كتّاب

وأخيرا هناك المشركين أو الكفار الذين ظلمهم الفكر الإسلامى…


وأخيرا هناك المشركين أو الكفار الذين ظلمهم الفكر الإسلامى كثيرا وصورهم على أنهم جهلة يعبدون تماثيل من العجوة ليأكلوها بعد ذلك، والحقيقة أن القرشى لم يكن يعبد الصنم فى ذاته، بل يتخذه وسيلة للتقرب من رب السماء، مثلما يتقرب المسلم المعاصر من الإله بولى من الأولياء أو بشفاعة محمد، أو يتقرب المسيحى إلى الله بشفاعة القديسين، والقرآن نفسه قد إعترف بذلك ولم ينكره عليهم :

“ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون”.( العنكبوت 61 ).!

فلم يكن القرشيين بهذه السذاجة التى يصورها لنا الفكر الإسلامى، وربما نضيف ميزة لهم أيضا، وهى تسامحهم مع الآخر، فلكل منهم الحرية فى أن يعبد ما ومن يشاء بدون تدخل منهم فى إعتقاده، حتى أن كعبتهم المقدسة كانت تحتوى على 360 صنم لمن يريد التعبد لها.!!!
وبسبب الديمقراطية الدينية هذه إشتهرت قبيلة قريش بأنهم أعظم قبيلة وأكثرها تسامحا مع باقى الأديان وصارت كعبتهم هى الأكثر قدسية فى الجزيرة بكاملها، وربما بسبب هذه القدسية حاول أبرهة الحبشى أن يهدم الكعبة ويستولى على مكة، ولكن فاجأه الجدرى وهو على أبواب المدينة ففتك برجاله فمات الكثيرون منهم، فارتد إلى بلاده خائبا دون أن يحقق مراده، وبالطبع عرف أهل مكة أن الجدرى هو مامنع الجيش من هدم الكعبة، فنجد مثلا بن هشام يذكر ببساطة :

“أن أول مارؤيت الحصبة والجدرى بأرض العرب ذلك العام”( السيرة النبوية، بن هشام ص 51).

ولكنهم بذكاء التجار أذاعوا أن الطير الأبابيل هى التى قتلتهم، يعنى أن الرب القرشى موجود فى مكة وقادر على هزيمة الأعداء مهما كانت قوتهم، والعقلية العربية بالطبع أسطورية تخيلية لم ولن تعرف معنى التحليل والنقد العقلى للحوادث والأشياء، وهكذا ذاع بين العرب أن قريش هم أهل الله، ومن يحاول التعرض لهم ثانية فالطير منتظرة إشارة رب الكعبة فى السماء:

“فلما رد الله الحبشة عن مكة، واصابهم بما أصابهم به من النقمة، أعظمت العرب قريشا، وقالوا: هم أهل الله”( السيرة النبوية، ابن هشام ص 52).

وازدادت هيبة قريش وثروتها بالطبع.
والعقاد أيضا من المؤيدين لإصابة جيش أبرهة بالحصبة لا بالطير الأبابيل، بل ويقدم لنا مستندا جديدا تأكيدا لهذه الحادثة:

“وقد حدث بعد ذلك ماحدث مما لاشك فيه، وهو فتك الجدرى بجنود أبرهة وانهزامه عن البيت، إن حديث الجدرى الذى فشا سنة 569 مثبت فى تاريخ بروكوب، الوزير البيزنطى المعروف”(طوالع البعثة المحمدية، عباس محمود العقاد، ص 145 ).!

ولنا هنا تساؤلات عن موضوع أبرهة الحبشى هذا تصدع دماغ أصحاب العقل كثيرا:
أولا هذا الأبرهة من أتباع المسيحية التى هى ديانة الرب، وبنى كعبة مسيحية لرب السماء ولم يضع فيها أصناما باعتباره صاحب ديانة سماوية حاصلة على التوقيع الإلهى، هدف هذه الحملة هدم كعبة الشرك والأصنام فى جزيرة العرب، فلماذا يحاربهم إله السماء إذا كانوا يدافعون عن الحق والدين ضد الشرك والأصنام؟ وإذا كان الله يدافع عن الكعبة ضد المسيحيين ويحميها بالطير الأبابيل وهى على كفرها، فلماذا لم يحميها من جيش الحجاج الذى هدمها وضربها بالمنجنيق وهى على دين الإسلام؟ هل يدافع اللله عن الكفر ويتخلى عن دين الإسلام؟.

“فأرسل الله عليهم طيرا من الحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر فى منقاره، وحجران فى رجليه أمثال الحمص والعدس، لاتصيب منهم أحدا إلا هلك.”(سيرة بن هشام، ج1 ص 38 ).!

ونتساءل عن هذه الطير المضحكة التى تحمل ثلاث حصوات من الجحيم تصيب رأس المسيحى الحبشى فتنزل من دبره وتتركه أشلاء؟ نتساءل أين كانت هذه الأسلحة السماوية فى معركة أحد ولماذا لم نر طائرا واحدا يدافع عن محمد وهو يصعد الجبل خوفا من أعدائه بينما تخلى عنه جميع الصحابة؟ والسؤال الأهم هو: ألا يخجل المؤمنين من ترديد هذه التفاهات فى كتاب مفترض به القداسة مرسل من رب عاقل إلى مؤمنين قد يصدف أن يكون منهم رجل رشيد فيشعر بالقرف من هذا الرب التافه الكذاب؟
نتذكر فى هذا السياق المقدس مقولة فلسفية تقول: إن الدين تفسير زائف لوقائع حقيقية، فالواقعة حقيقية فعلا، ولكن بدلا من تفسيرها بالجدرى كما هى الحقيقة والمنطق، تظهر لنا العقلية الدينية الحقيرة تفسير آخر طوباوى مخالف للحقيقة ومن ينكره يعرض نفسه للكفر.!




يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫5 تعليقات

  1. صديقي سؤال ليه ما حاولتش تعمل كل هذه المعرفه في كتاب حتى تبقى ذكرى بعد رحيلك ربنا يدي لك طوله العمر يعني بس يموت الجسد وافضل الفكر دائم

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى