ومن ثم فهي ضد القيم الإنسانية الرفيعة.

أخيرا، فالزعم الذي جاء بأن هناك اختلافا بين القيم الإنسانية والدينية، إنما جاء لأسباب سياسية بحتة، وهروبا من مأزق حقوق الإنسان، وهذا يقودنا للصراخ مرة أخري، افصلوا الدين عن السياسة، فالدين أمر شخصي ولا يجوز أن يستبدل بسياسة عامة.

ولا يجوز أيضا أن يبدي مسؤول سياسي علي هذا القدر من الأهمية، تحيزا لدين معين علي حساب باقي الأديان، وكان عليه تجاهل أمر الرسوم المسيئة، كما يتجاهل كل المسؤولين في الدول المتقدمة الأمور المسيئة لأديان يعتنقها الأغلبية من مواطنيهم، ويتركون ذلك للمؤسسات المجتمعية لأنهم يعرفون جيدا أنهم سياسيون وليسوا دعاة.
#بالعقل_والهداوة

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

Sameer Zain-Elabideen سمير زين العابدين

خريج الكلية الحربية فبراير 1969, أعمل حاليا في النظر حولي وأشياء أخري, عقلي هو إمامي ورئيسي

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى