كتّاب

الموجة الخضراء…..


الموجة الخضراء..

ارتكزت الدعاية الخضراء في ألمانيا على ثلاثة مبادئ: حماية البيئة، العدالة الاجتماعية، الحريات. كما يتضح من التصميم البياني المرفق فإن واحدا من كل ثلاثة ألمان تحت سن الثلاثين سنة اختار الخضر. لم تكن مسألة الاختيار سهلة إذا ما أخذنا في الحسبان تلك الورقة العملاقة التي توضع بيد الناخب ويطلب منه وضع علامة إكس واحدة في خانة من “أربعين خانة/حزب”.

ولاية شمال الراين، عاصمتها دوسلدورف، هي أكبر الولايات الألمانية بتعداد سكاني يناهز العشرين مليون وبعدد مقاعد في البرلمان الأوروبي يوازي تقريبا عدد مقاعد هولندا، ويزيد عن عدد المقاعد المخصصة للنمسا. حلت الموجة الخضراء أولا في أغلب مدن شمال الراين (كولن، دوسلدورف، بون، بوخوم، بيلافيلد، مونستر، دورتموند، وغيرها). في المدينة الطلابية الشهيرة مونستر حصل الخضر على 36٪ تقريبا، وفي مدينة كولن المليونية حصد الخضر عددا من الأصوات هو الأعلى بما يعادل إجمالي ما حصل عليه المسيحي الديموقراطي والاشتراكي الديموقراطي معا.

لم يحدث أن صوت الألمان بهذه الكثافة منذ الوحدة، فقد بلغت نسبة التصويت قرابة 62٪، مقارنة ب 48٪ في العام 2014. لا يفصح الألمان لبعضهم عن الجهة التي صوتوا لها، ذلك سر يخص الألماني ومن غير اللائق سؤاله عنه.

من حاصل 751 مقعدا في البرلمان الأوروبي تملك ألمانيا 99 مقعدا حسب اتفاق لشبونه. تحل بعدها كل من فرنسا وبريطانيا وإيطاليا بواقع 72 مقعدا لكل منها. ثم تحل بولندا وأسبانيا ثالثا بخمسين مقعدا لكل منهما.

ليست ألمانيا استثناء في الموجة الخضراء، فقد حلت في المركز الثالث فرنسيا، وتقدمت بشكل مبهر في إنجلترا، وستدخل البرلمان الأوروبي قادمة من البرتغال لأول مرة. الفوز النسبي لليمين الفرنسي سيمثل بنسبة أقل من تمثيل الخضر الألمان في البرلمان الأوروبي.

من المؤكد أن التمثيل الأخضر في برلمان أوروبا سيكون أعلى، أو مدانيا، لتمثيل اليمين الراديكالي، وهو النقيض الشامل له. فبينما اعتمدت الدعاية اليمينية على إثارة المخاوف من الآخر والتحريض على رفع الجدران بين الدول (تساءل نيجل فاراغ: لماذا تدفع إنجلترا أموالا لشبكة مجاري في هنغاريا)، انطلقت الموجة الخضراء لتتحدث عن حماية الكوكب ودعم الحريات، والاعتناء بالطبقات المهضومة.

أمامي الآن، كما أتابع عبر صفحتي، عشرات الصحف الأوروبية كلها تفرد مساحات واسعة للنقاش حول الموجة الخضراء، تضع البيانات والجدول، تحاول فهم ما حدث، والتنبؤ بالذي سيحدث. على وجه الخصوص بعد الهزيمة المدوية التي مني بها حزب SPD الاشتراكي الديموقراطي (ألمانيا) ، أحد أعرق وأكبر أحزاب اليسار الديموقراطي في أوروبا. ووصفت ناليس، رئيسته، النتيجة بالمؤلمة مشدة على حروف الكلمة: schmerzlich.

أيضا في ولاية شمال الراين حصل البديل لألمانيا، اليميني الراديكالي، على أقل نسبة تصويت مقارنة بباقي الولايات، وفي المدينة الطلابية الشهيرة ميوسنتر فشل في اجتياز حاجز ال 5٪.

لقد توسعت الموجة الخضراء في مساحات كل الأحزاب، خصوصا في الفراغات التي تركها اليسار. كما قدمت إجابات للفئة العمرية تحت 30 عاما، تلك الفئة التي توصف عادة بأنها nativ Digital, أو “جيل الديجيتال”، التي يثير الشعبويون مخاوفها العميقة. فقد صوت فقط 6٪ من جيل الديجتال لليمين الراديكالي، واختار 33٪ منهم الموجة الخضراء، وذهب 7٪ منهم إلى اليسار الراديكالي..

محبتي

م. غ


يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

تعليق واحد

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى