” الدناجلة” أو عيلة دنقل فى قنا من العائلات العريقة…

” الدناجلة” أو عيلة دنقل فى قنا من العائلات العريقة والمعروفة وصيتها وصل للجيزة على أيامنا، فيها النيابة والبهوية والعمودية والمشيخة، يعنى هما أسياد المنطقة، يمكن من أيام جدهم أحمد العمدة اللى أخد البهوية من الخديوى عباس حلمى التانى، ووسام الكمال من السلطان حسين، وحكموا قرية القلعة مركز قفط محافظة قنا ليوم الله هذا.
والجيل الجديد لازم يعرف إننا أيامها كنا بنقيم الإنسان على حسب العيلة بتاعته، ومن أى فرع فيها برضه، ولو راجل من بيوت السيادة ضربك قلم إياك ترفع راسك أدامه ولاحتى يحس إنك غضبان، وإلا……….
الشيخ فهيم أبو القسام محارب دنقل حصل على شهادة العالمية سنة 1940 ، واللى مش عارف يعنى إيه عالمية سنة 40 نقدر نقول إنها شبه دكتوراه فى الفلسفة من السوربون، وأكثر قيمة كمان، مش بس أخد العالمية دة ربنا رزقه بأول عياله وسماه ” محمد أمل” تيمنا بالنبى محمد وبالأمل فى الله، وبعد أمل بثلاث سنوات ينجب بنت، ثم ينجب أنس سنة 49 ………
الحياه جميلة ومريحة، فالرجل يمتلك منزلا من طابقين يؤجر منه طابق ويسكن الثانى، ويمتلك عشرة أفدنة زائد المرتب، وهو أديب وشاعر ومنتمى للوفد، ويمتلك مكتبة عربية ضخمة، وعنه ورث أمل حب الشعر، وفجأة يصاب الوالد فى حادث سيارة ويتم نقله ومعه أنس إلى القرية حيث يسلم الروح، ويموت تاركا زوجة صغيرة السن مع ثلاثة أطفال أكبرهم فى العاشرة وأصغرهم سنة واحدة.!!!
تأبى المصائب أن تأتين فرادى، فتقوم ثورة يوليو وتؤمم الأراضى، وتضع أراضى الأعيان بين أنياب الفلاح، وبعد أن كان الإيجار 25 جنيه للفدان فى السنة، يصبح سبعة أمثال الضريبة والضريبة جنيه واحد، يعنى إيجار الأرض كلها سبعين جنيه ف السنة، ولا تستطيع بيعها أو طرد المستأجر منها، وفى كثير من الأحيان يتأخر عن الدفع سنة واثنين حتى ترفع عليه قضية فيقوم بدفع الإيجار فى المحكمة بكل برود بعد أن إستنزفك.
للأسف الثورة دمرت الطبقة الوسطى وأهانت الأعيان ورفعت حثالة المجتمع..!!!
الطفل أنس يكتب رسالة إلى جمال عبد الناصر، يحكى له أن العهد الملكى ظلم أبوه ولم يوفر معاشا له لأنه خدم أقل من 15 سنة، وهو قانون معمول به فى الملكية ومازال ساريا، والثورة أيضا ظلمتهم لأنها أعطت الأرض للفلاح وأصبح الإيجار ربع ماكان.
فى المدرسة الإبتدائية الغفير ومعه حمارة العمدة يطلبان أنس، الذى يذهب للعمدة وهو يرتجف- نتذكر مافعل العمدة مع أبو نجيب سرور- يصل ليجد رجلا مهذبا بالقميص والبنطلون يعرفه بنفسه أنه شعراوى جمعة ومندوب عن جمال عبد الناصر، ولقينا إن ليك حق فى الشكوى وهانغير القانون عشانك، تعالى ودينى بيتكم وعرفنى على والدتك، العمدة يسترجل ويقول له والدته إيه؟ ماعندناش نسوان تقابل رجالة غريبة، ببساطة يأمر شعراوى جمعة المأمور بالتحفظ على العمدة حتى ينظر فى أمره، يتراجع العمدة ويعتذر بأنه سيذهب معه حتى لايضايقه أحد، ولكنه يتركه يعوى ويذهب للبيت ومعه معاش شهرى للأسرة 15 جنيه، ومعه أيضا 300 جنيه مؤخر المعاش، ويسلم تلك الثروة للأم ويرحل هكذا كالحلم بكل بساطة………فلترحمك السماوات يا جمال.
أمل صبى متدين كأبيه، يخطب فى الجامع ويصلى بالناس ويقرأ كتب الدين والتاريخ العربى، وينجح فى الثانوية ويدخل كلية الآداب جامعة القاهرة، ويتركها بعد سنة واحدة، ويعمل موظف فى محكمة قنا، وجمارك السويس والأسكندرية، ثم فى منظمة التضامن الآفروأسيوى ويتعرف على أحمد حمروش ويوسف السباعى……….
أمل فى القاهرة ليس وحده، بل أخذ معه من قريته عبد الرحمن الأبنودى، ومعهم أحمد فؤاد نجم، ويحي الطاهر عبد الله، ونجيب سرور، وأخيرا يحى الطاهر عبد الله، وهى مجموعة من القنابل المتفجرة فى انتظار موقف لتنفجر .
الأبنودى من أسرة فقيرة فقر المرارة، يعنى مش لاقيين ياكلوا حرفيا، بس موهوب كشاعر وحكاء ولا أروع، ويميل دوما لمنافقة السلطة والوصول للهدف من أوسخ طريق، ونجم تربية ملاجئ وخريج سجون ولكنه معجون بطين مصر وصياعة حرافيشها.
أجلنا الحديث عن نسمة الربيع إبن الموت يحى الطاهر عبد الله، أديب مثقف عاشق للجميع، تعرف على يوسف إدريس على قهوة ريش ونشر له قصصه القصيرة فى مجلة الكاتب، وكتب فى جريدة المساء عن طريق عبد الفتاح الجمل، كما كتب أيضا فى مجلة سمير للأطفال.
ولكن تلك الموهبة المتفجرة تموت فجأة فى حادث سيارة على طريق الواحات، ويرجع جثة هامدة إلى الكرنك مع عبد الرحمن الأبنودى، وترثيه مصر الثقافية كلها، ويترك لنا فيلم ” الطوق والإسورة”…………………

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات