كتّاب

يحدث في مأرب…


يحدث في مأرب

– شيخ في بيته ومع قبيلته معزز مكرم، يترك بيته قبيلته وأولاده وزوجته وأمواله وجاهه، ويروح الجبهة يقاتل ويقتل ويستمر أولاده على خطاه بصمت..
وشيخ مشرد وهارب وذليل يصقل سيفه في منفاه و يسخر من الأول وينتقص من بطولته ويشكك في دمه ويتهم أشلاءه ويزعم أن المضرج بتراب الأرض متآمر على الوطن وحليف للعدو الذي مات على يده في المعركة.

– مسؤول شاب يترك مكتبه ومستقبله الواعد وتفانيه ونزاهته المشهودة، ويخرج لمواجهة الميليشيا بشجاعة واستبسال حتى يقضي نحبه ويسقي تراب الأرض بالدم.. ومسؤول تافه ورخيص وأجير ينتقل من عاصمة لأخرى ومن قهوة إلى قهوة ومن بار إلى مرقص، وآخر الليل يدخل الفيسبوك يتشفى بالدم الساخن ويشكك في النوايا ويحاضر عن الوطنية ويرسم مسارات النضال ويضع خطط المعركة ويتهم الشهداء بالخيانة والتواطؤ والتآمر والتفريط.

– جنود في الميدان يمشون على الحجارة الحادة والشوك الصلب بأقدام حافية وملابس رثة وبطون جائعة، يجسدون وثبات الأسود وبسالة الشجعان ومغامرة الفدائيين.. وجنود من نوع رديء يعملون بالفتات مع مخابرات الدول بأسماء نشطاء وساسة وصحفيين وكتاب وشعراء وتافهين من الجنسين مجندين، مجندين لترويج الشائعات ونهش جثث الأبطال وانتقاص التضحيات وتصفية الحسابات والترويج للخسائر أكثر مما يعمل العدو.

– أحرار يتجاوزون الانتماءات الحزبية ويتجاورون في خندق، يعلمون التاريخ كيف يكون وهاجا ومُشعّاً.. ومتسخون بالحقد والماضي في مواقع التواصل يفتشون في جيوب الشهداء عن البطائق الحزبية وصور الزعماء وأسماء المناطق ونبرات اللهجة بخبث ومكيدة ووقاحة وانحطاط، ويوزعون شهادات الوطنية على الجراح النازفة وهم أرخص من روث عالق بين أصابع محارب حافي القدمين يبذل روحه غير آبه بالتافهين الموخمين في الغرف المغلقة أو الشاليهات ومخابيء الليل.
..
ليت والله وعند النوع الثاني ذرة رجوله يتجاسر بها على لؤمه ويرى ما صنيع الأبطال في أطراف مأرب لعل ضميره يصحو مع أنه لا أمل في أن يكون للوحل رائحة البستان ولا للرخيص قيمة الباسل ولا للعبيد مكانة الأحرار.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

عامر السعيدي

أغنية راعي الريح

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى