كتّاب

يعرفني البحر…


يعرفني البحر
نص ل: خالد الفائشي
ـــــ

يعرفني البحرُ جيدا
بنبضي المضطرب
بأنفاسي التي تنز كآبة
وبقعِ الحبرِ التي أدلقها في جوفه كل مساء
قبل أن يبتلعني الطريق ،،
كلانا عاطلٌ عن العمل
نبدد الكآبةَ بالتلصصِ على السيقانِ القمحيةْ
والنهودِ التي تنقرُ بفضولٍ زهدنا المصطنعْ ..!

أنا رجلٌ في الجانبِ الآخرٍ من هذا العالمِ الزائف
أجْدُلُ أحلاميَ المؤجلة
أدسها تحت رأسي ليلا
وفي الصباح تطاردني رائحة البارود
أخبئها تحت قبعتي كالأطفال
لكن الرياح لص ..

أخشى يا عنيدة أن يجتاحَنيِ الخريفُ في الغدْ
وأنا ما اجتذبتُ بإصرارً نهدَكِ المترفْ
أو لا مستُ بشغفٍ خطوطَ يدكِ الحريريةْ
أخشى أن تغادرَني قصائدي الممتلئةُ بالشاعريةِ والبؤسْ والحاجةِ المُلِحّةِ
والدموعِ المالحةْ
وأنا ما أحدثتُ ثقبا صغيرا في جدارِ هذه المدينة
لأسرب إليك – أنا سيد العاشقين -قصائدي الخادشة
فأصبحُ كذبةً كبرى .

أخشى أن تذهب قلوعُ المراكبِ حطبا على رصيف الإنتظار
أن يجفَّ الرملُ وأنا ما دفنتُ أشيائي الحزينة
أن يضِلَّ رأسي الصغيرُ طريقهُ إلى ضفائرَكْ
أو يخونَني الموجُ
كطعنةِ الأصدقاءِ في الخاصرةِ الآمنة..

أشعرُ بالخوفِ كلما سقطتْ ورقةٌ
تحت الأقدامِ الجافة
فأتحسسُ بشرَتي الحنطيةَ
وقامتي المنتصبةَ كشراعٍ في مهبِ الريح .

هاهو صوتي ينكسرُ فوق الموج
ورائحةُ حبوبي المهدئةُ فاضحةٌ تجتازُ هذه الزرقةْ
أخشى أن يداهمني الخريف فيكتشف هشاشتي بدونك
أن يجدني على رصيف الانتظار
وفي فمي قبلة خرساء
وقمصاني خالية من رائحة ستائنك
أخشى أن أضبط
وفي أعماقي ثورة خذلتها أصابعك
مهزومة بالنسيان
كأجراس كنيسة مهجورة في أعياد الميلاد.

________________

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى