كتّاب

هاشم العامر | السيدة في منطقة “مرج الحمام” والتي أُطلق النار عليها بالأمس من قبل


السيدة في منطقة “مرج الحمام” والتي أُطلق النار عليها بالأمس من قبل زوجها ، انتقلت اليوم لرحاب السماء ، لتنضم لسيدة أخرى من مدينة معان ، والتي أرداها ايضا زوجها بعيار ناري ..

وهذا تطور في نوعية جرائم العنف الأسري ، تعدى مرحلة مفهوم العنف الأسري السائد ، ووصل مرحلة الإرهاب الموجه والمنظم والمبارك من قبل المجتمع وأركانه ..

لا بواكي لهؤلاء النسوة على الإعلام وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي ، ولا مركز لإدارة الأزمات ، ولا حكومة ووزراء يأتون على ذكرهن ..

من سيبكيهن أو حتى يهتم لأمرهن ، فهنّ لم يقتلن قد قد يهدد حياة أركان هذه الدولة البائسة .. بمؤسساتها ورجالاتها ومناصبها ..

علما أن وراء قتلهن فيروس أخطر من الكورونا نفسه ، ومرض أشد فتكا من أي وباء عرفه البشر ..

الأردن تحديدا تفوقت على نفسها بعدد ونوعية هذه الجرائم .. فمن المركز الأول من حيث النسبة في جرائم قتل الزوجات ونساء العائلة ، للمركز ما فوق الأول ..

جريمتان تضافان لسلسلة وقائمة طويلة لن تنتهي ، أقل ما توصف بالإرهاب الذي يقوم بإنشاء تنظيمه من العادات والتقاليد البالية ، وثقافة مجتمعية متخلفة ، وأفكار وأعراف موروثة ، ومؤسسات متخاذلة وصلت حد التواطؤ جراء سكوتها المتكرر ..

نعم هاتان السيدتان هما ضحية هذه المؤامرة المشتركة من قبل الجميع ..

- مؤسسات دينية عجزت عن تبرئة ساحة المرأة من فكرة أنها كائن دوني وتابع للذكر ، ومن أفكار صورتها أنها عورة وناقصة وحطب جهنم وفتنة أكثر من الشيطان ، والشر على الأمة ..<br /> - ، مؤسسات دولة ، عجزت عن تغليظ العقوبة على المجرمين الذين أمنوا العقاب ، وعجزت عن حماية مواطناتها من قبضة العادات والتقاليد وأعراف المجتمع وتخلفه ..<br /> - مؤسسات مجتمع مدني ، تلقت أموالها على ظهر المرأة ودمائها ، وعجزت عن تحرير الضحية من فكرة الاسترخاص ، وفكرة التبعية للرجل والعائلة ، وعجزت حتى عن التوعية ..

ضحايا الأمس ، تركوا خلفهم أطفالا .. من منا قادر على إخبارهم بأي ذنب قتلت أمهاتهم! من سيشرح لهم لما عليهم أن يكبروا بلا حنان أمهاتهم! من سيوضح لهم لماذا باتوا الآن يتامى!

من منا الآن سيصدق دموع "المناصب" التي تتساقط خوفا على المجتمع من الفيروسات ، وهم من تركوا مجتمع بأكمله تحت رحمة الكهنوت الذي شرعن وصمت وأسس ونظسر لهذا الإرهاب!

ليس الزوج المجرم وحده من أطلق النار ، ليس وحده من ضغط على الزناد ، ليس وحده من قرر إنهاء حياة إنسان .. الجميع مشترك والجميع مشارك ..

كم ضحية تلزم لإقناع هذه الدولة بالتحرك ، وكم جريمة تلزم لإقناع الكهنة بالتوقف ، وكم قطرة دماء تلزم لتهز هذا المجتمع.

ليس ترفا ولا قضية ثانوية ، هذا العنف .. الآن العديد من فتيات هذا المجتمع سترتعد فرائسهن خوفا من أن تكون هي الضحية القادمة ، العديد الآن منهن سيستوطن الرعب قلبها ونفسها وعقلها خشية أن تكون هي القربان القادم على مذبح الصمت والخذلان ..

لا بارك الله بكم وبجهودكم إن لم تكن حياة الإنسان هي الأولوية ..<br /> لا بارك الله بكم إن لم تكن دماء الأمهات هي القضية ..<br /> خابت مساعيكم إن لم تكن دموع أطفالهن ويتمهم هو الكارثة والمصيبة ..
رحم الله الضحايا ، والعار لكم.


هاشم العامر | كاتب

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى