مفكرون

” نشر هذا المقال فى جريدة الاهرام فى نوقمبر ٢٠١٢ وقت سيطرة…


” نشر هذا المقال فى جريدة الاهرام فى نوقمبر ٢٠١٢ وقت سيطرة الاخوان على الساحة السياسية .. فما رأيكم فيه يااصدقائى؟؟؟؟ ”

احذروا غليان الشارع

شريف الشوباشى

فى 10 نوفمبر 2010 اى قبل ثورة ٢٥ يناير بشهرين فقط كتبت فى هذا المكان حرفيا: ” ألا تدرك حكومة نظيف أن من مصلحتها ومن مصحلة الجميع تهدئة الغليان الذى يسود بين فئات عديدة فى المجتمع ونزع فتيل الغضب والاحتقان فى الشارع المصرى؟”
وأنا لا أدعى أننى كنت أتوقع اندلاع ثورة 25 يناير العظيمة التى قامت ضد حكم الفرد وضد هيمنة الأغنياء على مقدرات الشعب لكنى كنت استشعر لدى كتابة هذه السطور قبل الثورة بشهرين أن الشعب المصرى قد فاض به الكيل ولم يعد يطيق الظلم وحياة الاستكانة. كنت أحس كغيرى أن الشعب المصرى نضج خلال العقود الماضية ولم يعد يتقبل أن تضحك عليه السلطة وتخدعه بالتصريحات المخدرة والوعود البراقة. كان قد تنامى لدى شعور داخلى بأن البلاد حبلى بتغيير كبير لكنه لم يكن بوسعى أن أتخيل ما هو. وكانت ثورة 25 يناير التى أثبتت أن الشعب المصرى حمول وصبور كالجمال لكنه كالجمال أيضا عندما ينفجر يكون كالبركان الهادر ومن الصعب على أى قوة أن توقفه.
واليوم وبعد قرابة عامين من نجاح الثورة وتولى سلطة جديدة كان زعماؤها يُلقون أحيانا فى السجون ويُتركون أحيانا يمارسون دعوتهم بشرط عدم التعرض للسياسة، اليوم يحق لنا أن نتساءل: هل تغيرت حياة الناس اليومية للأحسن؟ هل الإنسان المصرى أكثر سعادة الآن بعد الثورة؟ هل يشعر بالأمل والتفاؤل وبإمكانية غد أفضل بعد عقود من الكبت والامتيازات الفادحة والفقر والجهل وغياب أقل قدر من المساواة بين المواطنين؟
الإجابة التى أقولها بالفم المليان هى: “لا”. بل أضيف أن مشكلات الشعب قد تفاقمت وارتفعت الأسعار بصورة جنونية وزادت البطالة وأصيب الجميع بخيبة الأمل والإحباط وصارت مشاعر القلق والخوف من المستقبل هى المسيطرة على المواطن البسيط وغير البسيط.
وقد وصل الأمر إلى أن البعض صار يردد أن أيام مبارك كانت أفضل ويتمنى صراحة عودة النظام السابق، وهذا فى رأيى كلام مرفوض وخطير. فهذا معناه أنه محكوم على الشعب المصرى أن يختار بين دولة بوليسية يُطحن فيها الضعفاء والفقراء وبين دولة تقوم على مرجعية دينية تقمع فيها الحريات باسم الدين والإسلام برىء من تلك المفاهيم.. معناه أن قدر مصر يقضى بأن تخرج من نظام فاسد لا يتمتع بأية شرعية مستمدة من الشعب لتجد نفسها تحت مظلة نظام ينبنى على مفهوم منغلق للدين يستلهم قوانينه وقواعد التعامل فيه من تفسير قاصر ومحدود للقرآن والسنة؟
هل محكوم علينا أن نختار بين نظام دكتاتورى عسكرى ونظام شمولى دينى؟ ألا يوجد طريق ثالث تحترم فيه آدمية المواطن المصرى ويشعر أنه يمتلك مصيره وأنه قادر على تغيير مستقبله بيده ويصير المجتمع محكوما بقوانين ومبادىء تتلائم مع القرن الحادى والعشرين مثل حقوق الإنسان وحرية التعبير؟ متى يكون لدينا مثل باقى الدول المتقدمة والصاعدة حياة سياسية مستقرة بها توجهات واضحة ورؤية للمستقبل وبرامج اقتصادية واجتماعية وبها أحزاب تمثل التوجهين اللذين يحكمان العالم اليوم وهما اليمين المعتدل واليسار المعتدل؟
من يسير فى الشارع المصرى الآن ينتابه شعور بالجزع. أصبحت أكوام القمامة والقاذورات جزء من المشهد المعتاد وأصبح الناس يألفون ويتقبلون مظاهر القبح والفوضى ويعتبرون الصراخ والشتائم والتحرش بالفتيات والسيدات أمرا عاديا لا غبار عليه. وعندما تركز فى عيون الناس تشعر أنه تنبعث منها مشاعر غضب كامن وحيرة بسبب العجز عن تلبية أبسط احتياجات الحياة بعد عقود من نظام تعليمى فاسد وإعلام رسمى وغير رسمى اضطلع بمهمة تخريب العقول ولا زال يقوم بدور إثارة البلبلة والفرقة ويغذى نزعات التطرف والغلو وكراهية الآخر. الفارق بين اليوم وما قبل 25 يناير 2011 هو اختفاء الشعور بالعجز وقلة الحيلة، فقد تولد الوعى لدى المواطن العادى بأنه قادر على تغيير الواقع والإطاحة بالسلطان.
مصر العظيمة تستحق أفضل من هذا بكثير. فاحذروا غضب الشعب.. احذروا غليان الشارع.

يمكنك دعم الموقع من هنا
مؤسسة ندى لحماية الفتيات

‫2 تعليقات

  1. من فاشية مبارك للفاشيه الدينيه
    الاتنين وجهين لعمله واحده
    البلد محكومه بمنظومه دستوريه دينيه قمه في التخلف والقبح،
    دعوه؟ دعوه لماذا؟ ودعوة من؟
    تلك المنظومة القذره لابد من هدمها وتفكيكها ، والبدا في انشاء منظومة دستوريه علمانيه راقيه ، هذا اذا أرادوا الاحتفاظ ببلد متماسك
    قبل النهايه الحتميه، والتي لم تكون لها مثيل في حالة مصر ،وستكون فريدة من نوعها، ولن تعود بعدها أبدا

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى