مفكرون

نشوان معجب | لا يمكن للعاقل أن يبذل جهدا عظيما في سبيل الوصول لغايةٍ عظيمة، إلا عندما تكون


لا يمكن للعاقل أن يبذل جهدا عظيما في سبيل الوصول لغايةٍ عظيمة، إلا عندما تكون تلك الغاية واضحةً ويقينية، أو عندما يخبرك عنها من تثق به ثقةً مطلقةً ولا تشك فيه مثقال ذرة، كالله مثلا أو جبريل (إنْ كان لهما وجودٌ حقيقي) بأنْ يظهر أحدهما لنا ظهورا ساطعا قاطعا لا يداخله الوهم والظنون، ويخبرنا عن تلك الغاية العظيمة التي سيصلها من سيفعل كذا وكذا.

لذا يستحيل عليّ أنا أنْ أبذل جهدي وأنصَبَ وأُسخِّرَ حياتي لطلب الدار الآخرة بكل صدقٍ وجدية، ما لم يصلني برهانٌ لا ريب فيه يقنعني بوجود تلك الحياة الآخرة، أو يظهر الله أو جبريل ليؤكد لي صحة الأمر، لأني لست غبيا كي أسعى بحرصٍ خلف ما قيل لي عن وجوده في عالم الغيب ولم أتبين من صحة وجوده بنفسي ولا ظهر الله ليخبرني عنه ولا حتى جبريل.

وفي نفس الوقت لست أحمقا حتى أصبح ملحدا ماديا منكرا لوجود الله أو لوجود عالم الغيب والحياة الآخرة بعد الموت إنكار تاما، وخاصةً مع وجود هذا الكون الظاهر العظيم الحكيم الذي يشير باحتماليةٍ كبيرةٍ إلى وجود حكمةٍ كبيرةٍ من وجودنا في هذه الحياة وليس الأمر عبثا، بالإضافة إلى أنّ عقولنا ناقصةٌ قاصرةٌ ومحدودة، لذا يجب أن أضع بحسباني احتمالا لصحة فكرة الأنبياء والحكماء عن الله والدار الآخرة، وأعمل لصالح ذلك الاحتمال بسعيٍ متوسطٍ بدون إفراطٍ ولا تفريط (وابتغِ بين ذلك سبيلا).

(وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ).

نشوان معجب | ناشط مجتمعي

اترك رد

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى