قضايا المرأةمنظمات حقوقية

. رأيتها، كانت تقف قرب علب الزيتون وتساعد الزبائن بود وعفوية. في المرة الأولى ال…


.
رأيتها، كانت تقف قرب علب الزيتون وتساعد الزبائن بود وعفوية. في المرة الأولى التي اقتربت مني فيها لتعينني لم أسألها شيئاً. لكن قبل رحيلي توجهت نحوها، وسألتها: “مين ضربك؟”. لم أفهم كيف كنا كلنا ندور حولها في السوبر ماركت متجاهلين معالم العنف الواضحة على وجهها، رافضين، كل منا لأسبابه الخاصّة، أن نخترق دائرة التعنيف القابعة أمامنا حيث تتصالح مجتمعاتنا مع العنف.
أخبرتني أنها تشاجرت مع شقيقها ووصل به الأمر إلى ضربها على وجهها وظهرها، وأنها تبلغ من العمر 19 عاماً وتعمل هنا لتساعده على إعالة إخوتهما ووالدتهما بعد وفاة والدهما، وأن سبب الخلاف كان مادياً.
هي تريد أن تبتاع حاجاتها الخاصة هذا الشهر وهو يريدها أن تعطيه راتبها ليصرفه في المنزل. ضحكت كثيراً أثناء سرد قصتها، هذه الضحكة المترفعة عن الألم. وأصرت على أنها هي المخطئة وما كان يجب عليها أن تغلب أنانيتها على مصلحة العائلة. وكررت أن شقيقها جيد ويحبها كثيراً ولن يفقد أعصابه مجدداً، فهو وعدها بذلك. بعد مشاورات عدة وحديث طال خرجت نحو الشارع، وظللت أردد: “هل من الطبيعي أن تعمل فتاة مراهقة في السوبر ماركت والكدمات ظاهرة على وجهها، دون أن يلاحظ أحدهم ذلك؟”.

سمعت قصص التعنيف وعرفتها في المنازل وفي الأحياء وفي القرى البعيدة. لطالما سألت الجدات تحديداً عن تعرضهن للضرب، وغالباً ما تمثلت ردودهن بهزة رأس وعيون تأبى أن تفصح عما حدث. صادفت غريبات وصديقات وصادفت نفسي، وسمعت قصصاً متعددة عن مواقف شعرن فيها أن لا خلاص أمامهن سوى الصراخ بهدف مجيء الإنقاذ. أحياناً، كان صمتهن والبقاء هما الحل الوحيد، وأحياناً أخرى كان الخلاص بالبوح. ولكل امرأة وسيلتها.
عدت قبل أيام، ولاحقت القصص التي كنت قد سمعتها، وتلك التي شهدتها. فالتعنيف، أياً كانت حدته وقسوته، لا يرى في أغلب الأحيان ولا يسمع ويتم تجاهله عمداً على الرغم من تغييره مسار حياة الناجية.

للتعنيف أشكال عدة، وكثيراً ما يسبق التعنيف الجسدي، تعنيف نفسي ولفظي. فتظن المرأة/الفتاة أنها هي المخطئة ويتم إقناعها بأن كل ما تفعله ليس كافياً. تتجرد من نفسها وتتحول إلى قالب يشبه رغبات من تواجهه. وتبدأ الدوامة بالتكرار.
تحكي المرأة الأربعينية (قصتها في الصور) عن إدراكها لهذه الدوامة جيداً، فهي عاشت بداخلها عقداً من الزمن.

كتابة: #نغم_شرف على موقع @raseef22

.
رأيتها، كانت تقف قرب علب الزيتون وتساعد الزبائن بود وعفوية. في المرة الأولى التي اقتربت مني فيها لتعينني لم أسألها شيئاً. لكن قبل رحيلي توجهت نحوها، وسألتها: “مين ضربك؟”. لم أفهم كيف كنا كلنا ندور حولها في السوبر ماركت متجاهلين معالم العنف الواضحة على وجهها، رافضين، كل منا لأسبابه الخاصّة، أن نخترق دائرة التعنيف القابعة أمامنا حيث تتصالح مجتمعاتنا مع العنف.
أخبرتني أنها تشاجرت مع شقيقها ووصل به الأمر إلى ضربها على وجهها وظهرها، وأنها تبلغ من العمر 19 عاماً وتعمل هنا لتساعده على إعالة إخوتهما ووالدتهما بعد وفاة والدهما، وأن سبب الخلاف كان مادياً.
هي تريد أن تبتاع حاجاتها الخاصة هذا الشهر وهو يريدها أن تعطيه راتبها ليصرفه في المنزل. ضحكت كثيراً أثناء سرد قصتها، هذه الضحكة المترفعة عن الألم. وأصرت على أنها هي المخطئة وما كان يجب عليها أن تغلب أنانيتها على مصلحة العائلة. وكررت أن شقيقها جيد ويحبها كثيراً ولن يفقد أعصابه مجدداً، فهو وعدها بذلك. بعد مشاورات عدة وحديث طال خرجت نحو الشارع، وظللت أردد: “هل من الطبيعي أن تعمل فتاة مراهقة في السوبر ماركت والكدمات ظاهرة على وجهها، دون أن يلاحظ أحدهم ذلك؟”.

سمعت قصص التعنيف وعرفتها في المنازل وفي الأحياء وفي القرى البعيدة. لطالما سألت الجدات تحديداً عن تعرضهن للضرب، وغالباً ما تمثلت ردودهن بهزة رأس وعيون تأبى أن تفصح عما حدث. صادفت غريبات وصديقات وصادفت نفسي، وسمعت قصصاً متعددة عن مواقف شعرن فيها أن لا خلاص أمامهن سوى الصراخ بهدف مجيء الإنقاذ. أحياناً، كان صمتهن والبقاء هما الحل الوحيد، وأحياناً أخرى كان الخلاص بالبوح. ولكل امرأة وسيلتها.
عدت قبل أيام، ولاحقت القصص التي كنت قد سمعتها، وتلك التي شهدتها. فالتعنيف، أياً كانت حدته وقسوته، لا يرى في أغلب الأحيان ولا يسمع ويتم تجاهله عمداً على الرغم من تغييره مسار حياة الناجية.

للتعنيف أشكال عدة، وكثيراً ما يسبق التعنيف الجسدي، تعنيف نفسي ولفظي. فتظن المرأة/الفتاة أنها هي المخطئة ويتم إقناعها بأن كل ما تفعله ليس كافياً. تتجرد من نفسها وتتحول إلى قالب يشبه رغبات من تواجهه. وتبدأ الدوامة بالتكرار.
تحكي المرأة الأربعينية (قصتها في الصور) عن إدراكها لهذه الدوامة جيداً، فهي عاشت بداخلها عقداً من الزمن.

كتابة: #نغم_شرف على موقع @raseef22

A photo posted by الحركة النسوية في الأردن (@feminist.movement.jo) on

‫3 تعليقات

  1. جدي ميت بس طاح من عيني جدتي اصغر منه بكثير وقصة زواجهم كمان زفت تزوجت وهي بعمر الخامسة عشر وكانت وما زالت انسانه هادئة تكتم بنفسها وتهتم بالناس الي حولها كنا نضحك ونسولف ثم سألتها اختي وقالت نعم كان يضربني احيانا حين يغضب لكن ليس كثيرة ضربة او اثنين فقط مرة حزنت ومن وقتها جدي الراحل نازل من عيني كثير صح مات وانا فالحضانه بس برضو

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى