كتّاب

يعقوب الذى ملأ الدنيا وشغل الناس برواية محمد عفيفى مؤرخ…


يعقوب الذى ملأ الدنيا وشغل الناس برواية محمد عفيفى مؤرخ البسطاء
التاريخ تاريخين: تاريخ للحكام والأسر الحاكمة وللقادة والمعارك، وتاريخ للناس كيف كانوا يعيشون ويعملون وينتجون ويتعلمون ويدفعون ضرائبهم ويعذبهم حكامهم وكيف كانوا يحبون ويغنون ويسلكون
ومحمد عفيفى من تلك المدرسة الثانية التى تنتصر للناس وتهتم بهم ولذلك فهو يدرس الأقباط أهل الذمة فى العصر العثمانى ثم يدرس الأوقاف ويهتم بدراسة القمص سرجيوس بطل ثورة 1919، ويكتب عن السينما والتاريخ، وعن حى شبرا ومعالمة وسكانه وأعلامه
واليوم يدهشنا بروايته عن تلك الشخصية الفذة: “المعلم .. أو الجنرال يعقوب”
ذلك الصعيدى القبطى الذى ملأ الدنيا وشغل الناس، وكان واحد من هؤلاء القلقون الذين سعوا لاستخلاص مصر من نير الأتراك كشيخ العرب همام بن يوسف وعلى بك الكبير، حمل يعقوب السلاح فى النصف الثانى من القرن الثامن عشر فى وقت لم يكن مسموحا للمصريين بحمل السلاح أو ركوب الخيل، ولكنه حمل السلاح وكون فرقة مسلحة حارب فى صفوف المماليك ضد الأتراك، وسعى مع الحملة الفرنسية لتخليص مصر من نير الحكم المملوكى التركى الذى تعفن وتفسخ، وامتلك مشروعا لاستقلال مصر بالتحالف مع فرنسا او مع انجلترا
واختلف المؤرخين حوله، فمنهم من يراه صاحب مشروع كبير للاستقلال الوطنى، ومنهم من يراه مجرد عميل فرنسى كون فرقة عسكرية لخدمة الفرنسيين، ولا أعرف لماذا يصمت هؤلاء المؤرخون عن مراد بك وكان بمشاركة ابراهيم بك يحكم مصر قبل مجئ الحملة فعلا والدور الحقير الذى لعبه فى خدمة الفرنسيين ومساعدتهم فى حصار ثورة حى بولاق ومنع المؤن عن الثائرين مقابل أن يسلموا له بحكم الصعيد
لا يسعى محمد عفيفى إلى حكم قيمى أو أيديولوجى على الرجل، كما لا يسع لإدانته من منطلقات وطنية أو دينية، على الرغم من تقديره كباحث علمى للدور الذى تلعبه تلك المنطلقات فى الأحداث وفى التاريخ
وعلى الخط الفاصل بين التاريخ صاحب الشروط الصارمة فى التوثيق والتدقيق والنقد والاستدلال، والرواية المنطلقة التى تسمح لك بالانتقال فى خفة الفراشة بين الأماكن والعصور ينتقل محمد عفيفى محاولا فض مغاليق تلك الشخصية الفذة والفريدة والذى مات فى عرض البحر – مسموما فى بعض الروايات – بعد مغادرته مصر بأيام قلائل بعد أن ملأ الدنيا وشغل الناس
يسعد أوقاتكم


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى